من الأرشيف .. نوال السعداوي حلالة مشاكل و “بتوفق راسين في الحلال”

أثارت الكاتبة والمفكرة الراحلة الدكتورة نوال السعداوي الكثير من الجدل بسبب كتاباتها وأفكارها في حياتها، وهو ما سبب حالة من الاختلاف الشديد بعد وفاتها بين مؤيديها ومعارضيها، لتصبح الطبيبة المصرية رمزًا مستمرًا للنقاش سواءًا في حياتها أو مماتها.

نوال السعداوي والعيادة النفسية

وما لا يعرفه الكثير أن نوال السعداوي كانت تمارس الطب النفسي عن طريق الصحافة أيضا، وذلك على صفحات مجلة “الكواكب” في ستينيات القرن العشرين، حيث كانت ترد على مشكلات القراء في باب “العيادة النفسية” أسبوعيًا.

في عدد “الكواكب” الصادر في الثاني من أكتوبر عام 1962، ردت نوال السعداوي على ست مشكلات بعث بها القراء إلى باب “العيادة النفسية”، وكان في نصائحها الحرص على مصلحة أصحاب المشكلات، ومحاولة إرشادهم إلى الحل الأصلح لهم دون أي تطرف فكري.

شاب عديم النخوة

وكان من ضمن رسائل بريد القراء للدكتورة نوال السعداوي، قصة عجيبة لشاب فقد النخوة وتعطلت بوصلته الاخلاقية، بعد تعرضه للظلم من أهل الفتاة التي كان يحبها، فما كان منه إلا أن انتقم منهم في شخصها بأن أفقدها عذريتها.

اقرأ أيضًا 
الجاهل جريء لذلك يكتب : اختلف مع نوال السعداوي

وبعث الشاب يسأل: “المشكلة أن الفتاة تمنعني من أن أصارح أهلها بشيء لأن مصيرها سيكون القتل لا محالة، كما أنها ترفض أن أتزوجها دون علمهم ثم نضعهم أمام الأمر الواقع، وهي تقول لي لو أن أحد عرف هذا الموضوع سانتحر بعد أن أكذبك، وانا حائر لا ادري كيف أتصرف، علما بأني على استعداد لأفعل أي شيء من أجل هذه المسكينة”.

وجار رد نوال السعداوي عليه هادئا وإن كان يحمل تعنيفها على ما فعله، حيث كتبت: “لا شك أنك أنت الذي عقدت الأمور حين انتقمت من شخص الفتاة التي تحبها هذا الانتقام الفظيع الذي يكفي لأن يحطمها ويقتلها نفسيا، وبالطبع يقتل الشعور بك، لأنها سوف تشعر أنك لم تحافظ عليها، ولست خليقا بأن تشاركها حياتها وروحها، ورأيي أن الحل لن يكون إلا بأن تصالح أهلها وتنسى كل إساءاتهم إن كانت هنك إساءات، من أجل الفتاة التي أحببتها وحطمتها في نفس الوقت”.

واستكملت السعداوي ردها: “افعل كل شيء وأي شيء في سبيل الاتصال بأهلها لتخطب فتاتك منهم وترد إليها كرامتها وطمأنينتها، ولا تذكر ما كان بينك وبينها لأحد، فإن ذلك هو التكفير الوحيد لخطئك الكبير معها”.

نصائح نوال السعداوي

وتستمر نصائح نوال السعدواي على صفحات “الكواكب”، حيث حذرت شابا من تطور علاقة حبه بفتاة لها شقيقة كبرى متعددة العلاقات الشبابية، وطلبت منه أن يراقب فتاته جيدا، خصوصا وأنها تدافع عن شقيقتها كلما أخبرها أنه لا يعجبه أمرها، كما حذرته من أن الفتاة قد تسلك مسلك أختها في المستقبل.

إقرأ أيضا

الحج في الأدب المصري .. بين دهشة “الغيطاني” وعزيمة “هيكل” وفوبيا “محفوظ”

أما الطفلة ذات الـ 13 عاما، فلم تخشى نوال السعداوي أن تحدثها بقلب وعقل أم حقيقية، حينما أرسلت تسألها عن مشكلة عاطفية بينها وبين طالب في السادسة عشرة من عمره تسببت في ذهاب والدته إلى المدرسة واتهامها لها بأنها تشغله عن الدراسة.

حيث ردت السعداوي: “أنت لا زلت طفلة لا تفهم شيئا في امور الحب، وليس من صالحك أن تشغلي نفسك بمثل هذه الأمور التي تعرض مستقبلك للضياع، فكري في دراستك، فكري في أن تتفوقي على زميلاتك في المدرسة، اصنعي لنفسك هدفا في الحياة وهو أن تكوني فتاة مثقفة لها عمل ممتاز يفخر بها الناس، وليس فتاة سيئة السمعة فاشلة في دراستها تسعى وراء الرجال”.

رأسين في الحلال

ومن الرسائل الطريفة لنوال السعداوي، كانت رسالة شاب في الرابعة والعشرين من عمره، والتي كتب يطلب فيها الزواج من فتاة صاحبة مشكلة تم نشرها في عدد سابق من الكواكب، لترد  السعدواي كاتبةً: “إني انشر رسالتك، فإذا ما قرأتها الفتاة صاحبة المشكلة ووافقت عليها فيمكنها أن تتصل بي عن طريق المجلة لأعطيها عنوانك الذي أرسلته حتى يمكنها الاتصال بك إذا أرادت”.