همتك نعدل الكفة
2٬126   مشاهدة  

من شخص يرتعش لسيرة المثلية إلى سارة حجازي .. الله يرحمك أنا أشعر بك لأني اعيش الشقاء مكانك

سارة حجازي
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



إلى اخوتي :

حاولت النجاة وفشلت ، سامحوني

إلى أصدقائي:

التجربة قاسية وأنا أضعف مِن أن أقاومها .. سامحوني

إلى العالم:

كنت قاسيًا إلى حد عظيم ولكني أسامح

سارة حجازي

بهذه الكلمات البسيطة ودعت الناشطة سارة حجازي الدنيا انتحارًا ، تركتها ولا أعتقد أنها كانت تريد أكثر من أن تموت في هدوء ، بلا صخب ولا قيل ولا قال ، ولا دخول في نقاشات عن اختياراتها في هذه الدنيا الصغيرة ، ولا فتح ماسورة تفنيد اتجاهاتها وتوجهاتها ، ولا تكفير ولا مغالاة في التحيز .. تركتها فقط .. لكن حدث ما هو كان متوقعًا وأن فُتح باب الجدال على مصرعيه.

وحينما تطرح رأيك في موضوعات كتلك ، فكأنما رجل أعزل يقف أمام ثلاث أشخاص يمسكون له السكين ، الأول يمسك له سكين الحلال والحرام وعدم جواز الترحم عليها، والثاني يمسك له سكين الحرية ويتسائل : كيف لك أن تنتقد المثلية بعد أن انتحرت هذه الفتاة التي عاشت عمرها مؤمنة بهذه القضية ؟ .. والثالث رجل متخبط على استعداد أن يضربك بالسكين في حين اخترت أيًا من الاختيارين .. باختصار أنت وسط بحر من النيران به بعض قوالب الطوب الصغيرة التي يجب أن تخطي عليها كي تخرج إلى البر!

 

السكين الأول:

 

بشكل فطري بلا فلاتر الحلال والحرام وحينما تسمع أن روحًا انهت خدمتها وصعدت إلى السماء ، سواء أكانت هذه الروح قد شقيت في دنيتها أو عاشت منعمة ، سواء كانت هذه الروح ملكًا لرجل أو امرأة أو شيخ أو صغير أو كبير ، أو حيوان، سوف تقول بشكل تلقائي : الله يرحمها ! ، ولا أعتقد أن الله يرفض أن يترحم الإنسان على أخيه الإنسان أيًا كان نوع الاختلاف الذي يفرقهما ، وهذا الترحّم على كل حال لن ينتظره الله مخصوص لكي يرحم فولان أو علّان ، الله قادر على تنزيل رحمته على إنسان لم يترحم عليه واحدًا من الناس، وقادر على أن يعذب إنسانًا تترحم عليه جميع الكائنات ..  أنا هنا أحدثك عن نيّة الخير الذي ينويه الإنسان السوي لإنسان مثله .

 

السكين الثاني:

هذه المسألة بالأخص تحتاج أن تقرأها أولًا بحسن نيّة ، وبلا تصيّد ، لأن وجهة النظر هذه على تماس واضح مع نقيضها  … أنا وكثيرين ضد المثلية بشكل واضح ، وضد تقنينها، وضد تمريرها بأي شكل من الأشكال سواء أكان بشكل واضح أو حقنًا من تحت الجلد ، بل يصل الأمر إلى أن الأعصاب ترتعش حينما تأتي تلك السيرة … وتصريحك بهذا بشكل واضح يضعك تلقائيًا في خانة المعادين للحرية والإنسانية عند بعضهم .. لكن الحقيقة أن شيئًا من الحجر يمارس عليك وعلى آرائك ، ولا أريد أن أقول أن هذه الحكاية داعشية المنطق لأن لا شئ يشبه الدواعش ، لكن على الأقل هو منطق يتخلله بعض من هواء الدعشنة ، وليس معنى أنك ضد المثلية ألا تترحم على تلك الفتاة الرقيقة التي لم تقدر على مقاومة الحياة (من وجهة نظرها) فأنهت حياتها بيدها ، وليس معنى أنك ضد المثلية أن تتمنى الشر لهؤلاء الذين اختاروا طريقًا … لاحظت أن مجموعة من أصدقائي وضعوا علم الرينبو كصورة بروفايل مع إن هؤلاء كانوا من الرافضين لهذه الفكرة بتاتًا .. حقًا إنهم خضعوا للابتزاز باسم الحرية ، ولا أعتقد أن تأييدهم هذا صادقًا ، لأنه تأييدًا أكبر من حجم دوافعه !

إقرأ أيضا
الصوم المسيحية

 

السكين الثالث

هناك رجل يقف دائمًا ينتظر ما تقول حتى يطعنك ، إذا ترحمت عليها فأنت تترحم على من لا تجوز عليه الرحمة .. إذا لم تترحم فأنت رجل بينك وبينك الإنسانية ما صنع الحداد ، وإذا تركت الحكاية كلها وصمتت فأنت شخص عجيب جدًا لا تستحق أن يكون عندك فيس بوك .. نحن الآن مسعورين يجب أن يصيبك السعار أيضًا !

 

سارة حجازي
سارة حجازي

أخيرًا أريد أن أهمس في أذن تلك الفتاة التي انتحرت اليوم : هناك أناس لم يفهموا ما كنت فيه من شقاء، هناك من استغل صعود روحك للبس ثوب الوعظ، وهناك من استغله لتمرير أفعالًا لن تمرر إلا في ظروف كتلك، هناك من تحجر قلبه ونعتك بأبشع الألفاظ وأنت بين يدي الله ، وهناك من يبكيك بعين وبالعين الأخرى يبكي ليمرر أفكاره التي لن تمر إلا في ظرف إنساني كهذا .. وهناك من يبكي بعينيه لصعود فتاة في عمر الزهور إلى السماء دون النظر لمن تكون وماذا فعلت وكيف ستكون .. نحن الذين لم نخضع لهمجية هؤلاء ، ولا لخبث الآخرين ، نحن الذين لم تقطع معهم الشعرة الرفيعة الحائلة بين الرحمة والابتزاز .. نحن من نشعر بكِ حقًا لأننا نعيش الشقاء مكانك!

 

الكاتب

  • سارة حجازي محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
9
أحزنني
1
أعجبني
8
أغضبني
8
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان