من هي ثريا جبران الفنانة والوزيرة بدرجة مناضلة؟
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
رغم رحيلها أمس عن عالمنا، إلا أن سيرة الفنانة ووزيرة الثقافة المغربية السابقة ثريا جبران ستظل مضيئة مثل النجوم، لا في مجال الفن والثقافة فحسب، ولكن أيضًا في تاريخ انتصارات النساء العربيات اللاتي استطعن أن يحتلوا مناصب هامة في بلادنا التي لا يحصل فيها النساء على فرص بسهولة.
ثريا جبران طفلة عاشت وسط ملائكة
ولدت الفنانة ووزيرة الثقافة المغربية السابقة ثريا جبران في عام 1952 في منطقة (درب السلطان) بالدار البيضاء، واسمها الحقيقي هو (السعدية قريطيف)، لم تعرف ثريا في طفولتها مكان غير منزلها إلا (دار أطفال عين الشق) وهي جمعية خيرية لرعاية الأيتام التي كانت تعمل بها والدتها كمربية.
حيث كانت تذهب الطفلة إلى المؤسسة الخيرية التي كانت بمثابة بوابتها إلى عالم آخر غير عالمها الذي عرفت فيه طعم الفقد مبكراً بعد وفاة والدها وهي طفلة، وبعد ذلك عاشت ثريا جبران تحت رعاية زوج شقيقتها السيد جبران والذي اخذت اسمه لقب لها بعد شهرتها، كما عرفت خشبة المسرح من خلال مشاركتها في أعمال مسرحية بمشاركة أطفال الجمعية الخيرية التي كانت تعمل به والدتها.
سيف في فيلم آيس كريم في جليم وأحلامنا التي نقف دائمًا على أبوابها
منذ طفولتها اكتشفت الأم والمحيطين بها موهبة كبيرة في قلب وعقل هذه الطفلة الصغيرة، وفي سن العاشرة بدأت ثريا جبران خطواتها الحقيقية في عالم النجومية رغم صغر سنها، وذلك من خلال مسرحية باسم (أولاد اليوم) مع فرقة (الأخوة العربية) وانطلقت بعد ذلك إلى عالم مسرح الهواء في سن صغير للغاية.
رحلة ثريا جبران في السينما والمسرح
التحقت ثريا جبران في عام 1969 بمعهد المسرح الوطني بمدينة الرباط، فكان للمسرح المكان الأكبر في قلب ثريا، فشاركت في تأسيس عدد من الفرق المسرحية، من بينها (فرقة مسرح الشعب) و(مسرح الفنانين المتحدين)، كما أسست (مسرح اليوم) وقدمت للمسرح المغربي عدد كبير من المسرحيات التي أصبحت اليوم فصول هامة في تاريخه المسرحي، ومن أبرز هذه الأعمال مسرحية (العيطة عليم أعبد الرحمن) ومسرحية (الجنرال).
كانت ثريا جبران مهمومة بمناقشة قضايا هامة لمجتمعها المحلي مثل مناقشة قضايا المهمشين في المجتمع المغربي، وأيضًا مناقشة قضايا سياسية، مما جعل الإعلامين والفنانين المغربيين يطلقون عليها لقب (سيدة المسرح)، وكذلك هي واحدة بين عدد قليل للغاية من ممثلات المسرح الاتي قدمن مسرحيات مونودراما (المسرح الفردي) وذلك من خلال مسرحيتها (ياك غير أنا).
ورغم الرحلة الطويلة في عالم الفن، لم تقدم ثريا جبران إلا 8 أفلام سينمائية فقط، وهي:
1- بامو عام 1983.
2-الناعورة عام 1984.
3-غراميات 1986.
4-قصر الشوق عام 2001.
5-شفاة الصمت 2001.
6-غطش 2002.
7-الفراشة السوداء 2002.
8-عودة الورد 2007.
ثريا جبران والحياة السياسية
انطلاقًا من إيمان ثريا جبران بمسؤوليتها تجاه المجتمع المغربي، كانت رحمها الله ممثلة مثقفة وصاحبة مواقف سياسية واضحة ولم يتركها في ذلك زوجها المخرج عبد الله عوزري، فمنذ شبابها كانت ثريا منخرطة بأنشطة الحزب الاشتراكي المغربي، والذي كان في ذلك الوقت يجمع عدد من المثقفين المغاربة، وبسبب هذا الانتماء كان مسرح ثريا يقدم موضوعات ومحاكاة لقضايا سياسية واجتماعية كما ذكرنا من قبل، وبسبب مواقفها السياسية تعرضت ثريا جبران لمضايقات كبيرة وكان من المعروف بالنسبة لثريا والجماهير أنها عاشت فترة طويلة تحت المراقبة الاستخباراتية بسبب النقد المستمر للسياسات في ذلك الوقت.
عمار الشريعي.. سيرة أحد المجانين العظام وصاحب المتناقضات المرعبة
حتى أنها تعرضت في أوائل التسعينات إلى حادث مأساوي مازال لغز حتى اليوم، حيث كانت في طريقها للمشاركة في برنامج حواري على القناة الثانية المغربية، وقام عدد من المجهولين باختطافها وحلقوا لها شعرها وبعد ذلك تركوها على أحد الطرق كأحد أشكال العقاب على موضوعات مسرحياتها.
ثريا جبران أول وزيرة فنانة
رغم أنها حصلت على لقب (سيدة المسرح المغربي)، إلا أنها لقبت نفسها بقلب (بنت الشعب)، ونظراً لهذه المسيرة المشرفة التي كانت فيها ثريا صوت المهمشين، تم تعينها في عام 2007، لتكون بذلك أول فنانة مغربية وعربية تتولى منصباً حكومياً، بيد أن رحلتها الحكومية توقفت في سنة 2009، بعد أن أرغمتها حالتها الصحية وإصابتها بمرض السرطان على تقديم استقالتها، ولكن خلال فترتها الوزارية سلكت مسارها في مركز القرار الثقافي وتميزت بقراراتها الهامة التي تخص قانون الفنان وبطاقة الفنان والتغطية الصحية لكل المشتغلين في القطاع الفني.
جوائز وتكريم في حياة ثريا جبران
– حاصلة على وسام الاستحقاق الوطني من طرف العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.
– حاصلة على وسام الاستحقاق الوطني من درجة فارس من طرف العاهل المغربي محمد السادس.
– حاصلة على وسام جوقة الشرف الفرنسي من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية السابق نيكولا ساركوزي.
– حاصلة على وسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب من درجة فارس.
– حاصلة على الوسام القرمزي للأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم والآداب.
– تكريم من دولة فلسطين بمناسبة نجاح الدورة 16 لمعرض الكتاب.
– تكريم من جامعة جورجيا الأمريكية سنة 2017.
– تكريم من طرف منظمة الأمم المتحدة بتعاون مع جمعية ثقافات بلا حدود سنة 2018.
– تتويج من درجة عالية في مهرجان قرطاج الدولي سنة 2019.
ـ تكريم من طرف مهرجان المسرح العربي في القاهرة سنة 2008.
ـ تكريم من طرف الهيئة العربية للمسرح في الرباط سنة 2015.
ورحلت الفنانة والوزيرة المغربية السابقة ثريا جبران يوم 24 أغسطس 2020 عن عمر 67 عام بعد صراع طويل مع مرض السرطان، ونعتها وزارة الثقافة المغربية والعديد من الفنانين والشخصيات العامة المغربية والعربية.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال