همتك نعدل الكفة
549   مشاهدة  

إلى إسراء سيف ورامي يحيى .. من قارئ محب لموقع الميزان

الميزان


لا أخفي سعادتي بوجود هذه المساحة من الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية بين كتاب موقع الميزان ، وأقدر كل ما يبذله الموقع لتوفير مساحة من الاختلاف التي تجتذب نوعيات متباينة من القراء. وأعتبر نفسي كقارئ أحد أضلع المثلث (الموقع – الكاتب – القارئ) وأرجو أن يسمح لي الموقع أن أكمل صورة حرية الرأي في موقع الميزان.

لقد تناول موقع الميزان مقالا للكاتبة إسراء سيف حول تصريحات الفنانة رانيا يوسف واستخدامها لآيات القرآن في غير محلها وتحديدا “حول المؤخرة”، وتبعه مقال للكاتب رامي يحيى ينتقد المقال الأول ويتساءل “ليه عيب استخدام آيات ربنا في حوار حول المؤخرة؟”، فتبع ذلك رد آخر من إسراء سيف حمل توضيحا وتفنيدا لرد رامي يحيى وعنونته “لكل مقام مقال”، تبعه رد أخير من رامي يحيى – وذلك حتى وقت كتابتي لهذا المقال – بعنوان “الجمع بين الإبداع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجوز عقلا”.

وبعد قراءتي الشغوفة لهذا السجال الفكري بين كاتبين متميزين رأيت أنني كقارئ يمكنني أن أختلف معهما وأغلق الدائرة، عسى أن يرد علي أحدهما.  أبدأ بصاحبة الفعل الأول وصاحبة الحجر الذي حرك المياه الراكدة، الكاتبة إسراء سيف.

وهنا يجب أن أعلن اتفاقي معها في جانب واختلافي معها في جانب آخر، وأبدأ بجانب الاتفاق، فقد أصابت من وجهة نظري في انتقادها لتصريحات الفنانة التي استخدمت الآيات في غير موضعها، كما أصابت كثيرا في تقبلها للنقد والرأي المخالف وردها الذي حمل قدرا من السماحة والاتزان مع زميلها (ابن كارها) الذي اختلف معها على صفحات نفس الموقع.

لكنني أختلف معها في رأيها عن مناهضة الفنانة رانيا يوسف للتحرش، فكيف لمن تتصدى لمحاولات التحرش وتفضح المتحرشين أن تتقبل سؤالا متحرشا بهذه الأريحية، بل وتبادل المذيع التحرش اللفظي بسؤاله عن تميز مؤخرتها. فما فعلته من استهزاء بكلام الله سبحانه وتعالى واستخدامه في غير موضعه لا يعدو كونه أمرا طبيعيا أمام ما تفعله من تقبل لهذا التحرش اللفظي، وكنت أتمنى أن يتعرض المقال لحجم التناقضات التي تقوم بها هذه الفنانة ابتداء من معارضتها للتحرش من البعض وتقبلها للتحرش من البعض الآخر، فهل المذيع العراقي من حقه أن يتحرش بمؤخرتها؟ وهل خوفها على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والعراق يستدعي أن تهين مؤخرتها مع هذا المذيع؟ مرورا باستدعائها لكلام الله في القرآن ثم لا تعمل بكلامه في ما نشاهده من تصرفاتها؛ فحتى إن تجاوزنا عن فرضية الحجاب من عدمها، فهل أمرها الله الذي تستدل بكلامه أن يكون منها كل هذا العري الذي  يكون ملفتا للنظر في كل مهرجان سينمائي تحضره؟

كما أنني أختلف معها في وقوفها موقف المدافع عن إيمانها أمام كاتب آخر اتخذ موقف الإله وصنفها ضمن العوام الذين لا يعون ما يقولون. فأمر الإيمان من عدمه أمر يخص كل امرئ وذاته مع إلهه الذي يعبده. وكان أولى بها رفض هذا التصنيف دون أن يكون لها رد عليه، لأنه تصنيف يرهب ولا يوحي بتقبل الخلاف بل يوحي بالترصد واقتفاء أثر الكلمة.

أما عن الكاتب رامي يحيى الذي كانت مقالتيه بمثابة رد فعل المياه الراكدة لحجر إسراء سيف الملقى بها، فاختلافي معه أكبر بكثير من اتفاقي، فكلما وجدت شيئا أتفق معه عليه لا ألبث أن أجده يخالفه للنقيض فلا أجد بدا للاتفاق؛ فقد حمدت له في البداية حرصه على حرية الرأي لكنني وجدته يضع المخالفين في تصنيفات مشينة كالرجعيين والعوام وكأنه امتلك الحقيقة المطلقة، فبدلا من أن يتقزز ككل حر من التحرش اللفظي في السؤال والإجابة وجدته منبهرا برد الفنانة وقال بالنص أنها “سفلتته”. وجدته مستنكرا لموقف فتاة شعرت بالخجل أمام كلمات جريئة ولم يستنكر اللفظ الذي خدش حياء نفس الفتاة.

وبدلا من أن يستنكر إجابة الفنانة واستدعائها لآية في غير موضعها – رغم أنه استشهد في مقاله الأخير بالعديد من الآيات التي تستخدم في غير موضعها من العوام مما يعني أنه كان يترصد المقال ويتهم صاحبته بأنها لم تقرأ الكتاب الذي تقدسه وتغافل عن قول الفنانة الذي هو أبلغ دليل على كونها تتشبث بأقوال كتلك التي على مؤخرة الميكروباص ومحلات عصير القصب – نجده يؤكد أن الآيات تتحدث صراحة عن المقدمات بدلا عن المؤخرات، وهو استخدام آخر للنص في غير موضعه ماكان له أن يستخدمه أيضا لأنه قارئ للنص القرآني وله آراء كنت أتابعها على منصة الميزان عبر سلاسل من المقالات.

دعني أسألك سؤالا آخر كاتبنا الهمام، ماذا لو قامت نفس الفنانة بادعاء أن سواد البشرة شيء سيء واستدلت بآية في غير موضعها وقالت “يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ” (106 آل عمران) ألن يثير ذلك غضبك، ألن تعتبر ذلك عنصرية منها كونك كمعظم المصريين أسود البشرة، وهل كنت ترضى أن تستخدم آيات الله في غير موضعها؟ وأنت الشاعر وتعلم أن السواد هنا صورة مجازية وليست عنصرية من خالق الأبيض والأسود.. الإنسان والحجر “مكور الأشياء” على حد قولك.. ولا تفرقة منه بين خلقه على أساس اللون. هل الشعور بالعنصرية حق والشعور بالخجل رجعية وتخلف؟

وهل انتزاع الآيات من سياقها واستخدامها في غير موضعها حق لك (حينما استشهدت بكل آيات حفظ الفرج في مقالك الأول) ولرانيا يوسف (حينما استشهدت بآية سورة الضحى في لقائها التليفزيوني) ولبائعي عصير القصب وسائقي الميكروباص (كما استدللت في مقالك الثاني)، وليس من حق أحد أن يعترض على ذلك في مقال؟ وهل يجب أن تعترض الكاتبة إسراء سيف على كل هؤلاء أولا قبل أن تعترض على قول فنانة ملء السمع والبصروالإ تكون “بتستوطي حيطتها”؟ هل الاعتراض بالدور مثلا؟ وهل عدم قراءة تعليق سابق لنفس الكاتبة يعد مسوغا لاتهامها بالانتماء للمعسكر الرجعي.

كما أختلف مع الأستاذ رامي في عتابه للأستاذة إسراء “إنتي ماكتبتيش تدعمي موقفها من الحجاب”، وهل يجب أن تتفق الكاتبة مع رأي الفنانة ورأيك في الحجاب؟ فإن اتفقنا أن الأمر مختلف عليه، فأول القواعد الفقهية قبل الإنسانية أن المختلف عليه لا ينكر، وكون الكاتبة أو غيرها يؤمن بفرضية الحجاب فهو أمر غير مستهجن ولا يعاتب عليه ولا يلزم قائله أن يكون ضمن المعسكر الرجعي المتخلف. فكيف تطلب منها مالم تعلم أنت مدى قناعتها به؟ وهل يجب أن يكون في متن المقال دفاع عن الفنانة رافضة التحرش التي تقبل سؤالا متحرشا بالضرورة؟

الكاتب مدعي الحرية والتنوير كان أكثر إرهابا من الإرهابيين أنفسهم، فحينما لم يفلح اتهامه لها بكونها ممن لا يقرؤون ما يؤمنون به، اتهمها بالانتماء لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “لأن عندي تصور أن المبدعين عندهم ترتيب مختلف عن أعضاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر“.

إقرأ أيضا
شقو

ثم أدخلها تصنيفا آخر وهو “خندق أنصار الأسرة المصرية اللي حبسوا فتيات التيك توك”  وهو تصنيف مريب جدا، أنا أعرف أن الدولة هي التي حبست “فتيات التيك توك” وليس “تنظيم أنصار الأسرة المصرية”، فهل الدولة رجعية من وجهة نظر الأستاذ رامي يحيى؟ وهل هو من المعارضين للأسرة المصرية؟

من الواضح أيضا أن كل ما فهمه الأستاذ رامي من مقال الأستاذة إسراء أن “الفنانة احتمال تروح النار” وليس غيرتها على كتاب تؤمن به استخدم في غير موضعه، يا أستاذ رامي، هذا الأمر يكون بين المرء وربه أيا كان ربه الذي يؤمن به، ولا حاجة لأي إنسان أن يفتش عنها. أما عن اتهامه لنسبة “مش بطالة من الوسط الثقافي/الفني” بالرجعية، فهو أمر شديد الخطورة، فمن أعطى الأستاذ رامي كل هذا الحق في الحكم على الآخرين المختلفين معه في الرأي وتصنيفهم بكل هذا العنف؟

أخيرا، أشكر موقع الميزان إن أتاح لي هذه الفرصة وأشكره وأشكر الكاتبين على سعة صدرهما.






ما هو انطباعك؟
أحببته
14
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان