ميلوش فورمان .. مخرج غريبو الأطوار ومثيرو الجدل
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
رحل ميلوش فورمان خبر عادي، خاصة وأن أخر فيلم أخرجه ميلوش كان عام 2009، ولم يحقق شهرة أفلامه السابقة، الحقيقة أن الرجل الذي جاء من التشيك إلى أمريكا ليكون أستاذا للسينما، رغم قله إنتاجه السينمائي إلا أنه استطاع ببساطة أن يضع بصمة لا يمكن أن تمحى في روح كل محبي الفن السابع في العالم.
من البداية وخلال 13 فيلم أخرجه ميلوش فورمان، نجد ان هذا الرجل قد وقع في حب الشخصيات المثيرة للجدل وربما المهمشة تاريخيا أو التي لم يتم التطرق إليها كثيرا، كان يحمل معولا ويسير تجاه أي شخصية تحمل الدراما التي يفضلها في سيرتها.
ربما فيلمه مع جيم كاري man on the moon، الذي تناول فيه سيرة الكوميديان الأمريكي غريب الأطوار أندي كوفمان، أبرز مثال على ذلك، فحينما أطلق فورمان الفيلم كان كوفمان مجرد شخص حاول أن يكون كوميدي ونجح بعض الوقت ولكن لم يتطرق أحد أبدا لسيرته الذاتية.
سيرة كوفمان الذاتية وفق رواية ميلوش فورمان في فيلمه تشير إلى رجل غريب الأطوار، مليء بالموهبة يرى العالم كله مهزلة يجب أخذها على محمل الجد، مهزلة تدقع للغضب، فكان كوفمان الغاضب دائما المثير للجدل والدهشة في البداية، حتى تستسيغه وتفهم كوميديته، وكيف عانى هذا الرجل، فورمان في فيلمه استطاع أن يلفت انظارنا إلى ذلك الكوميديان الأمريكي لنعيد النظر فيما قدمه.
ولماذا نذهب بعيدا في فيلمه Amadeus الذي يروي السيرة الذاتية للموسيقار العبقري موزارت، جعلنا ميلوش فورمان أولا نعيد اكتشاف موزارت وكيف كان هذا الرجل العبقري غير مقدر في وقته ولم يقدره سوى منافسه وحسب، بينما الأن موزارت هو أحد المتربعين على عرش الموسيقى الكلاسيكية في العالم أجمع.
ولكن الأهم هو أن ميلوش فورمان جعلنا ننتبه للموسيقار الفذ هو الأخر أنطونيو سالياري، ونعيد اكتشافه، وبالنظر سنجد أم موزارت هو الأخر غريب الاطوار، وحياته مليئة بإثارة الجدل والاختلاف والشطط أيضا وكأن ميلوش فورمان يذهب دائما تجاه تلك الشخصيات ليصنع عالم متكامل من مثيرو الجدل وغريبو الأطوار.
ولما لا وأول فيلم قدمه للجمهور وحقق له شهرة كبيرة في العالم أجمع فيلم يدور داخل مصحة نفسيه يحمل واحد من أكثر أسماء الأفلام تميزا واختلافا one flew over the cuckoo’s nest، أحدهم طار فوق عش الواق واق، الفيلم الذي حمل جاك نيكلسون لمنطقة أكثر ثراء في مسيرته الفنية.
حينما تدور الأحداث داخل مصحة نفسية ويكون الأبطال مجموعة من المختلفين وغربيو الأطوار، يناقش فورمان كيف يمكن أن تضع شخص داخل تلك المصحة فقط لأنه مختلف، لنكتشف أن أكثر شخص يعاني من الجنون وغرابة الاطوار هو ” الممرضة ” في تلك المصحة، فلسفة شديدة التعقيد يناقشها فورمان ببساطة شديدة وهدوء وصدق، ليحصد أو جائزة أوسكار له بفضل ذلك الذي طار فوق عش الواق واق.
المتأمل والناظر بشكل متفحص للعالم الذي صنعه ميلوش فورمان، ستجد ان هناك دائما غريبو الأطوار، في كل أفلامه تجد هذا الشخص حتى في فيلم The People vs. Larry Flynt، وفيلم Goya’s Ghosts، لتظهر حدود عالم ميلوش فورمان بوضوح عالم يدافع عن كل ما قد نراه مثير للجدل وغريب الأطوار، وكيفي يمكن أن تخرج من هذا العالم بدراما سينمائية مختلفة ومميزة للغاية.
رحل ميلوش فورمان وترك غريبو الأطوار المثيرين للجدل، رحل الرجل الذي جعلنا نعرف أماديوس ولاري فلينت وأندي كوفمان وجويا، ونطير فوق عش الواق واق بدل المرة مرات.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال