نساء في زمن الرسول (10).. رفيدة الأسلمية أيقونة التمريض و ملهة لعاملات هذه المهنة

رفيدة الأسلمية  الأنصارية أول ممرضة في الإسلام، خصص لها النبي صلى الله عليه وسلم خيمة لها في المسجد النبوي لمداواة المرضى، و وُضعت ضمن قائمة الملهمين لمهنة التمريض في العالم، سنتناول قصتها في سلسلة ” نساء في زمن الرسول”.

من هي رفيدة الأسلمية الأنصارية 

رفيدة الأسلمية  الأنصارية من قبيلة أسلم من أهل المدينة، و كانت من أوائل أهل المدينة إسلامًا، فقد جاء في الأثر أنها أسلمت بعد حوار دار بينها و بين سيدنا مصعب بن عمير ، عندما كان سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

عندما قدم رسول الله إلى المدينة كانت من النساء اللواتي خرجن لاستقباله، فبايعته صلى الله عليه وسلم و عرضت عنده مهاراتها في الطب متبرعةً بها بما ينفع المسلمين .

وكانت أول غزوة شاركت فيها” رفيدة”  هي غزوة الخندق، حيث أقام صلى الله عليه وسلم للمسلمين خيامًا يُمرضَون فيها حال إصابتهم على عكس ما كان من عادة العرب من قبل إذ أنهم كانوا حينما يصابُ لهم مقاتل يرسلونه إلى أهله فيتدبرون أمره .

أول مستشفى عسكري في الإسلام 

حُملت مواد التمريض من قماش و أعشاب و مواد طبية على الجمال، و سيقت إلى خيمة رفيدة ، و قامت بتدريب عدد من الصحابيات على أمور التمريض لكي يعينوها في عملها و أولهن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فأسست هي والصحابيات التي عملن معها فريق عمل تطوعي في مجموعة خيام تشبه مايسمى في أيامنا هذه المستشفى العسكري الميداني .

انقذت السيدة رفيدة حياة سيدنا “سعد بن معاذ” إثر إصابته في غزوة الخندق بسهم في كتفه كما جاء في الرواية: (لمّا أُصيبَ أَكحُلُ سعدٍ يومَ الخندقِ فثقُل حوَّلوه عند امرأةٍ يُقال لها: رُفَيدةُ، وكانت تُداوي الجَرحى، فكان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا مرَّ به يقول: كيف أمسيتَ؟ وإذا أصبحَ قال: كيف أصبحتَ؟).

خيمة للتمريض في مسجد النبي 

لم يقتصر عمل السيدة رفيدة على فترة المعارك و الغزوات فقط، فقد أسس لها رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة ثابتة للتمريض ضمن المسجد النبوي الشريف، وكانت تطوف على الأطفال المحتاجين و المرضى و كل ما تلزمه رعاية طبية، تقوم على شؤونهم وترعاهم وتقدم لهم المساعدة .

كان صلى الله عليه وسلم يشيد بعملها ويقسم لها من غنائم المعارك سهم رجل مقاتل .

إقرأ أيضا

ميلاد المسيح بين ما ترويه المسيحية والإسلام

استدل الفقهاء من عمل رفيدة الأسلمية جواز خوض المرأة لغمار الطب وجواز تطبيبها للرجل كما أفتى بعض العلماء بجواز نصب خيام التمريض في المساجد عندما تدعوا الحاجة.

و تعتبر السيدة رفيدة أيقونة في علم التمريض و ملهمة لكثير لأهل هذه المهنة في عصرنا الحديث ، و وصفتها الممرضة البريطانية بيسن سيفتر فقالت:” لتستلهم من بعض أبطال التمريض الذين سبقوك ، وقد ترغب في البحث عن أسمائهم الشهيرة مثل رفيدة الأسلمية و نانسي روبرت، فذكرت رفيدة الأسلمية ضمن ألمع الأسماء في تاريخ التمريض وفي عصرنا الحديث أيضا سميّ عدد كبير من المدارس و المستشفيات باسم رفيدة الأسلمية الأنصارية، كما منحت جوائز و أوسمة تحمل اسمها أيضا في مصر والكويت والسعودية وكثير من بلدان العالم .

كتب الشاعر المصري أحمد محرم قصيدة رائعة من ٢٤ بيتا تشيد بعمل رفيدة وجهادها نذكر منها قوله:
رفيدة علّمي الناس الحنا ن
وزيدي قومك العالين شأنا
خذي الجرحى إليك فأكرميهم
وكوفي حولهم آنًا فآنا
رفيدة جاهدين ودعي الهزيمة
فما شرف الحياة لمن توانى
رفيدة ذلك الإسلام حقًا
تبارك من هداك ومن هدانا
رضي الله عن السيدة رفيدة، وجزاه الله خيرًا عن كل مريض داوته، ولنا فيها أسوة حسنة.