ننه هو .. عندما تفقد الـ «دوللي » قدرتها على التعبير
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أتذكّر جيدًا، وتتذكرون، ذلك المشهد العبقري في فيلم “الفرح”، وهو فيلمًا مصريًا من إنتاج صيف عام 2009، وضمّ عددًا من الأبطال ثقال الموهبة وخفيفي الدم معًا، من ضمنهم خالد الصاوي، وماجد الكدواني، ودنيا سمير غانم، وآخرين .. وفي القلب من عبقريته مشهد له من التوثسق عن طريق الكوميكس والقفشات الكثير .. عندما كانت الراقصة “نوجا” التي لعبت سوسن دورها بتمكّن قد لكمها بطل الفيلم “الريس زينهم” عدة لكمات للتو، فأفسد مكياجها وتلف وجهها حتى إنها لم تعد تصلح إلّا للتسول الممنهج على الأرصفة .. ومع ذلك صعدت على المسرح لترقص لأغراض أكل العيش في وسط تهليل من الحضور، وقدمّها نباطشي المسرح “العسلي” والذي تقمصه ماجد الكدواني أكثر من الطبيعي، قائلًا : “حاااا سب يا عم .. وقّف النُقطة وريّح وقابل يا عم .. حمد الله على سلامة رقاصة مصر الأولى .. نوجا .. نوجا .. أغلى فصيلة دم في السوق .. لحمنا الابيض .. نوجا يعني الكرامة والجدعنة .. نوجا مناخيرها لفوق .. نوجا يعني الغرور .. نوجا يعني عصر النهضة .. كلاسيكيات الرقص الشرقي .. واكشفي يا نوجا عن تضاريسك … ” ودخلت نوجا في مشهد رقص مأساوي .. يبكيك ويضحكك بنفس القدر والحدة !
لم نجد مشهدًا أكثر توصيفًا في الدقة والشعور عن كليب “ننه هو” الذي صدر عن الفنانة دوللي شاهين منذ يومين تقريبًا .. وهو كليبًا يمكننا أن نضعه ضمن منهجًا دراسيًا بعد خمسون عامًا تقريبًا لوصف الحالة الغنائية الموجودة الآن .. فقد جمع الكليب كل عناصر السخافة، ومحاولة استخفاف الدم، والصوت النشاز، والكلمات المبتذلة، والصورة الفقيرة التعيسة، ومحاولة الإغراء التي تجلب الضحك والشفقة أكثر ما تجلب الانجذاب والتفاعل .. حتى التريند الذي كان هدفًا لصناع الكليب قد فشلوا فشلًا باتًا في اقتحامه، ولمن لا يعرف فقد كانت دوللي شاهين مشروع نجمة في منتصف الألفينات ولعبت دور البطولة في أكثر من عمل فني .. حتى لو إنها فنانة متواضعة على مستوى الأمكانيات التمثيلية من وجهة نظر البعض، فكل الاسترخاص (كوم) وهذا الكليب (كوم) آخر !
لم تكتفِ دوللي وباقي صناع الكليب بوجبة السخافة الكومبو الساخنة .. لكنهم وقعوا في خطأين لا نعلم كيف هربا من المسؤولين عن توثيق وترخيص كلمات الكليب .. وذلك عندما مارسوا التنمر بشكل واضح قائلة : “حبيب من غير عربية .. سنكوح من غير شرابات”، وهي لهجة لا تجدها في أكثر الأسواق شعبية في العالم، حيث خلت من الإيفية الخفيف ومحاولة النكش الممزوجة بلمحة فنية كما هي العادة في التراكات حاليًا .. وثاينهما عندما قالت “يا تخين وفيراري وفيلا وبيتاجر في الآثارات” وهي كلمات تحمل من الفجاجة والمباشرة والعنف ما يجعلها مثالًا حيًا عن استسهال صناعة الأغنية .. وبعيدًا عن النظرة الأخلاقية فإن يوتيوب يجب أن يصنع جزءًا خاصًا في الأبلكيشن على شكل سلة قمامة، بحيث يمكن للجمهور أن يضعوا فيه تراكات الموسيقى التي استخفت بهم كنوع من العدل في إبداء الرأي !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال