همتك نعدل الكفة
125   مشاهدة  

نهر النيل.. فياضٌ في أسماءه كخيراته

نهر النيل


“مصر هبة النيل”.. “النيل شريان الحياة” عباراتٌ كثير ما نرددها فقد ترعرعنا عليها وأصبحت في وجداننا، حيث كان لنهر النيل فضلٌ كبير في ظهور الحضارة المصرية القديمة وتميزها بين باقي الحضارات الإنسانية، كما كان للنيل اليد الطولى في استقرار المصريين القدماء وتحضرهم فقد سكنوا ضفافه واهتموا بالزراعة وشقوا الترع ثم بدأوا باختراع الأدوات التي تساعدهم على الزراعة كالشادوف والساقية والنورج، وظلت الحضارة المصرية تتطور في الزراعة والصناعة بمرور العصور إلى أن أصبحت مِصر بلد زراعية صناعية ذات ريادة وسيادة.

ولِعِظم دور نهر النيل في حياة المصريين فإنهم كانوا يقدمون له القرابين كل عام وذلك بإلقاءهم لفتاة جميلة في النهر كي يأتيهم الفيضان محملًا بالخير على الأراضي الزراعية فينقذها من الجفاف ويمدها بالطمي والسِماد، وبمجيء الإسلام تحررت القبائل من هذه الخرافات الوثنية لكنهم استمروا في الاحتفال بالنيل كل عام، وكذلك لم يغفل المصريون عن التغني بالنيل وجعلوا له حظًا كبيرًا في أغنايهم التراثية، كما أن الشعراء ألفوا في وصف جماله وعد خيراته التي لا تعد ولا تحصى القصائد والأشعار، قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

 

مِن أَيِّ عَهدٍ في القُرى تَتَدَفَّقُ
وَبِأَيِّ كَفٍّ في المَدائِنِ تُغدِقُ
وَمِنَ السَماءِ نَزَلتَ أَم فُجِّرتَ مِن
عَليا الجِنانِ جَداوِلاً تَتَرَقرَقُ
وَبِأَيِّ عَينٍ أَم بِأَيَّةِ مُزنَةٍ
أَم أَيِّ طوفانٍ تَفيضُ وَتَفهَقُ
وَبِأَيِّ نَولٍ أَنتَ ناسِجُ بُردَةٍ
لِلضِفَّتَينِ جَديدُها لا يُخلَقُ

 

تعدد أسماء النيل.. كل إقليم ينضح بما فيه

يعد نهر النيل من أطول الأنهار في الكرة الأرضية حيث يبلغ طوله ٦٦٥٠ كيلو متر، ويغطي مساحة تقدر ب ٣,٤ مليون كيلومتر مربع، ويغذي ١٠ دول تسمى دول حوض النيل وهي تنزانيا ورواندا وبوروندي وأوغندا والكونغو وإريتريا وكينيا وإثيوبيا وجنوب السودان والسودان ومصر، وفي العصور القديمة كان كل إقليم يمر به النيل كان يطلق قاطنيه اسمًا عليه يعبر عنهم اعتقادًا بأن هذا النهر خاص بهم فهو يدخل إلى أراضيهم ويخرج منها ولا يفيض بخيراته على أي إقليم، لذا أُطلق عليه أسماء كثيرة لا حصر لها منها:

 

– حابي: أي إله الفيضان فقد كان الفراعنة يعبدون النيل ويقدسونه لما كان يحمله الفيضان من خيرٍ عظيم، فاعتمد المصريون عليه في الشرب والري واستخدموا طميه في الزراعة لخصوبة الأرض، حيث يحمل النيل حوالي ١١٠ مليون طن من الطمي سنويًا ويأتي معظمها من الهضبة الحبشية.

– حعب: فقد أطلق على فرع الوجه البحري “حعب محيت”، أما فرع الوجه القبلي كانوا يطلقون عليه “حعب رسيت”.

 

– حعبي: والذي نقش على حجر كانوب الموجود حتى الآن بالمتحف المصري في القاعة حرف T تحت رقم ٩٨٠، وكتبت تحته العبارة الآتية “إن النيل حعبي نقص نقصًا عظيمًا في عهد الملك بطليموس”، وزال اسم حعبي بعد أن انتهت عبادة النيل وأطلقوا عليه لفظ البحر أو النهر، فقد ذكر في قرار ممفيس بلفظ “إل” أي النهر باللغة الديموطيقية وهي لغة الشعب حينها وجاء في القرار أن فيضان النيل كان منخفضًا في السنة الثامنة من حكم الملك بطليموس أبيفان.

 

– أيوما: وتعني اليم أو البحر وقد أطلق على النيل في الجانب الغربي وقد ذكر هذا الاسم في قصة مصرية قديمة مكتوبة على بردية تعود لعصر الملك سيتي الثاني والتي تدعى “قصة الأخوين”، وهي محفوظة بالمتحف البريطاني.

– وعر: يدل هذا الاسم على شكل نهر النيل في مواسم الفيضانات وغزارة مياهه كما قال بروكش باشا.

 

إقرأ أيضا
الدكتور شريف فاروق وزيرا للتموين

– عرتي: ذكر “لباج رينوف” في كتابه أن النيل ذكر بهذا الاسم والذي يعني باللغة المصرية القديمة (صعد) أي يدل على صعود المياه، فنهر النيل هو النهر الوحيد الذي ينساب من الجنوب إلى الشمال وذلك تبعًا لميل الأرض.

– أور: وهي لفظة تعني الأسود وأطلق على النيل هذا الاسم نظرًا لسواد ماءه لما كان يحمله من طمي أسود اللون.

– آيور: قال “بروكش” في كتابه القاموس الجغرافي أن العامة كانوا يطلقون على النيل آيور وهو لفظ يرجع أصله اللغوي إلى “أور” المنقوشة على مسلة إسكندر ذي القرنين، والتي تُنطق في اللغة القبطية بلفظ “يور” أي النهر، وقيل أنه في عهد أحد الملوك البطالسة تم ترجمة التوراة وقد ذُكر النيل في سِفر الخروج باسم آيور، الذي يشبه في النطق الاسم المصري القديم.

 

– أما الاسم الأشهر “النيل” فهو أقدم اسم جغرافي يقع في شرق القارة الإفريقية من الشمال، وفي الحقيقة تشعبت فيه الآراء ولم يجتمع المؤرخون على رأي واحد لأصل هذه الكلمة، فحسب رأي الفيلسوف “أراتوستين” أنه مأخوذ من اسم أحد الملوك كان يُسمى “نيلوص”، وقال المؤرخ الروماني “بلين” ” إن النيل يخرج من بحيرة تدعى نيلوص، وأعطى هذا الاسم للنيل نفسه”، لكن الأرجح أن هذا الاسم مشتق من الكلمة اليونانية القديمة “نيلوص” أي الوادي أو الجزر، المأخوذة من الكلمة الديموطيقية “ن-إل-و”، واستقر هذا الاسم مع حكم اليونانيين لمصر بعد الفراعنة، وقيل أيضًا أنه يُطلق على النيل في اليونانية “ايجيبتوس” وهي أحد أصول المصطلحات الأوروبية التي تسمى بها مصر باللاتينية.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان