هشام سليم.. الجان الذي كان
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
قليلون هم من أنعم الله عليهم بموهبة ملامح تجعله صالحًا لكافة الأدوار، فمن وسامة تجعله فتى شاشة أول، لملامح تجعله شرير وفتى لعوب وثري وفقير، متعلم وجاهل، لديه القدرة على تقديم كافة الأدوار بلا استثناء سواء باستخدام ملامحه أو موهبته، والأهم أنه كان له نصيب الأسد في العمل مع أهم مخرجي السينما المصرية في مسيرته مثل من يوسف شاهين وحسين كمال وسعيد مرزوق وداوود عبدالسيد ورأفت الميهي وشريف عرفة وغيرهم، هشام سليم الممثل الذي قم كل شيء وأي شيء.
كالهواء يسري
مسيرة هشام سليم ربما هي واحدة من مسيرات الممثلين الأكثر تنوعًا على الإطلاق من التراجيديا للكوميديا من الطيب للشرس للشرير للوغد من الفقر المعدم للثري، من العاشق المخلص للعابث من الطفل للشيخ، كل هذه المساحة كانت الأرض الخصبة التي ترك لنا فيها هشام سليم حديقة رغدة بها كل ما تشتهيه نفس المشاهد.
اقرأ أيضًا
هشام سليم .. الخوف من المستقبل كقارب نجاة
ملامحه التي حملت من الوسامة الحد الكافي لجعله فتى شاشة أول وجان مثالي ولكنها أيضا ادخرت بين قسماتها الكثير بعضًا من القسوة تظهر عند اللزوم وبعضا من الشر وكما حملت الطيبة والوضوح حملت معها أيضا المراوغة والتلاعب، وكأنما ملامحه شكلت لتكون هي نقطة الالتقاء الوسطى لكافة الأشكال الدرامية، فهو الذي يصلح لكل شيء.
مع تلك الملامح كانت لهشام سليم صفة شديدة الأهمية، أنه كان يشع صدقًا، فأنت ستصدقه في كل ما يقول ويفعل، مهما كان، وربما العيب الوحيد الذي كان ليس لهشام سليم يدًا فيه هو انه من الصعب للغاية أن تكره الشخصية التي يقدمها فكاريزمته كانت تطغى على شر الشخصية لو كانت شريرة، كان ممثل تحبه من الوهلة الأولى.
كالماء يرتقي
مع هذا التنوع في الأدوار، كانت هناك ميزة هامة أخرى تميز بيها هشام عن كل أبناء جيله وربنا كل الأجيال التي جاءت بعده، وهو قدرته على التأقلم مع المرحلة السنية التي يعيشها، فلم يتشبث يومًا بأسطورة نجم الشباك، رغم أنه كان يستحقها وكان أحد نجوم الشباك في فترة من الفترات، ولكنه كان في الوقت نفسه يقدم الدور الثاني والسنيد وضيف الشرف أحيانًا.
حينما أغلقت السينما أبوابها في وجه الكثير كان هشام قد أسس قاعدته الراسخة في الدراما التلفزيونية، فكان هناك يقدم ما داوم عليه من إبداع متنقلا بين مدارس مختلفة في الدراما التلفزيونية، متنقلا بين نجم المسلسل والبطل الثاني، والشرير أحيانًا، يدرك أن الفن في الأول والأخر ككرة القدم لعبة جماعية، فقط عليه أن يؤدي دوره على أكمل وجه.
التجريب والجرأة عليه هو الميزة الأهم في مسيرة هشام سليم، أن تغامر داخل عالم رأفت الميهي ليس مرة بل اثنين، وتدخل عالم ماهر عواد وشريف عرفة الساحر، أن تقرر أن تكون بطل مسلسل سياسي في تجربة هي الأندر في تاريخ الدراما المصرية مثل مسلسل ظل المحارب، بل وتغامر وتكون بطل مسلسل تدور أحداثه بالكامل في أمريكا وبطولة تيسير فهمي، بل وتكون السبب في أن يكون المسلسل الأكثر نجاحا في موسم عرضه الرمضاني وينتظره الجميع، لا أحد على الإطلاق يقدر على فعل هذا إلا هشام سليم.
هشام الذي لم يشغل نفسه يومًا بشيء خارج عالمه الفني، نادرا ما تسمع عن خلاف أو مشكلة كان طرفًا فيها، كان يحمل بداخله طاقة هدوء وسكينة تجعله قريبًا من قلبك في أي عمل، إضافة لإخلاصه الشديد لعمله، وتدقيقه في تفاصيله، وقدرته على الاختيار بين ما يعرض عليه ليقدم ما يضيف عليه، كان هشام سليم هو البستان الأوسع في كل أبناء جيله، ستراه أينما تولي وجهك، وستصدقه حتى وإن أخبرك أن العالم هو الجنة بعينها وأن النعيم هو ما نعيش فيه، هشام كان الأصدق والأجرأ والأكثر تنوعًا، رحل ليبقى خالدًا وكأنما سام فجأة تهديد الموت فقرر أن يظل للأبد.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال