هكذا تفسح زرادشت
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
زرادشت هو ابن واحدة من القبايل البدوية الفارسية” إيران حاليًا”، من مواليد ما قبل غزو الإسكندر الأكبر لبلاده، درس زراديشت الدين من طفولته وبعد فترة بدء ينتقد بعض الممارسات الدينية في زمنه، فده وقعه في أزمات مع الكهنة اللي سخنوا عليه العوام خصوصًا لما أتجرأ وعارض تعدد الآلهة وقال أن لا إله إلا أهورامَزدا يستحق العبادة، وكان هيلبس قضية إزدراء أديان بس أهورامَزدا سترها معاه والملك فيشتاسبا Vishtaspa شمله برعايته.
ومن بعدها بدء مذهبه ينتشر في كل بلاد فارس، عاش زرادشت بين سبعين وتمنين سنة ويعتبر مذهبه واحد من أقدم المذاهب التوحيدية اللي موجودة لحد النهارده.
الزرادشتية
الطريف أن زرادشت كان بيقول للناس أن الإله بعته ليهم في أخر الزمان، وسادت الزرادشتية في بلاد فارس خصوصا والشرق الأدنى بشكل عام لقرون طويلة، كتابها الأساسي اسمه أفاستا، الباحث السوداني د. الشفيع الماحي أحمد في كتابه زرادشت والزرادشتية بيقول أن زرادشت وصف “أهورامزدا” أنه نور صافي لا متناهي وهو محرك العالم.. يملك كل شئ ويعلم كل شئ ولا يحده مكان أو زمان.
الزرادشتيين بيصلوا خمس مرات يوميًا.. ومواعيد الصلاة مرتبطة بحركة الشمس، صلاة الصبح «كاه هاون»، صلاة مع الضهرية «كاه رقون»، صلاة ساعة العصاري «كاه أزيرن»، صلاة في الليل «كاه عيون سرتيرد»، وصلاة قبل الشروق «كاه اشهن».
البعث والحساب
حسب الديانة الزرادشتية فيه يوم هيتم فيه جمع كل البشر لمواجهة الحساب الأخير، يومها أفعال كل إنسان هتتوزن بميزان مخصوص، اللي أعماله الصالحة هتطب هيخش السما واللي أعماله السيئة هتطب هيروح الجحيم عقابًا له على جرايمه، وأنّ الإله “أهور مازدا” مش هيعذب عباده للأبد.. وأنّ الهدف من العقاب هو إصلاحهم. وتفاصيل كتير جميلة ممكن قرايتها بالتفصيل في كتاب المعتقدات الدينية لدى الشعوب.
زرادشت طلع السما
كتاب “زرادشت ناما” واحد من الكتب المهم عند الزرادشتيين، الكتاب فيه حدوتة عن زرادشت إنه استأذن “أهور مَازدا” عشان يزور السما، وفعلًا خد الموافقة وطلع السما على ضهر كائن ضخم يشبه التور وله جناحات، أول طبقة في السما استقبل رئيس الملايكة زرادشت وأخده في جولة لغاية ما في أعلى طبقات السما قابل “أهوارامازدا” شخصيًا واتعلم منه الحكمة وأخد منه الشرايع وتعاليم الدين. طلب زرادشت من أهوارمازدا يسمح له يشوف الجحيم، وهناك شاف “أهرمان” (الشيطان).
العودة إلى السماء
بعدة أجيال بدءت الزرادشتية تتراجع قصاد ديانات تانية وكادت تنتهي، وفي محاولة لإعادة إحياءها مرة تانية اختار كهنتها شاب زرادشتي اسمه “أرتاويراف” وصلوا عليه عشان يبعتوا روحه للسما.
حسب القصة، المكتوبة باللغة البهلوية في كتاب “أرتاويراف نامك”، غاب الشاب عن الوعي وفضل جسمه جوه المعبد أما روحه فصعد للسما بقيادة وإرشاد الملاك “سروش”، أرتقى لطبقة النجوم/الكواكب وشاف أرواح بتشع نور، فسأل “سروش” عنهم وعرف منه إنهم المؤمنين وأن دي أول طبقة من طبقات السما/الفردوس، بعدين طلعوا طبقة القمر، بعدها طلعوا طبقة الشمس، وأخيرًا قام رئيس الملايكة “بهمن” من عرشه وأخده من أيده وقابله بباقي الملايكة، ثم أمر “سروش” و”آذر” (الملاك المسؤول عن الجحيم) إنهم يفرجوه على عقاب الظالمين.
في النهاية أخدوه لمكان الإله “أهورامازدا”، فطلب الشاب إنه يسلم عليه.. فسمحوا له، أتقدم بس لما بص ماشافش غير نور مبهر ولما ألقى التحية سمع صوت عظيم بيقول: (يا أرتاويراف المُقدس أيها العبد الأمين، يا رسول عبدة أهورامازد، أذهب إلى العالم المادي وتكلم بالحق للخلائق حسب ما رأيت وعرفت، لأني أنا الذي هو أهورامازد موجود هنا، من يتكلم بالاستقامة والحق أنا أسمعه وأعرفه).
ختام
رحلة زيارة السما في الزرادشتية مش فريدة من نوعها فالحكاية واردة في حضارات وديانات تانية بتفاصيل متشابهة أحيانا وختلفة في أحيان تانية، هنلاقي مثلًا عن البابليين ملحمة الملك إيتانا والنسر السماوي، حوالي 30 قرن قبل الميلاد، وهي حكاية عن ملك طلع السما على ضهر نسر يدور على نبتة الولادة عشان مراته ماكنش بيعيشلها عيال.
في التوراة هنلاقي حكاية النبي إيليا اللي كان بيتمشى مع تلميذه إليشع وبعد ما شق نهر الأردن وعدوا الناحية التانية قابلوا مركبة نارية بيجرها خيل خدت إيليا للسما وفضل توبه مع تلميذه.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال