هل تتذكرون كوفيد19؟

غير معقول .. هاتين الكلمتين أقل ما يوصف بهما الوضع حاليًا .. منذ أقل من ثلاثة أعوام فقط كان الناس في وادٍ غير الوادي .. حيث كانت جميع الأسئلة عن ذلك الكحول الأكثر تركيزًا، والذي يمنع انتقال فيروس الكوفيد 19 من يد لأخرى .. وتلك الكمامة الأكثر جودة ومتانة بحيث يسقط الفيروس القاتل على جدرانها .. وكان الناس غارقون في وحل الانعزال، والمطارات قد غلّقت أبوابها فأصبح العالم قُرى محصنة لا قرية صغيرة .. وبدا وكأن الوضع هو نفق بلا مصباح في نهايته، وكانت التكهنات تتحدث عن عِقد كامل على الأقل سوف تعاني البشرية فيه معاناتها التي أصابتها في مفتتح عام 2020 ، وكان الطريق ضبابيًا وأكثر المتفائلين كانت عزيمته قد خارت تجاه أطروحة “نهاية الكوفيد”، لأنه على مدار الثلاثة سنوات أو أقل قليلًا كان هناك فريق يبشر يوميًا بنهاية كوفيد19 الأسبوع القادم، أو الشهر القادم، أو بعد ثلاثة أشهر، وإلخ .. ولم يكن يتغير شئ أبدًا.

وفجأة .. وعلى رأي المثل الشعبي الذي يقول عن اللص الماهر “يسرق الكحل من العين”، لم نعلم بالضبط من أغلق الزر وقرر ألا حديث عن الكوفيد بعد الآن ! .. فجأة، وبعد الحرب الروسية الأوكرانية تحديدًا تبدّل اهتمام العالم على نحو مفهوم للحرب من جانب .. لكن الغير مفهوم هو أنه الكوفيد19 لم تعد تأتي سيرته حتى على سبيل المتابعة عن بعد .. حتى إنه أصبح أقرب للإرث الإعلامي أو التريندات التي ماتت في الأذهان دون عودة، بالضبط كمشاكل الفنانين التي تشغل الناس لفترات حتى إنك تظن أنها أهم من مشاكلك الشخصية، لكن في النهاية تضيع كما يضيع التريند .. لكن من يصدق أن مرض فتّاك كهذا يتحول إلى تريند.. وكأنه لم يكن موجودًا من الأساس ..  وكأن كوفيدًا لم يكن.

وفي تقرير شديد الخطورة عن مستقبل كوفيد 19 وهل اختفى من حياتنا أم إنه أصبح عبء على كاهل اقتصاد العالم فررت القوى العظمي أن خسائر الكوفيد لن تكون أكثر من خسائر الوقاية منه .. وبالتحديد في وكالة الأخبار الروسية “سبوتنيك” .. يتلخص في أن الكوفيد19 بل إن أعداد متحوّراته تتزايد .. ويقول التقرير “Omicron EG.5” في تزايد مستمر ونمو كبير .. وعلى الرغم من هذا التقرير وتقارير أخرى فإنه مواقع ومؤسسات ضخمة، ومُحرّكة للرأي العام لم تتحدث عن كوفيد 19 منذ 5  أشهر كاملة على الأقل .. وفيما انحسر الاهتمام بالكوفيد على منظمة الصحة العالمية، بدأت أصواتًا تتعالى بنبرة المؤامرة، وكيف كان الكوفيد19 مؤامرة في أساسها سياسي لتغيير العالم،حتى إن المجلة الألمانية DW قد طرحت في تقريرها “نظريات حول الكورونا” بأن أعراض الكورونا لم تكن أعراضًا لفيروس طبي بل إنها أعراض جديدة لتطور شبكات الانترنت والنقلة التكنولوجية الذي يتوجّه إليها العالم ما ستضر بالصحة العامة بالبشر، وأن هناك فريقًا متبعًا لتلك النظرية التي لا تقوم على أساس علمي، لكن اختفاء الكلام عن كوفيد 19 بشكل يثير العَجَب، جعل تلك الأصوات تتعالى من جديد.