هل رواية أرملة الشريعي عن تتر مسلسل العائلة صحيحة أم حكاوي مصاطب ؟

تداولت الصحف والمواقع المصرية واقعة رفض المؤلف “وحيد حامد” للتتر مسلسل العائلة الذي ألفّ كلماته الشاعر “سيد حجاب” ولحنه الموسيقار” عمار الشريعي “، وذلك بعد تصريحات أرملة الأخير في برنامج معكم مع الإعلامية ” منى الشاذلي، وهنا يجب طرح تساؤل مهم كيف نصدق حديث ونتداوله من جانب واحد ومصدر واحد؟.

بين رفض وحيد حامد وصوفت الشريف .. حكاية تتر مسلسل العائلة 

قالت الإذاعية “ميرفت القفاص” أرملة الراحل عمار الشريعي أن المؤلف “وحيد حامد” رفض تتر مسلسل العائلة بعد أن تم تسجيله قبل انطلاق الموسم الرمضاني بيوم، وهو ما جعل ” الشريعي ” وحجاب” في ورطة حقيقية، وأضافت:” أن وحيد حامد كان يريد تتر جديد بكلمات وألحان أخف للعمل، وبالفعل تم تسجيل تتر آخر.

وعرضت الإعلامية منى الشاذلي هذا التتر أثناء الحلقة على أنه تتر البداية بعد مقارنة في الكلمات والألحان، وجاءت كلمات التتر الذي انفرد به البرنامج :

وحدوه..وحدوه

واحد مالوش تاني ..اعبدوه

في وطن واحد جددنا وحدوه

واقصدوه و أنتوا ازرعوا تحصدوه

هموا ضموا الكل ف واحد يا هو

وحدوه..

هذه كلمات تتر البداية التي رفضها ” وحيد حامد” حسب قول “القفاص” و”الشاذلي” في البرنامج، وهنا يجدر الإشارة إلى كلمات تتر النهاية لمسلسل العائلة المعروض عام 1994م ، والتأمل فيها وليس البداية، حيث جاءت كلمات تتر النهاية كالتالي:

اقصدوه … اقصدوه

ابعدوا عنه الهوايل

وانجدوه … انجدوه

وانصروه … انصروه

الأصيل حلو الشمايل

واسعدوه … اسعدوه

الناس ورا النظرة الباه..

ومن هذا نرى أن الجمل  الشعرية على نفس الإيقاع والوزن .. وحدوه/ اقصدوه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اللحن نفس الجو العام تقريبًا مع اختلاف بعض الجمل في القفلات والطبقة، فالمقام  الموسيقي في التتر الذي عرضه البرنامج جاءت من نغمات مقام العجم ، بينما تتر النهاية الذي عُرض في العمل الدرامي جاءت على مقام البياتي، وهنا يمكن القول أنه إذا ثبت رواية “القفاص ” و” الشاذلي “فالتتر المخَتلف عليه هو تتر النهاية وليس البداية، وهذه أول نقطة .

النقطة الثانية جاءت في كلمات أرملة الشريعي، حينما قالت أن المؤلف “وحيد حامد ” هو من رفض التتر و أراد تتر آخر ، وهنا نعرض حديث “سيد حجاب” وحديث” وحيد حامد” حول مسلسل العائلة .

صفوت الشريف يرفض عرض المسلسل 

رفض وزير الإعلام صفوت الشريف عرض الحلقة الأولى من مسلسل العائلة عام 1994م عبر شاشة التلفزيون المصري اعتراضًا على كلمات تتر المسلسل، وبحسب ما جاء في “موقع مصراوي ” في رواية قالها سيد حجاب حول هذه الواقعة إن صفوت الشريف رفض هذا التتر لأنها تشبه الموسيقى العسكرية، واستدعى عمار إلى مكتبه وقال نصًا:” إنتم عايزين تقوموا علينا الناس” .

وطلب ” صفوت الشريف” منهما تغير كلمات تتر المسلسل وموسيقاه بالكامل، فما كان منهما إلا البدء من جديد في تتر آخر بكلمات وألحان أخرى، وأكد على أنه تم تسجيل الأغنية في الثالثة فجرًا في استوديو” عمار ساوند” بحي الدقي في نفس يوم عرض العمل .

والرواية الثانية قدمها الكاتب ” عمرو عبد الرازق ” في مقال كتبه بعنوان “هل واءمت دولة 1994م بين الإرهاب ووحيد حامد”، ومن خلال بحثه أشار إلى نص الحوار الذي أوردته مجلة روزا ليوسف بعددها الصادر  بتاريخ 21 مارس 1994 عن نص مشهد محذوف  من مسلسل العائلة بين ليلى علوي وضابط أمن الدولة، وقال حينها لم يتبين  وحيد حامد وجهة نظر الحكومة القائمة آن ذاك  تبريرًا للحذف، فالمشهد كان رؤية فنية لعلاقة الإرهاب بالفساد وجاء في المشهد ما يلي :

المكان: مباحث أمن الدولة

ـ تجلس  مشيرة( ليلى علوي)  أمام المحقق.. من الواضح أنه شخصية كبيرة ومهمة في هذا الجهاز ..

ـ تبدو متعبة ولكنها متماسكة

ـ يتأملها المحقق

إقرأ أيضا

كيف بدأ التنوير

المحقق أسألك .. ولا تحبي تتكلمي من نفسك

مشيرة: أتكلم أقول إيه .. أنا كل حاجه  عندي قلتها في تحقيق قبل كده ..

المحقق: يمكن يكون عندك معلومات إضافية .. ويمكن تكوني ناسية حاجة !!

مشيرة : أفتكر إني استوفيت كل حاجة ..

المحقق: عاوز أسألك ..أنتي دخلتي الجماعة بإرادتك .. ولا تحت ضغط معين ؟!

مشيرة: دحخلت الجماعة بإرادتي

المحقق : ليه؟

مشيرة: كانت حواليا ظروف .. كنت عاوز أهرب من حياتي.. كنت عاوز أشوف ناس تانية غير اللي كنت عايشة وسطتهم .

هذا المشهد المحذوف بواسطة الرقابة، وهذه الرواية التي أوردها سيد حجاب هي نوع من الإثبات أن التتر المحذوف كان بأمر رقابي بواسطة “صفوت الشريف ولا دخل لوحيد حامد فيه؛ فوحيد حامد نفسه وقع تحت  وطأة حذف مشاهد مهمة من عمله.

عن مسلسل العائلة

في توقيت عرض مسلسل العائلة مطلع التسعينيات كانت مصر رهينة لهجمة الإسلاميين الشرسة حيث محاولة اغتيال نجيب محفوظ، والتفريق بين نصر حامد أبو  زيد وزوجته، واغتيال رئيس مجلس الشعب، وتبعتها محاولة اغتيالات متعاقبة لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووسط هذا  الجو تقدم “وحيد حامد” بفيلم العائلة  ليذكر  المصريين أنهم أبناء عائلة واحدة ، مع رؤية فنية نقدية لحال المجتمع بعد نكسة 1967م ، وصولًا إلى تفجير مقهى وادي النيل بميدان التحرير في 26 فبراير 1993م، ويفتش العمل عن إجابة ملحة .. ماذا حدث للمجتمع المصري في ربع قرن ؟!.

وفي الأخير يجب تحري الدقة في طرح المعلومة في برامج التوك شو، بل وطرحها من كل الجوانب بدلًا من حديث المصاطب الذي يطبع في ذاكرة العوام دون مستند أو دليل، وهو نوع من تشويه الواقع والتاريخ.