هل كان النبي صلى الله عليه وسلم وطنيًا ؟ “موقف الإسلام من الوطن”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
الوطن هو المكان الذي يولد فيه الإنسان وينشأ فيه، ويترعرع في كنفه، فمن الطبيعيّ أن يكون الإنسان وطنيًا وقد ربط المولى سبحانه حبّ الأوطان بحبّ النفس في القرآن الكريم، حيث قال: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) [ النساء : 66 ]، لذا فإننا نحب وطننا مصر كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب وطنه مكة، ونسمع ونطيع لولاة أمورنا في المعروف، في العسر واليسر و لا ننازع الأمر أهله.
هل الوطن حفنة من تراب
يسير “الإخوان المسلمين” على نهج سيد قطب القائل «ما الوطن إلا حفنة تراب عفن أما نحن فوطننا الإسلام»، وهذا سير منافي للشريعة، فالجماعة التي تسير على خطى ثابتة في ضرب الوطنية وخيانة الدولة والتلاعب بمشاعر المواطنين لا تتبع سنة رسول الله في حديثه الذي جاء عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ”.
اقرأ أيضًا
مفهوم الوطن في تراث الشيخ الشعراوي “الإسلام لا يدعو للحرب من أجل الحدود”
وليس من السهل أن يفارق المرء وطنه الذي عاش في كنفه، ولذلك اعتُبرت هجرة الصحابة رضي الله عنهم من أعظم فضائلهم، فقد بذلوا وطنهم في سبيل الإسلام والدعوة، وممّا يؤكّد حب الإنسان لوطنه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان وطنيًا فعندما هاجر إلى المدينة المنورة توجّه إلى الله تعالى بالدعاء أن يُحبّب المدينة المنورة إليه.
والوطن نعمة كما جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم : «مَن أصبح آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، معافًى في جسده، فقد حيزت له الدنيا»، وإن الوطن والاستقرار بين الأهل نعمة عظيمة يجب شكرها، كما أن الوطن هو حياتنا فإن تقدم الوطن هو تقدمنا، ورقيه رقينا، وعزه عزنا، وإن الأوطان ضرورة حياتية.
كذلك موقف آخر يؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وطنيًا حين خرج عليه الصلاة والسلام من مكة وقال “علمت أنك خير أرض الله وأحب أرض الله ولولا أن أهلك أخرجوني منكِ ما خرجت”.
وهناك الملايين الذين ضحوا في سبيل الله ثم الوطن، ومنهم عمر المختار، الذي جاهد طوال حياته للدفاع عن أرضه ووطنه “ليبيا” ضد الاستعمار الإيطالي، كما أن الانتماء للوطن له أثره في السلم الاجتماعي فهو يحقق الأمن والاستقرار للمجتمع، من خلال الترابط الأسرى والترابط الاجتماعي، ولما أقبل الانفتاح والغزو الثقافي علينا، وجب علينا غرس الانتماء في نفوس أبنائنا وشبابنا ومجتمعنا بالوسائل المختلفة، من خلال العمل الجاد المثمر الدؤوب والمخلص.
يرى الإسلام وجوب الدفاع عن الوطن في أيّ موقف يكون فيه الوطن بحاجة للدّفاع عنه، ويكون الدفاع عنه إمّا بالقول وإمّا بالفعل وكذلك مواجهة أيّ أمر يؤدّي إلى زعزعة أمن واستقرار وسلامة الوطن، وذلك بمختلف الوسائل، والطرق، والأساليب الممكنة وتربية الأبناء على تقدير خيرات الوطن، ومقدّراته، والمحافظة على مرافقه وإدراك كلّ فرد من أفراد الوطن واجباته التي يجب أن يقوم بها دون أيّ تقصير؛ حيث إن ذلك يحقّق الحياة الكريمة والهانئة لجميع الأفراد بالإضافية إلى شعور الفرد بأفضال الوطن عليه، وتربيته على واجب ردّها من باب مقابلة الإحسان بالإحسان، وذلك من تعاليم الإسلام، حيث قال الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [ الرحمن : 60 ].
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال