هل نهرب من العلاقات المسمومة أم نغرق فيها؟
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
عزيزتي جيجي،صباح الخير …. الابتسامة تفارق وجوه عديدة غير عائدة لفترة طويلة، هم لا يليق بأمنيات الخير التي نتمناها لأنفسنا، حالة من الضعف والتخاذل التي تحتشد فى أرواحنا دون مرجعية للفرار، نصنع علاقات بلا أبواب للخروج، فإنا ضاقت علي أرواحنا إما نكسرها أو نموت.
العلاقات تغزل جدائلها، تعرف النسوة كيف تتساوي الخصلات لتصنع ضفيرة قوية، متناسقة، مثل الضفائر تبدو العلاقات، إن تناسقت أبدت جمالها، كانت تاج تُزين المرأة.
الحب يحفر وادي للخير بأرواح أصحابه، فماذ إن كان فيضانًا يُغرِق ويدمر؟
حين تمرض الروح تتروط فى علاقات انسحاق، تبهت الشخصية، ويندر معامل القوة، نسخر فى قرارة أنفسنا من العلاقة الشهيرة بين البلطجي والراقصة، فهو يضربها ويحصل علي مالها وهي لا تبعد عنه، هذا النمط من العلاقات صار منتشرًا، أصبح سمة لفئة.
نساء كثيرات يعملن بينما الزوج عاطل، هو فقط يحصل علي مالها ويعنفها، فلماذا ترضي؟
هل تعلمين يا جيجي فى العلاقات المسمومة هناك طرف مريض وطرف مدمن، المريض يطمئن باستعباد الآخر، والمدمن بات لا يعرف حالة أخري غير الانسحاق، والتبعية، دائرة تنغلق علي طرفيها.
تصير العلاقات بحر رمال متحرك، لا يخرج منه أطراف العلاقة، وبينما يظن البعض أن هناك فرصة للنجاة، تُصبح الاحتمالية أكبر للموت كمدًا فى علاقة تنهي مسارًا كاملًا فى الروح والعقل.
المرأة التي تعرف شخص لا يفعل سوي تشويهها، وإهمالها أي كانت مكانة الشخص حبيب/ زوج / صديق / صديقة، هي شخص أدمن الاستعباد.
فى حالات الإدمان يفقد المرء السيطرة علي عقله، يُصبح مطارد لهدف واحد وهو الحصول علي الجرعة، متعته تتحقق من حالة الضعف وليس القوة.
الزار .. ذلك الجزء المظلم من التراث
يُدرك الطرف الأقوي فى العلاقة مصدر قوته، يقرأ ضعف واستكانة الاخر، يلمس انعدام قدرته علي اتخاذ القرار، ويري كيف يمكن أن يجعله سعيد بتفصيلة صغيرة، لا تُساوي حجم ألمه وتراجعه.
كيف نُدرك أننا فى علاقة مسمومة؟
عزيزتي جيجي
كثيرون لا يعرفون أنهم بصدد علاقات زائفة، تسرقهم وتمحو عقولهم، فالإنسان يُقدم علي العلاقة طلبًا للدعم والسند بقوة الحب، يفرض أحد الطرفين قوته وسيطرته علي الآخر، فيُصبح الطرف الضعيف فى حالة جذب، أشبه بالكترون يدور حول الذرة، ضعف لا يُدركه صاحبه، فالطرف الأقوي فى العلاقة يعرف متي يقترب ومتي يبتعد، يحافظ علي شعرة معاوية، يُزيد من حالات الجذب عند رغبة الآخر فى الفرار، ويُضعفها عندما يتمسك به الآخر.
فى العلاقات المسمومة يتأذي طرف دون أن يدرك وتنمحي قدرته علي البعد،.
يا جيجي
حين يشعر أحدهم أنه لا يستطيع البعد رغم كل الحزن الساجن لروحه عليه أن يهرب فورًا، فهو علي حافة الغرق، لكن حسابات عديدة تؤجل قرار الافلات، الخوف علي زرعه، يظن بعضهم أنه صنع شيئًا ويخاف أن يبدأ من جديد، وكأن البدايات الجديدة ستنهكه، يحيط به الكسل، ويدفعه الأمل بسعادة زائفة، تغويه ثقة مفرغة، ولا شيء حقيقي سوي أنه بات أسير ضعفه.
مدينتا العسكر والقطائع .. ثنائية عواصم مصر المندثرة التي لم يبق منها سوى مسجد
العلاقات المسمومة تزيدنا تعاسة، تُخرب أرواحنا، ويُصبح من الصعب الإفلات، فهؤلاء الذين يطحنون الإرادة في رفقائهم يكونون مثل دوامات البحر، تجذب نحو القاع، ولعل أصعب شيء يا جيجي فى هذه العلاقات أن المدمن لا يسمع سوي صوت لذته المؤقتة، ولا يُدرك إلي أي مدي ضياعه، فهو لا يهرب أبدًا، بل يستمر فى إضافة قيود جديدة لقرارته، فإذا ما نصحه أحدهم لا يستمع، وربما أغرق آخرين معه، إنها علاقات تُثير الشفقة، وجديرة بإهمال أطرافها، فلا فائدة من نُصح لشخص استمتع بالضعف، وأدمن التبعية و الإهمال.
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد