همتك نعدل الكفة
322   مشاهدة  

هل يعتذر خالد أبو بكر إلى المصريين؟

المصريين
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



وجدت أن للشعوب سمات تميزها عن غيرها، اللبنانيون اختاروا الحرية والسوريون اختاروا الطائفة وشعوب الخليج اختاروا الأمن في معية الحاكم، أما المصريون فقد اختاروا الصبر.

 

حكى محمود السعدني الكاتب الساخر في حوار له، كيف سمع في دول عربية أنها تشبه المصري بالحمار، استاء في بداية الأمر ولما استفهم منهم عن التشبيه وجده وجيها جدا، قالوا له نحن نحب الحمار لأنه حمول جدا وذكي جدا وطيب جدا، ولقد رأينا في تشبيه المصري فيه ثناء وتقديرا بالغا، فما كان من السعدني غير أن أثنى على التشبيه وقال متفاخرا: احنا مية مليون حمار محدش يقدر علينا”

 

كان ثمن صبر المصريين الحفاظ على الأرض وتقديس لقمة العيش ولو كانت زهيدة وبسيطة المهم تدوم، لذلك لا يقبل المصريون المساس لا بالأرض لا بلقمة العيش، ويتحول صبرهم حينها إلى طوفان يصعب تداركه على جموحه وفاجأته.

وفي هذه الحال يمكن تشبيهه برفسة حمار بعد قلة تقدير من صاحبه.

 

يا اللي الهوا رماك يا ناعم

(نداء يفيد اكتمال نضج الفاكهة بسقوطها من على الشجرة)

 

ولأن للصبر على لقمة العيش له لوازمه، كانت الحيلة واللسان الحلو أحد أهم مهارات المصري الشغيل، اذا بحثت في التراث الشعبي أو اطلعت على ما نشره بعض المستشرقين الأجانب الذين عاشوا في مصر والمنطقة العربية منذ مئة عام لقرأت كيف توقفوا جميعهم عند محايلة المصريين لضيق الحال وركود البضاعة، فابتدعوا دون غيرهم أساليب نداء للفت نظر الزبائن لبضاعتهم كما أطلقوا على بضاعتهم أوصافا بليغة دون بوح باسم البضاعة نفسها أحيانا لزوما للتشويق، وكانت نداءات الباعة الجائلين مُنغمة في قوالب شعرية لها مضمون تسويقي أبعد من البضاعة نفسها، فمثلا تسمع من مئة عام مناديا يقول : أحسن من اللوز يا نابت، ولو أراد الإعلان عن ظهور الفاكهة الموسمية قال: سلامات من الغيبة يا عنب!

 

احترف المصري تحلية الصبر بالإيمان فكان طلب المدد والعون من الله وبركة الأولياء من الصالحين حاضرا على اللسان، يشبه المصري صبره على الرزق تلك الزهور البرية التي تنبت بين حنايا الصخور بعد قطرات يسيرة من المطر تتحدى القسوة بالجمال وتحول ما يراه غيرها مرا إلى معنى للحياة يعطيها قدسيتها اللازمة.

 

في جدل -غير حميد – يتحدث البعض عن ضرورة ترحيل كل من هو غير مصري من مصر، وجاء ذلك ربما ردا على تصريحات نُقلت عن بعض المسئولين عن عبئ بات يشكله ضغط المقيمين في مصر على السلع الأساسية والخدمات، ولكن هل تظن أن من جرى على لسانه أمثلة مثل عض قلبي ولا تعض رغيفي، واللي يعوزه البيت يحرم عـ الجامع، ويا واخد قوتي يا ناوي على موتي، قد يتلقون مثل هذه التصريحات برحابة صدر؟

إقرأ أيضا
الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين

 

لذلك كان مفهوما ومُبررا أن يلاقي ما قاله خالد أبو بكر من مدح المقيمين من السوريين والتأكيد على حقوقهم عبر برنامجه وتمييزهم عن المصريين بشطارتهم، استياء واسعا، ليس لأن ما جاء على لسانه غير صحيح، بل لما حملته نبرته من انتقاص ولوم للمصرين مع لهجة تحدي كأنهم خصومه.

 

يا أستاذ خالد ربما تكون محاميا شهيرا وناجحا جدا، لكن مخاطبة الناس يلزمها في البدء أن تحبهم، ولن تحبهم إلا لو عرفتهم، فمن عبئ الهواء في قزايز وباعه لن يصعب عليه رفس من خذله ولو كان ابوه وان كان حبيبك عسل متلحسوش كله

 

الكاتب

  • المصريين رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان