هي تؤثر العادات اليومية على مستقبلنا أم أنها الجينات الوراثية؟
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يتساءل الكثير منا حول حياته في المستقبل، كيف ستكون ملامحنا؟، والأهم كيف ستكون صحتنا؟، ومن المعروف أننا عادة ما نأخذ الأولى من آباءنا وأجدادنا، ولكن هل صحتنا أيضًا مرتبطة بالجينات الوراثية؟، أم أنها تتأثر بعاداتنا اليومية؟.
جيناتك ليست مصيرك
في دراسة قام بها مؤسس معهد أبحاث الطب الوقائي بكاليفورنيا، الطبيب “دين أورنيش”، وأكد فيها أن العامل الأول والأساسي في التأثير على صحتنا، هو عاداتنا اليومية حيث تتفوق في أهميتها على عامل الجينات الوراثية، وأوضح دين أن أبسط الخلايا في أجسادنا تتأثر بعاداتنا، فمثلًا عدد الخلايا العصبية بالمخ، أثبتت الأبحاث أنه إذا قام الشخص باتباع عادات حياتية صحية، تتكون خلايا عصبية جديدة داخل المخ بل ويزداد حجمه أيضًا.
أما عن الدراسة نفسها، فهي استهدفت الأشخاص المسنين ممن تعدت أعمارهم التسعين عامًا، وقام الباحثون بدراسة نمط حياة هؤلاء الأشخاص، ووجد أن العادات الصحية التي اتبعها هؤلاء كانت سببًا رئيسيًا في طول عمرهم، حيث كانوا ملتزمون بممارسة الرياضة، والنوم فترات كافية، ويتناولون طعامًا صحيًا، كل ذلك منحهم عمرًا أطول مقارنة بهؤلاء الذين لا يهتمون بالعادات الصحية، وكانت نتيجة الدراسة أن مهما كان الاستعداد الوراثي لديك، فما تمارسه من عادات صحية يمثل عاملًا لا يقل أهمية بل ويزيد أثره عن الاستعداد الوراثي ويمكنك التحكم فيه بشكل كامل.
تأثير الجينات والعادات السليمة على الصحة العقلية
أوضح الدارسون أن الصحة العقلية أيضًا تتأثر بالعادات التي نتبعها، وذلك بعد أن ساد اعتقاد لمدة طويلة بأننا نولد بقدرات عقلية معينة، محددة مسبقًا، نرثها من والدينا ولا نكتسبها، ولكن كل ذلك تغير بعد عقود طويلة من الأبحاث والدراسات، حيث وجد الباحثون أن الإنسان لا يولد فائق أو محدود القدرات، بل يتشكل عقله وقدراته طبقًا للبيئة التي ينشأ فيها، فهناك بيئة داعمة ومحفزة لقدراته أو بيئة محبطة ومثبطة لقدراته، وهكذا ثبت أن الصفات التي تم ربطها بالعامل الوراثي مثل الذكاء، تغير المفهوم بالنسبة لها ووجد أن نسبة الذكاء تتغير بفعل البيئة التي ينشأ بها الشخص.
إقرأ أيضًا…لماذا تعيش الإناث عمرًا أطول من الذكور؟
وبعد ذلك، يأتي دور العادات الخاصة بنا، فكثيرًا ما نرى توائم يعيشون في نفس المنزل، وينشؤون نفس التنشئة، ولكن يسلك كلًا منهما طريقًا غير الآخر في الحياة والعادات اليومية، على الرغم من أنهم تلقوا التعليم والتربية ذاتها، ولكن ميول كل شخص هي التي تعزز أو تقلل من قدراته، فمثلًا من يعتاد على ممارسة الرياضة والقراءة وحل ألعاب الذكاء، بالتأكيد سيكون مستوى صحته العقلية أفضل بكثير عن توأمه الذي يفضل الكسل ولا يتحرك عقله لحل مسألة حسابية بسيطة.
التميز عادات وأفعال وليس وراثة فقط
قامت الطبيبة النفسية والباحثة الأمريكية “سونجا ليبوميرسكي”، بتأليف كتاب يتحدث عن السعادة اسمه “The How of Happiness”، وأوضحت فيه أن سعادة الفرد تتوقف بنسبة 50٪ على الاستعداد الوراثي لديه، و10٪ يكون بسبب الظروف المحيطة به، أما الـ 40٪ المتبقية، تعتمد بشكل كامل على ما يفعله الشخص في حياته وردود أفعاله على المواقف المختلفة التي يتعرض لها، وعلى عاداته الشخصية، وأوضحت في النهاية أنه يوجد مجموعة عادات يجب ممارستها بانتظام لتصل إلى تحقيق السعادة على المدى البعيد.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال