علاقة مع عبد الحكيم عامر وترحيل من مصر.. أشواك في حياة وردة الجزائرية (١)
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لكل وردة حكاية خاصة تبدأ منذ زرع بذورها حتى قطفها، ولوردتنا حكاية طويلة مع الزمان، مرت بالعديد من المحطات منها الأزمات وفيها الانفراجات، وحين فاحت رائحتها العطرة في دول العالم، سارعت مصر بقطفها من موطنها الجزائر لجمالها الخلاب وموهبتها الفذة، وعلى الرغم من أنها عانت كثيرًا في بلاد الفراعنة، وتم ترحيلها أكثر من مرة إلا أنها كانت دائمًا ما تعود، واستطاعت أن تصنع لنفسها أرض خصبة تعيش عليها وسط عمالقة الفن وقتها، وحافظت على مكانتها بينهم، حتى وصل قطار حياتها إلى محطته الأخيرة و ذبلت الوردة الجميلة، وعادت لموطنها لتدفن به.
إنها الجميلة وردة الجزائرية التي رحلت عن دنيانا بعد أن أعطتنا أعظم أغاني الانتصارات والحب، كانت فنانة ذات طابع فريد، تشعر مع صوتها انك في عالم أخر وكأنك لم تستمع إلى أغاني من قبل.
ميلادها ونشأتها
ولدت “وردة محمد الفتوكي”، يوم 22 يوليو من عام 1939م، في الحي اللاتيني بباريس عاصمة فرنسا، لأب جزائري، وأم لبنانية، وكان والدها يملك فندقًا في باريس، واعتادت الطفلة الصغيرة وردة ان تشدو بصوتها الجميل لكبار الفنانات العربيات من بينهم “ام كلثوم، اسمهان، فيروز، نور الهدى”، وذلك على الرغم من نشأتها في وسط غربي وعدم فهمها للغة العربية والكلمات الصعبة للأغاني، فكانت تقوم بكتابة الأغاني باللغة الفرنسية وتتدرب عليها، كما كانت تغني لكبار الفنانين الفرنسين في ذلك الوقت أمثال “أديت فياف، شارل ازنافور”، وتميزت منذ صغرها على بقدرتها على الحفظ والتقليد.
بدايتها الفنية
بعد فترة من التدريب أصبح لها فقرة خاصة بها في فندق والدها بفرنسا، وكان يشرف على تعليمها المغني الراحل التونسي “الصادق ثريا”، وكانت في البداية تعني لكبار المطربين ثم بعد ذلك قدمت أغاني خاصة بها من ألحان الصادق ثريّا.
وفي عام 1959م، سافرت وردة الجزائرية الى دمشق وهناك غنت للسوريين في نادي ضباط سوريا، وبعدها سافرت إلى بيروت، وبدأت العقود السينمائية تتهاطل عليها ولم تقبل بها، وفي عام 1960م اتصل بها المخرج الكبير “حلمي رفلة” وقدم لها أول أفلامها السينمائية “ألمظ وعبده الحامولي”، ومن هنا جاءت انطلاقة إقامتها المؤقتة بالقاهرة وقدمت عدد من الأفلام السينمائية، والأغاني الوطنية والعاطفية.
إقرأ أيضًا…هل سرق مصطفى محمود فكرة برنامج العلم والإيمان من أبو شوشة
علاقتها بالمشير عبدالحكيم عامر
في مطلع الستينات أيام الوحدة بين مصر وسوريا، كانت وردة في طريق عودتها لدمشق ولكن تعطلت سيارتها على الطريق، واثناء ذلك كانت سيارة المشير “عبدالحكيم عامر” على نفس الطريق عائدة لدمشق أيضًا، وحين رأى المشير السيارة المعطلة، أمر بإيقاف سيارته واستطلاع الأمر، وكانت وردة غير معروفة وقتها، وظلت تتحدث مع المشير وعرفته بنفسها، وأمر هو بتوصيلها إلى المكان الذي تريده، وبعد ذلك طلبت من مساعدي المشير أن تقابله وجهًا لوجه لتشكره، وبالفعل استجاب لها المشير وقام بدعوتها إلى استراحته بمنطقة أبو رمانة في دمشق، وكان اللقاء في وضح النهار ولم يكن المشير وحده وإنما كان معه في الاستراحة أنور السادات واللواء أحمد علوي أحد كبار الضباط حينئذ وعبد الحميد السراج المسئول الأول عن أجهزة الأمن في سوريا أيام الوحدة مع مصر.
واستغلت وردة ما حدث، وبدأت توهم المحيطين بها أنها على علاقة بالمشير وأنها تتواصل معه هاتفيًا، حيث كانت في بداية مشوارها الفني وأعجبها اسلوب الترغيب والترهيب، الترغيب حتي يتقرب منها أهل الفن فربما يتعرفون علي المشير وينالون رضاه من خلالها، والترهيب بمعني أن وردة حاولت أن تخيف كل من يعترض طريقها بعلاقتها المزعومة بالمشير.
وانتشرت الشائعات حول علاقة المشير بوردة ووصلت للأجهزة الأمنية، وكلف الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر”، رئيس جهاز المخابرات العامة وقتها “صلاح نصر”، بتتبع هذه الشائعة ومعرفة مصدرها، وتوصلت التحقيقات إلى أن وردة بذاتها هي مصدر الشائعات، وبناء على ذلك جاء قرار ترحيلها من مصر ولم تعود إليها مرة أخرى إلا في حكم السادات.
اعتزال الغناء
في عام 1963م وبعد زواجها من المناضل السياسي “جمال قصيري”، قررت وردة الجزائرية الاعتزال بناء على طلب زوجها الذي كان يشغل منصب وكيل وزارة الاقتصاد في الجزائر، ولكن شعلة الفن لم تنطفئ بداخلها وظلت طوال 10 أعوام تحاول العودة للطرب مرة أخرى وكان طلبها يقابل كل مرة بالرفض القاطع من زوجها الذي أنجبت منه طفلين “رياض، وداد”.
وجاءت الانفراجة في عام 1972م، حين طلب منها الرئيس الجزائري “هواري بو مدين” الغناء في احتفالات العيد الوطني بالجزائر، وعلى الفور قامت وردة بتلبية الطلب فحدث الانفصال بينها وبين زوجها الذي كان صارمًا تجاه عودتها للموسيقى، وبعد ذلك عادت إلى القاهرة مجددًا.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال