وصية أنيسة حسونة

توفيت السيدة الفاضلة أنيسة حسونة بعد أن صراع مع المرض الخبيث الذي بدأ معها منذ عام 2016، واستمرت المعركة بينهما حتى هزمها وانتقلت إلى رحاب ربها.

انتهت رحلة هذه السيدة الفاضلة بلقطة جميلة شهدناها جميعًا يوم 8/3 عندما كرمتها الدولة في يوم المرأة على مجمل أعمالها التي لم تتوقف حتى في أشد لحظات صراعها ومقاومتها للمرض الذي فتك بها في النهاية.

ظهرت السيدة أنيسة حسونة لتتسلم جائزتها بنفسها من السيدة قرينة الرئيس وهي جالسة على مقعد متحرك، وكانت سعيدة والابتسامة لم تترك وجهها بينما علامات المرض واضحة على ملامحها.

وكأنما أراد لها الله أن يكون آخر مشهد يظل عالق في الأذهان هو مشهد تكريم هذه السيدة العظيمة التي لم تتوقف عن العمل أو العطاء لحظة، منذ عرفناها في البداية كمدير تنفيذي في مركز مجدي يعقوب، ثم الرئيس التنفيذي لمستشفى الناس، وكانت دينامو التحرك نحو التبرع للنهوض بالمستشفى في رمضان العام الماضي وظهرت بنفسها للتحفيز وعمل عداد الخير للتبرع وبدء تشغيل المستشفى.

عندما تحدثت الراحلة عن المرض وما فعله معها، قالت إنها كانت تظن بعد أول جلسة أن العلاج الكيمائي أمر بسيط وسهل، أو إنها بما هي المحظوظة بأن اختار لها علاج يسير ومختلف عن غيرها وإنها لن تتكبد ما تكبده غيرها من عناء ووهن وضعف، ولكن بمرور الوقت تكتشف أن المرض أصبح رفيقك، وإنه لا مفر من تحمل معاناته، وقالت إن أكثر ما كان يشغلها هو آخر صورة لها ستظل عالقة في أذهان أحفادها، وأنها حريصة على أن تكون هذه الصورة وهي تبتسم.

وأكدت على أنه بعد هذه الرحلة من العمل وتولي المناصب لا يبقى إلا الود المتبادل والمحبة، وهذا ما كانت تجده من كم الدعوات الصلوات التي كانت تصلى من أجلها، وكم ختمات القرآن التي كانت تعقد من أجل شفائها، والدعوات الطيبة هي التي كانت تنقذها، فلا المناصب ولا المراكز تبقى، لا يبقى سوى الحب فاحرصوا على الحب والمودة، وأن الباقي هو السيرة، فإنك سترحل وتبقى أعمالك وسيرتك فاحرص على أن تبقى طيبة طوال الوقت.

احرصوا على النظر في وجوه أباءكم وأمهاتكم، من كان أبواه أحياء، ابقي لجوارهم، واشبع منهم وقبّل يديهم وأرجلهم، فالأب والأم لا يعوضوا.

لا تجعل الحياة تسرقك ولا العمل أو السفر يسرق منك العمر، ابقى لجوار ابناءك وأحفادك، وأقضوا أوقاتًا سعيدة سويًا، سافر مع أبناءك وأحفادك، إلعب معهم، حاول أن تكون لجوارهم وشاركهم حياتهم وأشركهم في حياتك، فانا كنت أظن أنني سأحضر حفلات تخرج أحفادي، وربما زواجهم، ورغم أن المرض يخبرني أن وقتي محدود وإنني ربما لن أصل لهذا الوقت، إلا إنه الحمد لله على المتاح والموجود، اغتنموا الفرصة ولا تتركوها تضيع في البكاء والألم، أسعدوا بأحبائكم، وللسيدات التي اعتادت أن تؤجل أقول لها لا تؤجلي شيء من تحب القراءة لا تؤجلها، من تحب الرسم عليها أن تتعلم وتبدأ فورًا، لا تجعلوا الأيام تخدعكم، ولا تضيعوا اللحظات الجميلة وسط اللحظات المتعبة، من تعمل عمل لا تحبه فلتتركه وتبحث عن شغفها، وما تحبه وتجد فيه نفسها.، ولا تجعلي من نفسك أولوية أخيرة، وانتبهوا لوجود أمهاتكم واسعدوهن.

انتبهوا للمتع الصغيرة غير الملموسة وغير محسوسة ولا نشعر بها، فصوت أم كلثوم في لحظة راحة بال فهي متعة، سندوتش الطعمية الساخن بصحة فهو متعة، مياء البحر عندما يلمس قدميك على شاطئ بصحة متعة كبيرة، انتبهوا للتفاصيل الصغيرة، وعيشوا بالأمل دائما هناك أمل، وركزا فيما تحبون ومن تحبون.

إقرأ أيضا

هل سيقتلك أسترازينيكا؟

وبعد الرحلة الطويلة من الإنجازات والمناصب تذكر دائما أن تتعامل بالود والحب لأنه هو الباقي، وفي النهاية لا تؤجل أن تقول لمن تحب أنك تحبه، لربما يأتي يوم لا تجده أو لا يجدك فتضيع الفرصة ويضيع الحب.