يا رضا “تركي” أو احترق نفسيًا في صمت ومتقرفناش
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
بعد مرور ٢٥ سنة منذ أطلق وائل كفوري ديو “مين حبيبي أنا” مع الفنانة نوال الزغبي والذي كان نجاحه سببًا في خوفه من تكرار التجربة لصعوبة تكرار النجاح إضافة إلى تصريحه بل قل تصميمه على استحالة غناءه باللهجة المصرية حتى يفعلها عمرو دياب ويغني باللهجة اللبنانية ولم يفعلها الهضبة لكن يبدو أن كفوري كان لديه أسبابًا قوية جعلته يتراجع عن قراراته ودوافعًا مشجعة ليتجاوز مخاوفه من الفشل، وأطلق “برضه بتوحشني” مع الفنانة أنغام من كلمات الشاعر تركي آل شيخ وألحان عمرو مصطفى وتوزيع نادر حمدي.
استوقفتني الجيم المصرية من وائل كفوري الفنان العنيد صاحب الهوية الواضحة في أعماله التي يقدمها وصاحب المستوى الرفيع أيضًا كان لزامًا علي أن أتسائل عن الدوافع خاصة مع تواضع العمل.
اقرأ أيضا
دويتو أنغام و وائل كفوري “برضه بتوحشني” .. ليس كل ما يلمع ذهبًا
تدهورت صناعة الموسيقى والأغاني قبل تهاوي الدراما والسينما بعقود بسبب انتهاء عصر الكاسيت من جهة ودخول شركات كبرى احتكارية سيطرت من خارج مصر على السوق العربي كله وقررت من هو النجم وفق حساباتها الخاصة بعيدًا عن المنافسة الحرة أو جودة الإنتاج والموهبة الحقيقة وبالأخذ بالاعتبار الوضع الماضي إلى جانب الظروف الإقتصادية الحالية عربيًا وفشلنا في حفظ حقوق الملكية الفكرية توقف من تبقى من منتجي الأغاني المصريين عن الإنتاج وأعلنوا هزيمتهم وانسحابهم نهائيًا لتبدأ مرحلة تأسيس الفنانين لشركات إنتاج خاصة بهم في محاولة للبقاء بإنتاج أغاني سنجل أو البومات على هوى ميزانية الراعي لو كانت متاحة.
كان الوضع ممهدًا لهيمنة تركي آل الشيخ حال أراد وقرر وهو رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية ومتعهد الفن الوحيد في مصر تشاركه شركات المحمول على استحياء في إنتاج الأغاني ضمن قوالب إعلانية
وبالنظر إلى نجومنا الكبار بشكل سريع نجد عمرو دياب بعد خلاف وصل لساحات القضاء مع شركة روتانا عهد لشركته “ناي” لإنتاج البوماته منذ عام ٢٠١٦ وعلى الهضبة أن يجد ممولًا لأغانيه سواء كان إعلان محمول أو مشروبات غازية أو شاعر محدود الموهبة يبحث عن نفوذ
بينما بقي تامر حسني حتى إطلاقه ٢٠٢١ البوم “خليك فولاذي” من إنتاج روتانا أيضًا و اختتم تيتر فيلمه الأخير “مش أنا” بشكر لآل الشيخ على دعمه للإنتاج.
أما المطربة الكبيرة أنغام فكانت أكثر وضوحًا بإنتاجها البوم “مزح” ٢٠٢٠ الخليجي بهوية خليجية تامة ومن إنتاج روتانا أيضًا وسبقه ألبوم حالة خاصة جدًا الذي حقق نجاحًا كبير لشركة روتانا ولا يفوتنا أن النجمة الكبيرة قد غنت كلمات الشاعر تركي آل شيخ كما فعل الهضبة أيضًا.
ولكن ماذا لو لم تمتلك مواصفات تؤهلك ليلتقطك تركي آل شيخ ويغدق عليك من نعمه وفرصه فبعيدًا عن التعثر الشخصي المعرقل الذي تعانيه شيرين وآمال ماهر أتوقف كثيرًا عند موهبة كارمن سليمان الكبيرة جدًا، عرفها العالم العربي بتتويجها اللقب في الموسم الأول لعرب آيدول عبر شاشة ام بي سي (السعودية) والتي حصلت من خلاله على عقد إنتاج ألبومها الأول والأخير منذ عام ٢٠١٤ ومن يومها وهي تنحت في الصخر ليصل صوتها من خلال أغنيات فردية وهي الموهبة التي اعتبرها من أروع الأصوات وأعذبها والتي يصعب تكرارها مع امتلاكها مواصفات الحضور والشكل لكن مفيش نصيب
في مصر أيضًا توجد بيننا مطربة اسمها مي فاروق وهي موهبة جبارة بدأت طفلة ٨ سنوات في كورال سليم سحاب اشتهرت بغناءها على مسرح الأوبرا للتراث ونجاحها في أداء أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم وهو ما لم يستطيعه كثير غيرها.
لكن الغريب أن مي فاروق طرحت ثلاث أغنيات من إنتاج وتوزيع شركة روتانا عام ٢٠١٧ “بضحك يادنيا”، وهي من كلمات محمود صلاح وألحان محمد رحيم ،و “سلم علي”، وهي من كلمات أحمد مرزوق وألحان محمد رحيم، و “ياملك”، التي شاركت في الغناء فيها بجانب المنشد محمود التهامي وهي من كلمات عبد العزيز عمار، توزيع فهد، وألحان محمد رحيم.
حتى صفحة مي فاروق على ويكيبيديا لم تذكر شيئًا عن هذا التعاون ولا أحد يعرف مصيره.
وقد كتبت عبر تويتر “قربت اكره الغنا من الإحباط لا ليا شلل ولا بتقرب من حد عشان مصلحة”
أما ريهام عبد الحكيم – جيل مي فاروق- عرفها العالم العربي كله من خلال مشاركتها بمسلسل أم كلثوم سنة ١٩٩٩ في أداءها شخصية أم كلثوم في صغرها ورصيدها من مشوارها الطويل ألبومين “كلثوميات” و”أحلى هدية” وتبقى أغنياتها في فيلم عسل اسود سنة ٢٠١٠ “فيها حاجة حلوة” كلمات أيمن بهجت قمر ولحن عمر خيرت و “بالورقة والقلم” من كلمات نور عبدالله وألحان محمد يحيى.
من أهم وأنجح الأغنيات الوطنية التي لا تزال تُغني حتى اليوم وبرغم نجاحها الواضح كالشمس حتى حال غناءها تيترات مسلسلات مثل “خاتم سليمان” و”هي ودافنشي” و “الأسطورة” إلا أنها لم تصل مكانها المستحق أيضًا.
في الشهور الماضية كان تركي آل شيخ قد أعلن عن دعمه المواهب الغنائية الجديدة وذهب نصيب المواهب المصرية لموهبة شابة اسمها فريدة ولو انك سمعتها ستجد دون أن تكون ضالعًا بالموسيقى أنها لديها صوت “جميل” -ينقصه الكثير – لكنها استحقت فرصتها بغنائها مقطع من إحدى الأغنيات من كلمات تركي آل شيخ نفسه ونشرتها على حسابها بالسوشيال ميديا – شاطرة يا فريدة – وبالفعل صدر الألبوم الأول بتوقيع روتانا وكبار أسماء الشعراء والملحنين للموهبة الصاعدة، وتمنياتنا بالتوفيق.
ما الذي يمكن أن يفعله الفنان إن لم يكن طريقه إلى تركي آل شيخ ممهدًا هذا إن وافقنا على سلامة أن يكون هذا هو الطريق وإن كان يوافق اختيارات الفنانين التي تحتم أن تتعدد الطرق وتتحقق المنافسة بين المهيمنين على الإنتاج حتى تكون إرادة الفنانين حرة لأنها الضامن الوحيد لعدم احتراقهم نفسيًا من كثرة السعي دون وصول أو باضطرارهم للخضوع لسطوة أحدهم.
صناعة الأغاني والموسيقى، الإعلام، والنشر في مصر بحاجة لتدخل ودعم الدولة بإدراجهم ضمن الصناعات الأولى بالرعاية أسوة بصناعة الجلود والأثاث والتي تتشابه معها في الركود وضياع الفرص التنافسية الكبيرة وتختلف بخطورة التأثير على قيادة الرأي والوعي في ظل تعرضها لهيمنة خارجية من طرف واحد ما يخل بالقيم ويلخبط الحسابات، ناهيك عن حال العاملين بها من أصحاب المواهب الحقيقية الذي لا يرضي غير عدو، أوليس من حق فنان أن ينجح ويبزغ فجره دون أن يغني من كلمات فلان!
ازاي وانا صبري انتهى لسه بشوف فيكي أمل ..إزاي؟
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة