“يا معافر” .. هل خسر إعلان بنك مصر صوت العسيلي؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“يا معافر .. دايس دايس مابوقفش .. بقلب أسد مابخفش !” .. كانت هذه طلة إعلان بنك مصر هذا الموسم، وإعلان بنك مصر لمن لم يحدده الآن بمنطقة ما، هو بمثابة جارك الغائب الذي يطل عليك من العام للآخر، لكنها طلة تشحنك بطاقة يفشل بها مئات من محاضري التنمية البشرية الجدد، تلك الأم التي تربت على كتفك بعد يوم شاق في العمل، حبيبتك التي تتصل بك في (عز يوم طاحن من المشاغل) لتخبرك ألا مستحيل قادر على إيقافك .. فتهد بعدها جبلًا دون أن تهتز لك شعرة أو ترتجف للحظة!
بدأت حكاية إعلان بنك مصر منذ عدة سنوات، حين ارتبط جمهور الكرة أولًا بالفيديوهات المُركبّة من إعلانات بنك مصر “انت تقدر” بصوت العسيلي ومحمد عدوية ، وكانت هذه انطلاقة فكرة إعلان بنك مصر، وارتباط الجمهور به على مستوى إنساني بحث، حيث يحل محل مقاطع الفيديو المُلهمة على يوتيوب بأصوات الفنانين الأجانب وبعض رجال الدين ودكاترة التنمية الذاتية بالجامعات . ومن فيديوهات جمهور الكرة إلى فيديوهات ذاتية حاول أن يصنعها البعض لنفسه لتحفيز ذاته .. وجاء دور (البيج بوم) عندما غنّى العسيلي ومدحت صالح و في الموسم الذي يليه أغنية”ابن مصر”،وهي الأغنية التي نقلت اعلانات بنك مصر إلى منطقة أخرى، حيث أصبحت عمل فني في حد ذاتها، أكثر من مجرد أغنية، فلا وجود مسبقًا لحالة ارتبط فيها الجمهور لإعلان منتج أو مؤسسة ما ، حيث أصبح “ابن مصر” أيقونة لكل المصريين وبعض العرب، حتى صنفته شركة “جوجل” ضمن أفضل خمس حملات إعلانية على مستوى الشرق الأوسط، ولا أجد اختصارًا لتأثيره سوى تعليق على الإعلان في موقع اليوتيوب لشاب يقول : “هذه الأغنية جعلتني الأول على الثانوية العامة وأنقصت وزني 16 كيلوجرام”
يعد صوت العسيلي عاملًا مشتركًا في جميع نجاحات أغاني إعلان بنك مصر، بعد ابن مصر أيضًا كان “انت استثنائي” بالاشتراك مع المبدع بهاء سلطان ، و “انا الممكن” ، والحديث هنا ليس عن العسيلي كصوت في العموم، الحديث هنا عن العسيلي وارتباط جمهور إعلان أهل مصر بصوته المبحوح الذي يتسق بشكل أو بآخر مع مضمون أغاني الإعلان التحفيزية، ذلك الصوت التي تشعر وكأنه صادر من أحد أشقياء (الجيهة) ، أو هو أقرب ليكون صوت عمال المحاجر، أو صوت الراديو القادم بسيارات النقل الثقيل .. فهو صوت ذو حالة خاصة جدًا، استطاع به إعلان بنك مصر أن يجعل الجمهور يسأل : ماذا سيقدم العسيلي مع بنك مصر في رمضان القادم؟
ولا أزيدكم من الشعر بيت إن قُلت أن لا صوت يعلو فوق صوت شيرين عبد الوهاب، لكن ما حدث في أغنية “يا معافر”، هو اهتزاز العنصر التحفيزي عند المتلقي نفسه، فالمتلقي كان مستعدًا لسماع العسيلي وماذا سيغني العسيلي، وإن كان الإعلان دون ارتباط ما بصوت العسيلي لكان نجاح “يا معافر” سيليق بصوت شيرين كما تستحق، لكن ما حدث بالضبط كأن تضغط على الريموت كنترول لمشاهدة مباراة كرة قدم على قناة أنت تحفظ ترددها .. لتتفاجئ بأنها اليوم ستعرض فيلم سينما !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال