“يد” مصر الطولى .. مضطر أحلم بنفسي
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
(1)
في واحدة من أكثر الأغنيات دفاعًا عن الحق (الحلال) للإنسان في حلمه، كتب الشاعر الصعيدي الذي قاسى الأمرين في عشق مصر وبالتحديد في العام 1986 “لو مش هتحلم معايا مضطر أحلم بنفسي” .. وعلى ألحان العبقري عمّار الشريعي مُغلفة بالصوت الذهبي للفنان علي الحجار صدرت الأغنية كتتر لمسلسل رحلة السيد أبو العلا البشري، لكن “مضطر أحلم بنفسي” ظلّت هي العبارة الأكثر إحراجًا للمصري طيلة 40 عامًا منذ أن صدرت الغنوة إلى الآن .
(2)
الآن .. وليس الآن فقط .. كان منتخب مصر لليد وبالأخص في السنوات الأخيرة بئرًا لحلم رفض كثيرين الغرق فيه بدعوى أنه الغرق في الحلم شئ من القتل .. ذلك بعد أن خرج منتخب مصر (بالصدفة) من منتخب الدنمارك بعد بطولة كانت قِبلة لكل مصريًا قابضًا على الأمل .. والآن – وبعد اعتزال الأحمر الناري – الرسام الذي جُبلت ريشته على شكل يد بشرية، أحمد الأحمر .. توقّع كثيرين هبوط مستوى منتخب كرة اليد المصرية، لكن –كعادة مصر- التي لا تجف ولا تقف عن (الحَبَل) والولادة .. تشكّلت مجموعة جديدة، حمل كل عضوِ فيها على صدره ألوان الأحمر والأبيض والأسمر يتوسطهما العقاب المصري ضاممًا جناحيه، اقتربت بشدة من تحقيق (أملًا) ما في بطولة العالم لكرة اليد 2023 بعد أن فاز منتخبنا على منتخبات : تونس، وكاب فيردي، وكرواتيا والمغرب .
(3)
لكن – وما هو الأهم – أن تلك الانتصارات المتتالية أزاحت الستار عن (طلسم) يصعب على الكثيرون تفكيكه .. أين حالة الأمل التي يجب أن تصاحب كل هذا التصاعد الأسطوري في أداء منتخب يبدع في لعبته الثانية على مستوى الشعبية – وكانت على وضمات هي اللعبة الأولةى شعبيًا ؟ .. أين تلك الحالة التي يتحكّم في صنعها كتلة الصفحات الرياضية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي هي أقرب لكثير من الشباب (والشباب هم عماد الجمهور الرياضي) لكثير من برامج التليفزيون كنتيجة طبيعية لتفوق السوشيال ميديا وتراجع التليفزيون في العموم !
نرى تلك الصفحات التي (تنوح) و(تندب) عند كل خسارة يتلقاها منتخب مصر لكنها تغض الطرف وتشيح وجهها بعيدًا أذا بان الأمل من بعيد وظهر طرف جلبابه؟ .. نرى الكوميكس الساخرة وصناعة حالة تفريغ حالة المنتخب القومي من معناها عند كل خسارة له في كثير من الألعاب، بينما يتخبئ من هم يسخرون ويمسكون العصا من منتصفها ويلعبون دور الناقل لا المشجع في حال تفوق منتخبًا يحمل اسم مصر .. ويظن البعض أن تلك الحالة المصّنعة من الإحباط هدفها فقط على مستوى الكرة والرياضة، بل هي أبعد من ذلك، هو تسريب وتقطير للإحباط نقطة بعد نقطة من خلال الكرة والفن وبث الشائعات لخلق حالة من الحصار على الرأس والروح فيموت الحلم بعد حياة .. ويذبل بعد اخضرار .
(4)
في العام 1986 قرر الأبنودي أن (يحلم) بنفسه .. وفي العام 2023 علينا أن نكسر كل هذا الحصار فقط بالتمسك والقبض على الحلم .. وأن يحلم كلُ منّا بنفسه طالما أن الحلم يتعرض لمحاولة اغتيال !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال