يوميات القلق..كيف حارب مختار الاسكندراني القلق

مختار الإسكندراني رجل قانون ومن أشهر المحامين بمصر، تولى عدة قضايا وحلها حتى كتبت عنه الصحف وأصبح مكتبه من أشهر مكاتب المحاماة.

رجل أنيق، لبق، وقور ويحب النظام وتتسم حياته كلها بروتين يحافظ على هذا النظام الذي وضعه، وبالتأكيد النظام لا يؤدي سوى للاحتفاظ بأعصاب باردة، ورغم ذلك عانى مختار من القلق.

مختار الاسكندراني والقلق

لعلك تتسائل بعدما وصلت إلى هذا الجزء من المقال عن علاقة  مختار بيوميات القلق، فدعني في عجالة أعرفك على يوميات قلقي ثم على مختار نفسه إن كنت لا تعرفه.

يوميات القلق هي يوميات أكتبها لأعبر عن حالات القلق التي تزورني بشكل عنيف؛ يصنفها أهل العلم باضطراب القلق العام، فيما أصنفها أنا بيوميات القلق.

لأنني أحيانًا نادرة أعيش أيام بلا قلق، وإن كنت تريد معرفة معلومات أكثر عن كيفية إدارتي لقلقي الخاص وعن القلق العام والفرق بينه وبين القلق الطبيعي، فعليك الرجوع بالميزان ليوميات القلق السابقة.

أما يا سيدي مختار الاسكندراني فهو بطل مسلسل “عيون” وقد قام بدوره العظيم الراحل “فؤاد المهندس” ونصيحة لله أن تشاهد هذا المسلسل الذي لن تندم أبدًا إذا شاهدته.

وتنبيه أنني لابد لي من حرق بعض الأحداث حتى تفهم علاقة مختار بالقلق.

في الحظر ضفادع برأسي!

بمقال سابق تحدثت عن قلق الكاتب الراحل توفيق الحكيم وكيف كان يعاني من معدلات قلق عالية جعلته يبتعد عن الناس ويندم على هذه العزلة أو هذا الطبع الذي عبر عنه بأنه ضمن سجن العمر كما وصفه.

اليوم سنتتبع قلق مختار الإسكندراني الذي انقلبت حياته رأسًا على عقب عندما عرف أنه يعاني من المشي أثناء النوم، ومن هنا بدأ القلق التسرب لروحه.

تطورت المصيبة بأنه وجد صورة لسيدة قد قُتلت بجريمة قتل في جيبه، ومن هنا زاد قلقه وشكوكه  حول احتمالية  تورطه في هذه الجريمة أثناء مشيه ليلًا وهو نائم.

بالتأكيد هذا الموقف جنوني يقود من يمتلك أعصابًا من حديد إلى الجنون، وقد انهار مختار بالحلقات الأخيرة بعد كل الضغوط التي تعرض لها و دفعته  للقلق على نفسه وعلى من حوله من مرضه.

 ولكن ثبات مختار لعدة حلقات أمام القلق والأدلة التي يمكن أن تورطه بهذه الجريمة يدعوك للانبهار والدهشة.

استخدم مختار الاسكندراني تكنيك من أهم أساليب الهجوم على القلق؛ وهو زيادة الثقة بالنفس.

اضطراب القلق العام يهاجم فريسته بافتراضات تطارد صاحبها عدة مرات باليوم، افتراضات حول ماذا لو حدث كذا وكذا هذا يكون كارثة بكل تأكيد.

في حالة مختار كانت افتراضاته حول ماذا لو قتلت هذه السيدة بالفعل، وماذا لو قتلت ابنتي أو زوجتي أثناء المشي ليلًا، وماذا لو عرف عملائي بأمر مرضي الخطير. 

صمد مختار عدة حلقات أمام كل الأدلة التي تزيد قلقه بثقته بنفسه وحدها، وإجابة كان يجيب بها على شكوكه وشكوك من حوله، بأنه يعرف نفسه جيدًا. 

إقرأ أيضا

تسليم أهالي…إلى متى يخجل الناس من التعبير عن نقص الاحتياجات؟

مختار الاسكندراني لا يمكن أن يقتل تحت أي ظرف حتى لو كان يتصرف تحت تخدير النوم.

يوميات القلق..القلقان عمره ما يتبسط يا سيد

مريض القلق العام عليه الاهتمام بمظهره طوال القوت وصحته والرياضة حتى يوقف افتراضات القلق حول مظهره وشكله وصحته.

مريض القلق العام لابد أن يحسن من مستواه بكل ما يجعله يتطور وظيفيا حتى يهاجم قلقه ويزيد ثقته بنفسه.

مريض القلق العام يجب عليه أيضا التصالح مع فكرة الخطأ، وأننا جميعا يمكننا أن نبذل أقصى ما في وسعنا تجاه علاقتنا الإنسانية وتجاه عملنا، ولكننا أحيانا نخطىء.

والخطأ طبيعة بشرية يجب علينا التصالح معها خاصة هؤلاء من يعانون من مشاكل الكمالية التي ترتبط بالقلق العام وفي الحديث عن أزمة السعي وراء الكمالية مقال آخر. 

مختار صمد حلقات عدة بثقته بنفسه وحدها ومحافظته على روتين يومه المنظم وعلى صحته ليعلمنا درسًا أن نثق بحدسنا وأنفسنا طالما بذلنا ما في وسعنا، ولا تنسى أن تترحم على عمو فؤاد الذي جعلنا نحب مختار رغم عيوبه ونصدقه وكأنه جارنا الطيب الذي وقع في ورطة دون قصد منه.