همتك نعدل الكفة
2٬842   مشاهدة  

يوميات طالب الكلية الحربية (١٠) .. أول وأخر اضراب عن الطعام في تاريخ الكلية

الكلية
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



انتهينا في الجزء السابق يوميات طالب الكلية الحربية (٩) .. كنت على وشك الطيران في السماء لكني سقطت إلى العودة إلى الكلية الحربية بعد انتهاء  .فرقتي الصاعقة الراقية والمظلات واجتياز السنة الثانية والتأهل للسنة الثالثة

وقبل الاسترسال في الحكي يجب علي أن أروي لك عزيزي القاريء بعض تقاليد وأعراف الكلية الحربية، حيث ما دائما أثناء سنوات الدراسة تحب الدفعات الزوجية بعضها البعض والفردية بعضها البعض، بحكم مثلا أن دفعتي ٨٨ دخلت الكلية كمستجدين والسنة الأولى وتدربت على يد دفعة نهائي وهي الدفعة ٨٦ حربية، وكانت الدفعة ٩٠ حربية هي التي دخلت لتدربها دفعتي يوم صرنا نهائي الكلية، لكن الدفع المتتابعة تحدث بينها مناوشات طيلة الوقت بحكم فارق السنة الواحدة، وهو ما ينتهي تمام بعد التخرج.

وعلينا ألا ننسى أيضا أن عمر الدفعة – دفعتي – في تلك الفترة لم يكن يتجاوز التاسعة عشر، عائدون من أحد أصعب فرق الصاعقة في العالم فخورون بأنفسنا “زيادة عن اللزوم ” لا نقبل أن نتعرض للتكدير من طلبة نهائي وهم الدفعة ٨٧ لأننا نرى أننا تساوينا بعد الحصول على الصاعقة وهو ما لم يكن حقيقيا.

الفخر الشخصي بأمر فعله الجميع .. مدعاة للسخرية لا التشجيع

أعتذر على إطالة الشرح و”ندخل في الموضوع”

عادت الحياة داخل الكلية لطبيعتها، نستيقظ في الخامسة والنصف صباحا ما بين طوابير اللياقة واختراق الضاحية ثم التفتيش والمحاضرات التي صرنا ننتهز فترات راحتها لتدخين السجائر المهربة داخل الحمام، كل خمسة في سيجارة يشعلها صاحب السيجارة وكنت قد حصلت عند تخرج الدفعة ٨٦ على حقيبة بها جيب سحري يسهل لي إدخال ١٠ علب سجائر في كل عودة من الأجازات فصرت لا أعاني نهائيا وأشعل كل السجائر التي أحتاج إلى تدخينها.

وما بين طوابير الغداء والتمام والأكل في ميس الكلية وفرق المذاكرة والعشاء كانت الحياة تمشي على وتيرتها، ننتظر بفارغ الصبر تخرج الدفعة ٨٧ لنحكم الكلية لأن هناك مثلا شهيرا يتردد في القوات المسلحة أن أسعد اثنان في الجيش هو من حصل على رتبة لواء وطالب نهائي الكلية الحربية.

حتى تلك الليلة التي كنت أعود فيها من فرق المذاكرة متجها إلى أرض الطابور لحضور طابور العشاء بصحبة زميلين من دفعتي، نغنى ونحن نضحك أغنية “حاجة غريبة” للعندليب عبد الحليم حافظ وشادية فإذا بطالب من القسم النهائي – دفعة ٨٧ حفظنا بقى – يطالبنا بإيقاف الغناء والاتجاه لأرض الطابور ركضا.

عرفا كان هذا طلبا غريبا، لأن الدفعة التي تحكم الكلية تعامل الدفعة التي تليها بعد عودتها من الصاعقة بشيء من الاحترام والكثير من التجاهل لعدم التشاحن فكان هذا الأمر بالنسبة لنا مدعاة للسخرية، سخرنا من الطالب وضحكنا عليه ، فتوقف عن متابعتنا واتجه إلى مساعد الكلية الحربية عند قاعدة الجنداري ليخبره بأننا “رشقنا”، وفعل رشق في الكلية الحربية يعني امتنع عن تنفيذ الأوامر.

لا تضرب رأسك برأسي وأنت تظن رأسي وحدها التي ستنكسر

وإذا بمساعد الكلية يطلب مساعد الكتيبة التي ننتمي لها وقد عرفها طالب النهائي من لون الكتافات كما سبق وشرحنا، ليطلب منا مساعد الكتيبة تنفيذ أمر تكدير بالنزول ٩ استعد لنرشق مرة أخرى فيعود ليخبر مساعد الكلية الذي أشعل أرض الطابور حريقا عندما صرخ في الميكروفون

  • عدا الدفعة ٨٧ كلية الحربية ٩ استعد

ليسقط طلبة السنة الأولى – الدفعة ٨٩ – منفون وضع تمرين ٩ فورا، بينما تقف دفعتنا بأكملها رافضة تنفيذ الأمر دون اتفاق مسبق، دون أن ينظر أحدنا حتى ليرى ماذا يفعل الأخر.

يشتعل الأمر ويبدأ مساعدو الكتائب في الصراخ ومعهم بعد ضباط الصف الطلاب ويتدخل الضباط أنفسهم ويطالبوننا بتنفيذ الأمر، ننفذ بهدوء فيصرف المساعد الطابور فورا.

نغادره نحون عنابر النوم لا الميس، وتدق الساعة العاشرة نوبة نوم وندخل إلى الفراش استعدادا للنوم

ثم فجأة تضاء الأنوار في العاشرة والنصف في عنابر الكتيبة الأولى بالكامل حيث امتنع حوالي ١٠٠ طالب عن الذهاب لتناول العشاء غضبا من قرار تكدير الدفعة والكتيبة خاصة صحابة الطلبة “الراشقين”.

الاضراب عن الطعام جريمة في الجيش عقوبتها الضرب بالرصاص

ضحكت كثيرا عندما سمعت هذه الجملة من سيادة العقيد ضابط عظيم النوبتجية وهو يأمرنا بارتداء ملابسنا والعودة إلى الميس لتناول العشاء في الحادية عشر مساء في سابقة لم تحدث في تاريخ الكلية الحربية ولن تحدث مرة أخرى.

استغلها الطباخون ووضعوا كل الطعام الباقي من عشاء اليوم ليأكله الـ١٠٠ طالب الذي تمت مراقبتهم حتى لا يتركوا خلفهم “فتفوتة” خبز.

في الحقيقة نحن لم نضرب عن الطعام .. احنا “اتقمصنا” بوعي جمعي طلعنا ننام من سدة النفس

وفي الصباح كنت على موعد مع قائد لواء الطلبة أنا وزميلي لنحصل على الجزاء “التمام”

إقرأ أيضا
الحياة

طمأنني أحدهم  وقال لي “بابا عقيد” وكلم سيادة العميد ومش حناخد جزا

وبالفعل حصل كلا منا على ١٥ يوما من الحجز مع طابورين للتكدير رسميا وقانونيا

وصار “إفيه” بابا عقيد في دفعتنا يعني أن الموصي لن يفعل شيئا.

لكن الترم الأول من السنة الثالثة قارب على الانتهاء وعندنا امتحانات وما أدراك ما امتحانات الكلية الحربية التي نستعد بعدها لتسلم قيادة الكلية بدء من الترم الثاني من السنة الثالثة.

فماذا فعلت في الامتحانات

لكن الأهم ماذا فعلت عندما صرت طالب نهائي مسؤول عن فصيلة كاملة؟

 

الكاتب

  • الكلية أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
23
أحزنني
0
أعجبني
7
أغضبني
2
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان