رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
241   مشاهدة  

أمي التي حاربت الفقر بالإصرار وانتصرت عليه

الفقر
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



كنت دائمة المتابعة منذ الصغر للحفلات التي نشاهدها بالتلفزيون بعيد الأم والأمهات التي تكرمهن الدولة لكفاحهن بالحياة، أجد الجميع يجدون .أمهاتهم أعظم الأمهات فيما لا أعي كطفلة صغيرة ما الذي يجعل أمي مميزة بين كل هؤلاء الأمهات المكافحات؟..

أنا الإبنة الوحيدة لها وربما هذا ما جعلنا كأصدقاء يختلفوا تقريبًا فيما بينهما في كل شىء عدا الحب، نتشاجر كثيرًا ونتصالح كمحبين تعاهدوا .على الحب رغم كل الاختلاف بيننا

وفي لحظة ما قررت أمي رواية قصتها المميزة التي جعلتني أراها بشكل مختلف، قصة كلها أمل استخرجته من باطن المعاناة والعند مع كل الظروف.

 حكت  لي عن كيف عانت مع الفقر بتفاصيل موجعة عاشتها كنت لا أتصور أبدًا أنها مرت بها. الحياة تصبح قاسية جدًا مع قلة الإمكانيات وعدم توفر احتياجات الإنسان الأساسية والتعامل مع أشياء كثيرة على أنها مجرد الرفاهية.

ثم حكت قصتها مع إصرارها استكمال تعليمها للنهاية، حيث رسبت  أمي في الصف الصف السادس الابتدائي ولم تكن تعلم أن هناك فرصة لإعادة السنة، ولم يهتم أحد من أهلها للبحث خلف طريق التعليم مرة أخرى.

وجاء جار طيب سألها عن أحوالها بالدراسة فصارحته أنها فشلت ظنا منها أن هذه هي نهاية الطريق، فما كان منه أن انتفض وأخذ أوراقها الرسمية وقدم لها هذه الأوراق بمدرستها كي تعيد السنة، ونجحت أمي حتى استكملت تعليمها وحصلت على دبلوم التمريض. 

أقرأ أيضا…زفة عصافيري على شباكي

في الثمانينات عينت أمي ممرضة بإحدى المستشفيات الحكومية، ولكن اكتشفت مع الوقت أن مرتبها لا يكفي احتياجاتها الأساسية ولا تحقيق أحلامها وتأمين مستقبل أفضل فقررت السفر القاهرة من الإسكندرية والبحث عن سفر لدولة عربية، وأخذت رحلة البحث بالسفارات شهورا حتى وصلت أن سافرت للقاهرة وحدها ٣٦ مرة تدفع من راتبها الصغير ثمن تذاكر السفر وأحيانا أجرة ليلة بأحد الفنادق البسيطة. 

بدأ الحظ في الإعلان عن حضوره عندما تم قبولها في مستشفى حكومية بالإمارات العربية بعد امتحان نجحت فيه بتخصصها بالتمريض بالسفارة الإمارتية بعد سعيها للسفر لأكثر من دولة، ولكن الانتظار في حد ذاته قاتل، فقد ظلت تنتظر موعد السفر لثلاثة أشهر، ولكي تسأل عن مصيرها حتى يطمئن قلبها كانت تسافر خصيصا للسفارة.

تقول أمي:

كنت كل مرة اروح واسأل عن معاد السفر يقولوا لي لسة..لسة..لحد ما في يوم قالوا لي إن في حد اعتذر عن قبول الوظيفة والسفر وممكن أسافر مكانه حالا.

في لحظة من الجنون والحلم قبلت أمي العرض، سافرت بحقيبة يدها وشبشب بسيط في رجلها وفستان أبسط.

وفاجئت أهلها بخطاب من الإمارات أنها سافرت واستقرت، وقرار كهذا لبنت بالعشرينات من عمرها في بيئة بسيطة لقرار صعب.

بنت قررت السفر وحدها وفجأة، أمر يجلب كثيرة الكلام بمنطقة شعبية وكذلك الصداع الذي كان بالنسبة إليها ليس أسوأ من الفقر.

سافرت أمي وتغلبت على الفقر ونسته تماما وحققت حياة سعيدة لنفسها باستقلال مادي طالما كان نقطة قوتها حتى بعد الزواج.

 رأيت أمي في هذه اللحظة التي تحكي لي فيها القصة  امرأة خارقة،  ولم أكن أتخيل أن تفعل امرأة في العشرينات من عمرها هذا الأمر من منطقة شعبية دون خوف من  كلام الناس عنها.

إقرأ أيضا
السرقات في الأعمال الأدبية

قضت خمس سنوات من عمرها هناك ترى أسرتها خلالهما مرة كل عام  خلال الإجازة وتضرب بكلام أهل الشارع عرض الحائط عن قصة فتاة سافرت فجأة وتعيش وحدها بالإمارات وتعمل كممرضة تسهر للفجر بالمستشفيات.

تركت أمي حياة أحبتها من أجلي وعملها الذي كان بمثابة كل حياتها، تركت ما جعلها تغامر وتنسى أن لها أسرة بسيطة محافظة بأخ شديد التدين يغار عليها من كل شىء. .

.لم تضع في حسبانها آراء الناس لتعلمني درسًا في القوة والشجاعة ومحاربة كلام الناس الذي كان يصلها

علمتني أن يثق الإنسان في نفسه إن كان على حق، وأن استغل الفرص كي أحارب كل ظرف صعب كما حاربت الفقر وقهرته وغيرت من حياتها وحياة أهلها ومساعدتهم جميعهم ماديا مما وصلت إليه في بضع سنوات.

تحارب أمي الآن كدمة بالنخاع الشوكي  وأمراض الشيخوخة بشجاعة كما حاربت الفقر. 

أتذكر تاريخها في خدمة جدتي أم أبي التي اعتبرتها كإبنة لها، وتضحيتها من أجلنا طوال هذه السنوات، لحظات الآلم التي تذهب وتفاجئنا مرة أخرى كي تختبر قدرتنا على التحمل ومدى قوتنا، وأتذكر سفرها وحيدة بمنتهى القوة وطهر قلبها في حب الأخرين مهما بلغت إساءتهم، فأتأكد ؛ أمي  ليست فقط أما مثالية ولكنها سيدة استثنائية بقلب يمكنه أن يسع العالم. 

الكاتب

  • الفقر إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان