رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
173   مشاهدة  

إلى معلمتي التي علمتني الفن منذ الروضة والتي فقدت بصرها ولم تفقد البصيرة

الفن
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



كنت طفلة تكره الحضانة  بغضب شديد تفوقت فيه على كل الأطفال من حولي. حاولت أمي مرارا إقناعي بأن المسيرة التعليمية مهمة وذهابي إلى الحضانة سيحقق لي مستقبلا عظيما.

لم أستوعب حرفا واحدا مما تقول، كما لم أستوعب غضبها مني عندما كنت أؤجل عمل الواجب الذي لم أعرف قيمته وقتها أيضا.

صراخ كل صباح يقطع قلب أمي التي كانت تنظر لي بشفقة بعد أخذ المدرسين لي والجلوس بجواري في تختة حتى لا أهرب من الحضانة.

في الحظر ضفادع برأسي

كانت  الحضانة مأساة حقيقية لي، وكنت أنا بصراخي وتمردي مأساة أيضًا للمدرسين وللتلاميذ.

حتى ظهرت أول صديقة لي، كانت بضفيرتين صفراء اللون، وشعرت بشكل ما أنني مسؤولة عنها لأنها تصغرني بعام.

ثم بدأت المدرسات تؤهلنا لحفلات الحضانة، وهنا شعرت هناك شيء ما بهذا السجن به إثارة وبهجة.

ثم حدث شيء أعظم، وهو ظهور مس فردوس صاحبة أجمل ابتسامة، مدرسة الموسيقى التي تشرف على حفلات الحضانة وتعلمنا معنى كلمة فن.

عندما تركت سوسو الرقص واتجهت للكتابة

كانت فردوس سيدة في أواخر الخمسينات من عمرها أو أوائل الستينات، تضع بونيه على شعرها وترتدي ملابس مناسبة لسنها والذوق بنفس الآن.

تمتلك حسا بالموسيقى رائع، وبمواهب الاطفال أروع، ولكن كانت لا تنظر لأحد منا، وعيناها تتعلق دائما بالسماء، لا تنظر سوى لأعلى، وشكلها يختلف عن عين أبي وأمي وأصدقائي.

فهمت مع الوقت أنها ضريرة، وكنت في غاية التعجب كيف تشعر بنا جميعا وتدرس لنا الموسيقى و تدربنا على الغناء وهي لا ترى مثلنا!

الدنيا برد

الدنيا برد

وعم خليل بيسقى الورد

كانت هذه الأغنية التي اخترناها لحفلة من حفلات الحضانة، فيما اختارتني مس فردوس لغنائها.

كانت تقول بأعلى صوت: أنا عايزة إسراء..إسراء صوتها حلو.

فجعلتني أحب أنفسي، أحب الحضانة، أحب فستاني الذي اختارته لي أمي للحفلات، أحب الفن وأتعرف عليه لأول مرة من خلالها وانا مازالت صاحبة الأربع سنوات.

إقرأ أيضا
الاسكندراني

لا أنسى أبدا الحفلة وجلوسي بجوارها وبجوار البيانو الذي تمتلكه. تعزف مس فردوس فتدخل في أذني ألحان البيانو وكأنها من عالم بديع أتعرف عليه معها؛ عالم الفن الذي عشقته فيما بعد وصار جزءًا من مستقبلي.

الفن

أجلس بجوارها بفستاني والميكرفون أغني باندماج، وأنظر لاسرتي الصغيرة بسعادة أن مس فردوس اختارتني لأنني موهوبة، ولدي صوت مميز.

كبرت وانضممت في المرحلة الإعدادية لكورال المدرسة، ولم أنسَ فردوس صاحبة البصيرة المختلفة التي كانت ترانا بروحها.

كبرت ومررت على الحضانة فوجدتها أصبحت مجرد ذكرى، بعدما تم هدم العمارة كلها وأصبح مكانها برجا كبيرا لا يمثل سوى ما يستحدثه الزمن.

كبرت وكل سنة كانت تمر علي أحب فيها الفن أدعو لها أن يتغمدها الله برحمته إن كانت على قيد الحياة أو اختارها الله بجواره.

تمر بنا الحياة كرحلة قصيرة مهما طالت، ويبقى الأثر يا مس فردوس.

الكاتب

  • الفن إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (1)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان