ابن تيمية في مسلسل الاختيار مرة أخرى “أخطاء رمضان عبدالمعز ومؤيديه ومعارضيه”

تجددت سيرة ابن تيمية في مسلسل الاختيار مرة أخرى على لسان الشيخ رمضان عبدالمعز فقد كانت الأولى خلال الحلقات الأولى من العمل، لكن الحلقة العشرين سببت غضبًا لدى قطاع كبير من المثقفين ثم حيرة لمحبي بن تيمية حيث أن جزءًا منهم يكرهوا مسلسل الاختيار.

مشهد رمضان عبدالمعز .. ماذا قال

ظهر الشيخ رمضان عبدالمعز وهو يستعرض أكاذيب التكفيريين ويفندها لكشف أنهم يبدلون القول ويحرفونه لخدمة أغراضهم ومن ضمن ما يحرفوه كلام ابن تيمية والذي قال عنه رمضان «والله ظلموا الراجل ده معاهم.. اللي بيقولوا اسمه وبيكفروا الناس باسم ابن تيمية.. ابن تيمية برئ من الملف ده.. التتار لما هجموا علينا وكانوا فى دمشق وأسروا أسرى كتير أوى.. ابن تيمية راح لقائد التتار علشان الأسرى اللى عنده فقاله طيب حاضر هنعد الأسرى المسلمين وندهملك.. قاله لا.. المسيحيين قبلهم واليهود كمان قبلهم، الفتاوى اللي بتطلع فى حاجة اسمها بيئة الفتوى فابن تيمية فتاواه كان ليها ظروف معينة.. مناخدش الفتاوى دى نستغلها فى كل وقت».

أخطاء مشهد رمضان عبدالمعز عن ابن تيمية في مسلسل الاختيار

حمل مشهد رمضان عبدالمعز عن ابن تيمية في مسلسل الاختيار عدة ملحوظات بشأن الموضوع والاستدلال وعليه فإن رمضان عبدالمعز وقع في عددٍ من الأخطاء.

بدايةً فإن مرجع معلومة تدخل بن تيمية لفك أسرى اليهود والمسيحين وردت في كتاب ابن تيمية حياته وعصره، آراؤه وفقهه لـ محمد أبو زهرة ص 39 طبعة ثلاثينيات القرن الماضي، نقلاً عن ما قاله ابن تيمية نفسه في مجموع الفتاوى المجلد 28 ص 336.

الملحوظة الأولى أن استدلال رمضان عبدالمعز بتلك المعلومة (موقف الأسرى غير المسلمين) لا معنى له، لأن الموضوع هو فتوى بن تيمية التي يستند عليها التكفيرين وليس شخصية بن تيمية أصلاً.

أما الملحوظة الثانية عدم استفاضة رمضان عبدالمعز في نقد الفهم التكفيري لفتوى بن تيمية واكتفاءه فقط بجملة «الفتاوى اللي بتطلع فى حاجة اسمها بيئة الفتوى فابن تيمية فتاواه كان ليها ظروف معينة.. مناخدش الفتاوى دى نستغلها فى كل وقت»، وقمنا عبر موقع الميزان بنقد هذا الفهم مـــن هــــــنـــــــا .

بينما الملحوظة الثالثة أن رمضان عبدالمعز لم يذكر أن التتار الذين عاصرهم بن تيمية في معركة شقحب كانوا مسلمين بالمذهب الشيعي ولم يكونوا وثنيين أي أن المواجهة أصلاً كانت بين مسلمين شيعة ومسلمين سنة.

ملحوظة أخرى وهي صلة بن تيمية والتتار التي حكاها رمضان عبدالمعز فالقصة هذه حدثت عام 699 هـجري، ولا يوجد مصدر لها سوى اثنين هما بن تيمية التي حكاها عن نفسه، والإمام الذهبي الذي كذَّب بن تيمية، أما الحكاية التي رواها المؤرخ بن كثير فيها نظر لأن بن كثير لم يعاصر الواقعة حيث ولد بعدها بعامين.

بالأدلة التاريخية التراثية التي لها سند فإن بن تيمية كاذب بالنسبة للإمام الذهبي الذي هو من عشاق بن تيمية وشهد واقعة الوساطة وعاصر بن تيمية إذ روى في كتابه «العِبَر في خبر من غبر» حكاية أخرى حيث قال «فاجتمع أكابر البلد وساروا إلى خدمة غازان، فرأى لهم ذلك وفرح بهم وقال: نحن قد بعثنا الفرمان بالأمان قبل أن تأتوا، ثم انتشرت جيوش التتار طولًا وعرضًا وذهب للناس من الأهل والمال والمواشي ما لا يحصى، وحمى الله دمشق من النهب والسبي والقتل ولله الحمد» وطبقًا لهذه الرواية فإن غازان أمر بالعفو عن الأسرى قبل قدوم وفود أكابر البلد أصلاً.

ما ذكره الذهبي الذي نفى حضور ابن تيمية مجلس الوساطة اتفق معه أيضًا المؤرخ عفيف الدين اليافعي الذي عاصر الأحداث ودونها في الجزء الرابع من كتابه «مرآة الجنان»

أخطاء مؤيدي مشهد ابن تيمية في مسلسل الاختيار

مؤيدي مشهد بن تيمية وقعوا في عدة أخطاء أبرزها اعتقادهم أن بن تيمية لا يدعو إلى القتل وهذا غير صحيح ففي خلال مجموع الفتاوى لـ بن تيمية أصدر 428 تجيز قتل المسلم لأخيه من باب «يٌستتاب أو يٌقتل»، وضرب سامح عسكر عدة أمثلة على فتاوى التقتيل فمثلاً أفتى بن تيمية بقتل من يتعاطى الحشيش وتكفيره حيث قال في المجلد الثالث «هذه الحشيشة الصلبة حرام، سواء سكر منها أو لم يسكر؛ والسكر منها حرام باتفاق المسلمين؛ ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا، لا يصلى عليه؛ ولا يدفن في مقابر المسلمين».

كذلك له فتوى يتم استخدامها الآن في جواز قتال الحكومات المدنية حيث قال في الجزء الثاني «كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة، أو الباطنة المعلومة، فإنه يجب قتالها، فلو قالوا لا نجاهد في سبيل الله، ولا نضرب الجزية على اليهود والنصارى، ونحو ذلك، قوتلوا حتى يفعلوا ذلك».

إقرأ أيضا

مي كساب في “العتاولة” .. عندما تختمر الموهبة

أفتى بن تيمية بجواز القتل على الشبهة، يعني في حال تشكك المسلم من إسلام أو إيمان أحد فهو زنديق وحكم الزنديق القتل حيث قال «وأما قتل من أظهر الإسلام وأبطن كفرا منه، وهو المنافق الذي تسميه الفقهاء الزنديق، فأكثر الفقهاء على أنه يقتل وإن تاب ومن كان داعيا منهم إلى الضلال لا ينكف شره إلا بقتله، قتل أيضا».

أخطاء معارضي رمضان عبدالمعز بمشهد ابن تيمية في مسلسل الاختيار

أثر مشهد ابن تيمية في مسلسل الاختيار سلبًا عن أغلب المثقفين الذين اصطُلِح عليهم باسم «التنويريين»، لدرجة أن بعضهم اعتبر المسلسل قد انتهى رسميًا بالنسبة له ولم تعد له قيمة.

عدة أسباب طرحها معارضي رمضان عبدالمعز بشأن بن تيمية حيث أخذوا أقوال علماء المسلمين في حق بن تيمية لكن استدلالهم بمسألة أن العلماء انتقدوا بن تيمية في فكرة القتل غير صحيح، أما استدلالهم باكتظاظ فتاوى بن تيمية بالقتل فهذا هو الصحيح.

وقع في معارضي بن تيمية في خطأ وهو اعتقادهم أنه خارجي المذهب وهذا غير صحيح حيث قال عنهم «لهم [أي: الخوارج] خاصتان مشهورتان فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم: أولها خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، أو ما ليس بحسنة حسنة، وهذا هو الذي أظهروه في وجه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال له ذو الخويصرة التميمي: اعدل؛ فإنك لم تعدل، حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل)؛ ثانيها: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تفكيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان».