همتك نعدل الكفة
772   مشاهدة  

الأزبكية والعتبة الخضراء “قصة ثنائية ابتلعهما الزحام”

الأزبكية والعتبة الخضراء


تتصدر منطقتي الأزبكية والعتبة الخضراء قائمة أكثر أماكن القاهرة ازدحامًا، بينهما المترو ويتوسطهما سوقين كبيرين هما الموسكي والعتبة وعلى آخر امتدادهما شارع الأزهر، وابتلع هذا الزحام زخم تاريخي كبير.

تاريخ الأزبكية والعتبة الخضراء

الأزبكية - رسمة : بروسبر ماريلهات
الأزبكية – رسمة : بروسبر ماريلهات

بدأ تاريخ الأزبكية والعتبة الخضراء منذ أواخر القرن الرابع عشر إبان حكم دولة المماليك، عندما أهدى السلطان قايتباي مكافأة قائد جيوشه الأتابك سيف الدين بن أزبك قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة وكانت حينئذ أرض جرداء ليس بها سوى ضريحين, ضريح سيدي عنتر وضريح سيدي وزير.

أوصل سيف الدين بن أزبك المياه من القناة الناصرية وشيد على طولها رصيف من الحجارة ليتخذه الناس ممشي، وأقام أيضا منتزها رائعا حول البركة حمل اسمه، وأنشأ الجامع الكبير ثم أنشأ حول الجامع البناء والربوع والحمامات وما يحتاج إليه من الطواحين والأفران، وحدد لها في كل سنة عيدا أسماه “احتفال فتح البركة”، فحينما يرتفع النيل يتم فتح السد المقام عند مدخل البركة على الخليج الناصري فتندفع المياه إليها، وبحلول عام 1495 كانت الأزبكية قد تحولت إلى حي كبير يتوسط القاهرة.

الأزبكية والعتبة خلال العثمانيين والفرنسيين

خريطة الأزبكية سنة 1899
خريطة الأزبكية سنة 1899

بعد دخول العثمانيين مصر عام 1517م شيد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرا كبيرا على حافة بركة الأزبكية الشرقية، وأسماه “العتبة الزرقاء” بسبب أن لون بوابته التي كانت تؤدي لشارع الأزهر كان أزرقا، بالإضافة إلى وجود بلاطات زرقاء فوق عتبته.

شهد ميدان الأزبكية فترة دخول نابليون بونابرت مصر عام 1798م، حيث لما أراد كسب ود الشعب المصري، بدأ في تعلم مبادئ الدين الإسلامي فكان يتردد على دارة الخليل البكري في ميدان الأزبكية ليدرس على يديه القرآن الكريم ويتلقى دروساً في آداب الإسلام وشرائعه، ثم اتخذ لنفسه فيها دارًا.

مع عصر محمد علي باشا وأسرته

محمد علي باشا
محمد علي باشا

من ميدان الأزبكية والعتبة الخضراء خرجت جماهير القاهرة في عصر يوم 13 مايو عام 1805م تنادي بمبايعة محمد علي أميرا على مصر، بدلا من الحكم العثماني الجائر الذي عانى منه الشعب المصري.

اقرأ أيضًا 
“خدعة البيات” لماذا لم يسكن محمد علي في القلعة إلا بعد عامين من حكمه

يعتبر الخديوي إسماعيل المؤسس الحديث للأزبكية وذلك عندما عاد سنة 1867م من زيارته لمعرض باريس، فبهره العمران الحديث في باريس، فأقدم علي الأزبكية لتكون علي شاكلتها، وأعاد تخطيط ميدان الأزبكية.

اقرأ أيضًا 
تاريخ تمثال إبراهيم باشا “أحدث أزمة دبلوماسية ومكانه الأول ليس الحالي”

إقرأ أيضا
كامل العدد+1

أطلق اسم قصر”العتبة الزرقاء” الذي بناه “رضوان كتخدا” على نصف الميدان، وسمي النصف الآخر باسم ميدان “أزبك”، ولكن هذا القصر لم يبق على حاله، ففي عهد الخديوي عباس الأول، تم هدم القصر وأعيد بناؤه مرة أخرى باسم “العتبة الخضراء” تبركا باللون الأخضر لمدخله، حيث أن الخديوي كان يتشاءم من اللون الأزرق.

الخديوي إسماعيل
الخديوي إسماعيل

في عام 1864م تم ردم البركة التي كانت تتوسط الميدان، وأنشئ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي “باريل ديشان بك”، على مساحة 18 فدانا أحيطت بسور من البناء والحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع وأقام الخديوي إسماعيل في طرف الأزبكية الجنوبي مسرحين هما المسرح الكوميدي الفرنسي الذي إنشئ في 2 نوفمبر 1867م وافتتح في 4 يناير 1868م تحت إدارة الخواجة منسي، ودار الأوبرا الخديوية، وبعد الأنتهاء من تشجير الحديقة وتزيينها وإنارتها عين الخديو مسيو “باريليه” الفرنسي ناظرًا لها ولجميع المتنزهات الأخرى، وكانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين، ففي يونيو 1887م تم الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، واحتفال الجالية الفرنسية بعيد 14 يوليو، أما الاحتفالات المصرية في الحديقة فكان أبرزها الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني واحتفال الجمعيات الخيرية والمحافل الماسونية، وكانت الموسيقي العسكرية تعزف في الاحتفال الأول، إلي جانب إقامة السرادقات في احتفالات الجمعيات وحفلات المطربين، وأشهرهم الشيخ يوسف المنيلاوي وعبده الحامولي، ومحمد عثمان.

نوبار باشا
نوبار باشا

أما في عهد وزارة “نوبار باشا”، فقد تم استخدام قصر العتبة الخضراء كمقر للمحكمة المختلطة، ثم تحول إلى دار القضاء العالي المعروف حاليا في المنطقة التي أطلق عليها ميدان الإسعاف، وفي منتصف القرن التاسع عشر تم إنشاء مستشفى أهلي بميدان الأزبكية، هذا إلى جانب أنه في منطقة الأزبكية كان مشيدا عدد من الفنادق منها “شبرد” و”الكونتيننتال” بالإضافة إلى “وندسور وإيدن بالاس”.

بعد حريق القاهرة الذي حدث في 26 يناير عام 1952م، طرأت على ميدان الأزبكية تغيرات كثيرة فقد تم نقل مكاتب شركات الطيران التي كانت موجودة بفندق شبرد الذي تم تدميره تماما في الحريق إلى ميدان التحرير، وتم تقسيم ميدان الأزبكية نفسه بمساحته الهائلة إلى أربعة أماكن تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد، ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين تابعين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي، أما حديقة الأزبكية فقد قسمت هي الأخرى، وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
2
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان