تاريخ تمثال إبراهيم باشا “أحدث أزمة دبلوماسية ومكانه الأول ليس الحالي”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اكتسب تمثال إبراهيم باشا شهرةً وشائعاتٍ في نفس الوقت، فمثلاً مع زيارات العاهل السعودي وولي عهده تزامنت عملية تنظيف التمثال وتغطيته مع الزيارة فخرجت شائعات أن ذلك تم بسبب أن إبراهيم باشا أذل العائلة السعودية والوهابية.
متى بدأ تاريخ تمثال إبراهيم باشا
بدأ تاريخ تمثال إبراهيم باشا حين قرر الخديوي إسماعيل تكليف الفنان كوردييه بالقيام بمهمة نحت تمثال والده إبراهيم باشا وذلك في عام 1868، ثم وجه أمرًا بتشكيل لجنة فنية تضم رموزًا فرنسية للإشراف على عمل التمثال من الناحية الفنية برئاسة الكونت نيودركيك وقررت اللجنة إضافة فنان فرنسي آخر هو جاكمار.
اقرأ أيضًا
لماذا قال إبراهيم باشا محمد علي : أنا مصري ولست تركيًا
نُحِت التمثال في فرنسا وتشير الوثائق إلى أن القائمين على عمل التمثال أتوا إلى مصر لمقابلة الخديوي إسماعيل ومعاينة الأماكن التي ستوضع بها التماثيل التي كلفوا بعملها ومنها هذا التمثال.
في 11 يناير سنة 1866 قدم نوبار باشا خطابًا إلى الخديوي إسماعيل مكتوب فيه «تمثال والد الجناب العالي وجده المقترح إقامتهما في الإسماعيلية والأزبكية وكان رأي الجناب العالي في ذلك الانتظار حتى يحضر صاحب المصنع الذي أخذ على عاتقة عملها وعرض النماذج».
اقرأ أيضًا
إبراهيم باشا في نظر المؤرخين “هذا اختلافه عن والده”
بعد هذا الخطاب بأيام أمر من الخديوي إسماعيل بتحويل مبلغ ستة آلاف جنيه إلى أحد البيوت المالية في باريس باسم الكونت نيودركيك وحتى يتمكن من صرف المبلغ إلى الفنان الذي سيقوم بصنع التمثال وهو المسيو قوردييه.
أزمة تركيا ومصر بسبب تمثال إبراهيم باشا
يشير عدد جريدة الأهرام في مئوية إبراهيم باشا إلى تم الانتهاء من صنع التمثال في عام 1872 وقام المعماري الفرنسي بودري بوضع تصميم لقاعدة التمثال مستوحاة من العمارة الإسلامية، تتألف جوانبها من دخلات ذات صدور مقرنصة في جوانبها أعمدة مدمجة وتضم في داخلها عقودًا منكسرة مشعة وتنتهي القاعدة بصف من المقرنصات ويعلوها مصطبة أخرى صغيرة يقف عليها التمثال ولكن هذا التصميم لم ينفذ لأنه لم يلق استحسان الخديوي إسماعيل.
اقرأ أيضًا
إبراهيم باشا منقذ تركيا ومذلها .. من بيلوبونيز إلى الآستانة
أحدث إقامة هذا التمثال وقت إقامته أزمة بين مصر وتركيا فقد حدث أن صنع كوردييه لوحتين لوضعها على قاعدة التمثال الرخامية، إحداهما تمثل انتصار الجيش المصري على الأتراك في معركة نزيب والثانية انتصاره على الأتراك في معركة قونية، وكانت اللوحتان على وشك أن توضعا على جانب قاعدة التمثال ولكن السلطات التركية تدخلت ورفضت اللوحتين لأنهما تمثلان هزيمتها أمام جيوش مصر، وأخذ كوردييه اللوحتين وسافر إلى فرنسا وعرضها في معرض باريس عام 1900، وبعد انتهاء مدة العرض أخذهما إلى بيته وحفظهما في ستوديو صغير حيث لم يعلم مصيرهما بعد ذلك.
مكان التمثال الأول
نصب التمثال في عام 1872 بميدان العتبة الخضراء في أول الأمر، وفي عام 1882 قام الثوار العرابيون بإنزاله من فوق قاعدته باعتبار صاحبه أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وبعد أن هدأت الأمور أعيد إقامة التمثال في ميدان الأوبرا في مكانه الحالي.
اقرأ أيضًا
قصة دخول زيتون الكالاماتا إلى مصر .. حرب إبراهيم باشا كانت سببًا
وحينما عزمت الحكومة المصرية على الاحتفال بمرور مائة عام على وفاة إبراهيم باشا عام 1948 أرادت أن تضع اللوحتان في مكانهما فاتصلت مصر بفرنسا وبحث عن اللوحتين عند حفيد كوردييه وفي متاحف باريس الكبرى فلم يعثر لهما على أثر ولكن وجد صورتان فوتوغرافيتان لهما أخذهما المثالان المصريان أحمد عثمان ومنصور فرج وصنعا لوحتان تشبهان لوحتي كوردييه وهما الموضوعتان اليوم على جانبي التمثال.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال