
الأهلي يفضح منظومة الكرة في مصر.. قرار تاريخي أم مقامرة خاسرة؟

لم تكن أزمة مباراة القمة الأخيرة بين الأهلي والزمالك مجرد خلاف عابر حول التحكيم أو التنظيم، بل كانت انعكاسًا صارخًا لحالة الفوضى الإدارية التي تعاني منها منظومة الكرة المصرية. قرار الأهلي بعدم خوض لقاء القمة 130، أمس الثلاثاء، إلا بطاقم تحكيم أجنبي لم يكن مجرد موقف احتجاجي، بل جاء ليكشف عورات المنظومة، ويفضح محاولات التلاعب والتوجيه لصالح نادٍ بعينه، في ظل غياب معايير الشفافية والعدالة في إدارة المسابقة.
قرار صعب
لطالما كان الأهلي رائدًا في الدفاع عن حقوقه داخل الأطر القانونية، لكنه هذه المرة اختار التصعيد بموقف غير معتاد، رافضًا المشاركة في لقاء القمة في ظل إصرار الاتحاد المصري لكرة القدم على تعيين طاقم تحكيم محلي، رغم وجود تعهدات سابقة بتعيين طاقم أجنبي. ورغم أن البعض رأى في القرار تهورًا إداريًا، إلا أنه من زاوية أخرى، كان رسالة واضحة بأن الأهلي لن يسمح بالتلاعب في المسابقة لصالح منافسه، ولن يقبل أن يكون طرفًا في بطولة تفتقد النزاهة والعدالة.
رابطة الأندية.. خارج القانون
المفاجأة الأكبر التي كشفتها هذه الأزمة هي أن رابطة الأندية، الجهة المسؤولة عن تنظيم الدوري، لا تتمتع بأي شرعية قانونية. فالرابطة لم تُنتخب مجددًا بعد انتهاء فترتها القانونية، ولا تمتلك لائحة تنظيمية واضحة، كما أنها تدار فعليًا بواسطة شخص واحد، دون وجود مجلس إدارة فعلي، ما كشفه نائب رئيس الرابطة السابق عماد متعب، الذي نشر استقالة مسببة، ذكر فيها أنه لا دور له منذ تأسيس الرابطة وأنه ابتعد بشكل فعلي قبل عام ونصف.
هذا الوضع غير القانوني انعكس على قرارات الرابطة العشوائية، ومن بينها إجراء قرعة الدور الثاني بطريقة غير شفافة، في ساعة فجرية، ووضع مباراة القمة في موعد يصعب معه استقدام حكام أجانب.
اتحاد الكرة.. متفرج أم متواطئ؟
بدلًا من التدخل لحل الأزمة، اختار اتحاد الكرة أن يقف موقف المتفرج، مفضلاً عدم الصدام مع رابطة الأندية، رغم معرفته بمشاكلها القانونية. فالاتحاد لم يتحرك لتصحيح خطأ القرعة، ولم يتخذ موقفًا حاسمًا بشأن طلب الأهلي لحكام أجانب، ما جعله شريكًا في الأزمة، ومسؤولًا عن الفوضى التي انتهت بانسحاب الأهلي.
رهان الأهلي
في ظل هذا المشهد العبثي، قرر الأهلي اللجوء إلى المسار القانوني، بداية بتقديم احتجاج رسمي، ثم التلويح باللجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية للطعن في شرعية رابطة الأندية وما ترتب عليها من قرارات. وإذا نجح الأهلي في هذا المسار، فقد يؤدي ذلك إلى إبطال الموسم الحالي، لكنه لن يغير من نتيجة مباراة القمة، حيث ستُعتبر النتيجة خسارة للأهلي إداريًا، مما يضر بحظوظه في المنافسة على اللقب.
فضح الفوضى أم خسارة المعركة؟
بين من يرى قرار الأهلي خطوة شجاعة لكشف فساد المنظومة، ومن يعتقد أنه كان رهانًا خاسرًا على المدى القصير، تبقى الحقيقة أن هذه الأزمة فضحت مدى التخبط الإداري في الكرة المصرية. ما حدث لا يجب أن يمر مرور الكرام، فهو ليس مجرد خلاف تحكيمي، بل قضية تتعلق بمستقبل الكرة المصرية وضرورة إصلاحها من جذورها.
الأهلي خسر نقاط المباراة، لكنه كسب معركة أكبر بكشف المستور.. وهو ما بدأ سريعا وفي نفس ليلة المباراة، إذ ظهر عضو مجلس اتحاد كرة القدم السابق إيهاب الكومي على شاشة صدى البلد ليؤكد أن هناك محاولات لتوجيه الدوري لصالح بيراميدز الذي يعتلي صدارة الترتيب وأن لديه من الأدلة ما يؤكد حديثه (اتحاد الكرة السابق أشرف على 4 جولات من الدوري الحالي قبل انتهاء مدته). قبل أن يتقدم نادي بيراميدز اليوم الأربعاء، ببلاغ إلى النائب العام يتهمون فيه الكومي بالإساءة إليهم.

الزمالك .. كل حاجة وعكسها!
من ضمن عناصر هذا المشهد العبثي، هو موقف نادي الزمالك، النادي الأبيض دفع عضو لجنة التخطيط أحمد حسام ميدو قبل أيام لعقد مؤتمر صحفي يشكو فيه رداءة المنظومة وسوء مستوى التحكيم وكيف حرم الحكام الزمالك من نقاط عديدة هذا الموسم، فضلا عن سلسلة بيانات قبل المؤتمر هاجم فيها الزمالك التحكيم المصري واتهم فيها المنظومة صراحة بتوجيه الدوري لناد بعينه، إلا أنه حين أصر الأهلي ومعه رابطة الأندية على لعب القمة بطاقم أجنبي، عبر مسؤولو الزمالك إلى الضفة الأخرى من النهر وأيدوا قرار اتحاد الكرة بإسناد المباراة لحكم مصري، وكان الأولى بهم أن يتضامنوا مع الأهلي ورابطة الأندية في طلبهما إقامة المباراة بصافرة أجنبية، إذا كانوا حقا يشكون سوء التحكيم ويروا أنهم تضرروا منه فعلا.
والسؤال الآن: هل يكون هذا الانسحاب بداية لإصلاح حقيقي، وهل يستمر الأهلي في معركته؟ أم أن الأمور ستعود إلى سابق عهدها من الفوضى والمجاملات؟.
الكاتب
ما هو انطباعك؟







