همتك نعدل الكفة
655   مشاهدة  

انتحار وهروب واختطاف .. عن مآسي خرفان الأضحية في مصر زمان

خرفان الأضحية
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تُنْحَر خرفان الأضحية وينتظر الأثرياء الثواب ويقف الجزارين لتقاضي الأجر ويتلهف الفقراء لتناول اللحوم، لكن الخروف نفسه مشاعره مترددة، فالبعض يود الانتحار والبعض الآخر يفكر في الهرب، بينما البقية ملاحقين بالسكين أو الاختطاف، هكذا كانت ظروف الأضاحي في مصر زمان.

جرائم السطو المِشَبَّر

من التهاني الموجهة للنظام الجديد في مصر بعد الملكية بعيد الأضحى
من التهاني الموجهة للنظام الجديد في مصر بعد الملكية بعيد الأضحى

مع أول عيد أضحى لمصر ما بعد الملكية  وقعت سلسلة من الجرائم المنظمة في مناطق متقاربة من أنحاء القاهرة وجميعها كان في توقيتٍ واحد وهو 30 أغسطس 1952 م الموافق يوم وقفة عرفة لعام 1371 هـ، ولهدف واحد وهو سرقة أموال التجار أو سرقة الخرفان.

لافتة شارع السلطان حسين - الشيخ ريحان حاليًا
لافتة شارع السلطان حسين – الشيخ ريحان حاليًا

اهتزت دوائر الأمن العام من البلاغ المٌقَدَّم إلى إدارة المباحث الجنائية لجنوب القاهرة من قسم عابدين، حيث جاء أحد جنود عساكر الدورية وقال أنه كان يمر ليلاً في شارع السلطان حسين (شارع الشيخ ريحان حاليًا)، فوجد جمعًا من الناس يلتفون حول اثنين من تجار الغنم وقد رقدوا أرضًا في حالة إغماء وبعد استفاقتهما قالا أن شابًا يرتدي ملابس إفرنجية أعطاهما زجاجة بيبيسي وبعد أن تجرعا منها عدة جرعات غابا عن الوعي وتم اكتشاف سرقة خرفان الأضحية منهما.

اقرأ أيضًا 
“الدباديب” بديل العيدية مع اللحمة في عيد الأضحى من أيام الفاطميين وحتى زمن كورونا

نشط رجال المباحث الجنائية لجمع المعلومات فقام القائمقام عبدالعظيم فهمي والصاغ السيد سعيد واليوزباشي فتحي مأمون للتعامل مع البلاغ الذي سردته جريدة المصري في عدد 3 سبتمبر من العام 1952 م.

ميدان باب الخلق في مصر زمان
ميدان باب الخلق في مصر زمان

أفادت التحريات أن تاجر الأغنام عيد جاد الرب ونجله عبدالحليم وشريكه عبدالرحمن أبو جبالي كانوا يقفون بأغنامهم في ميدان باب الخلق مساء يوم وقفة عرفة، فتقدم إليهم شخص يرتدي ملابس إفرنجية وطلب شراء بعض الأغنام، وبعد الاتفاق مع التجار على السعر المحدد، طلب من أحدهم مرافقته لتسلم المبلغ وتوصيل الخرفان لمنزله، فقام عيد جاب الرب بتكليف شريكه ونجله بالقيام بتلك المهمة.

صورة تعود لعام 1951 لـ مجموعة خرفان
صورة تعود لعام 1951 لـ مجموعة خرفان

وفي أثناء سير الثلاثة بشارع السلطان حسين كامل (الشيخ ريحان حاليًا) تظاهر الزبون برغبته في أن يقدم زجاجتي غازوزة ثم عرج إلى حارة ضيقة وعاد بالزجاجتين وما كاد كل منهما يتجرع بعض جرعات حتى سقطا على الأرض وغابا عن الوعي، وفي تلك اللحظة أراد الجاني الاستيلاء على أموالهما فمد يده إلى جيب عبدالرحمن أبو جبالي وحاول إخراج حافظة النقود لكنه تصادف مرور أحد بائعي الصحف وحاول إمساكه فتعرض للضرب ثم لاذ المجرم بالقرار.

شارع جامع البنات زمان
شارع جامع البنات زمان

أما في الدرب الأحمر تم العثور على تاجر آخر من تجار خرفان الأضحية الذي يعملوا في ميدان باب الخلق واتضح أن اسمه قاسم حسانين وبعد إجراء الإسعافات الأولية له قال أنه كان يقف بأغنامه في ميدان باب الخلق وحضر له 3 أفندية يطلبون خروفين من خرفان الأضحية وأثناء مناقشتهم له على الثمن قدم له أحدهم زجاجة غازوزة وتجرع منها عدة جرعات ثم أحس بمرارة فألقاها أرضًا، وفي تلك اللحظة استدرجة الأفندية إلى شارع جامع البنات بحجة توصيل الخروفين وتسلم الثمن غير أنه ما كاد يصل للشارع حتى شعر بدوار وفي وسط ميدان باب الخلق فقد وعيه، والحادث نفسه تكرر مع خليفة أحمد أحد تجار الخرفان وقال أن صديقه تعرض لعملية سطو ولكن الله سلمه منهم وخافوا بعد إغماءه فلم يفعلوا شيئًا.

الزغاليل أزاغت عيونه في بولاق

كوبري بولاق
كوبري بولاق

حادث آخر جرت وقائعها في عيد الأضحى 1383 هـ الموافق إبريل عام 1964 م، وكان حادث اختطاف في بولاق تعرض له سيد عزام حسن أحد تجار الطيور والذي قال أنه ترك 8 خرفان أمام محله وبعد أن أطعمهم بكمية من البرسيم انشغل ببيع الطيور ولما تفقد خرفان الأضحية لم يجدها، وكانت تلك خسارة فادحة إذ أن سعر الخروف الواحد كان بـ 95 ج أي مجموع أسعار الخرفان الـ 8 هو 760 ج.

انتحار خرفان الثمانينيات .. يهربون من الذبح إلى الموت

إقرأ أيضا
عيد الميلاد
مصر في الثمانينيات
مصر في الثمانينيات

شهدت مصر في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي حالةً انتحار معتادة بين خرفان الأضاحي، وفي مناطق متفرقة، فخلال أول أيام عيد الأضحى لعام 1404 هجري الموافق 5 سبتمبر من العام 1984 م انتحر 3 خرفان قبل ذبحهم في 3 أماكن متفرقة من أنحاء القاهرة.

اقرأ أيضًا 
عم كركشنجي.. فرحته ما تمت خدها الخروف وطار

لم يفصح عدد جريدة الجمهورية في اليوم التالي للانتحار عن دوافع الخرفان، فقط اكتفى الخبر بذكر تفاصيلهم حيث غافل الخروف الأول صاحبه وقفز من السيارة إلى النيل على كورنيش إمبابة ليموت غريفًا، بينما الثاني قفز من الدور الرابع في أحد منازل ميدان الجيزة وسقط فوق عبدالستار أحمد البائع المتجول، ولم يمت الخروف لكن البائع أصيب بكدمات؛ فيما كان الخروف الثالث في العباسية حيث ألقى بنفسه من الطابق الثاني ودهسته سيارة نقل.

من فواصل القناة الأولى في عيد الأضحى فترة الثمانينيات
من فواصل القناة الأولى في عيد الأضحى فترة الثمانينيات

في العام التالي وبالتحديد في وقفة عرفة لعام 1405 هجري الموافق 25 أغسطس عام 1985 انتحر 4 خرفان قبل ذبحهم، كان الأول يجري على سطح منزل في منطقة السيدة زينب فسقطت عليه ماسورة أردته نافقًا وعثر عليه المكوجي حسين أبو رضا، أما الثاني فكان في باب الخلق  وأفلت من التاجر محمد صادق لتدهسه سيارة، بينما الثالث قفز من سيارة تاجر مواشي على طريق صلاح سالم لتقتله سيارة، بينما الرابع لقي نفس المصير بعد أن رمى بنفسه من بلكونة في شارع مجلس الشعب بالقرب من ميدان التحرير.

الكاتب

  • خرفان الأضحية وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان