“بدها طول نَفَس” .. تدوينة فلسطينية لا تسقط بالتقادم

في أوبريت الحلم العربي، يطرب إيهاب توفيق ويقول : “كلمة صدق في أغنية تتقال وتعدّي في ثانية .. جايز من بعد سنين تتغير بيها الدنيا” .. وما يقوله يرجح كّفّة الخيال عن الواقع، حيث قيل ما قيل في القضية الفلسطينية والقضية تتراجع، حتى إن البعض اتّهم الأدباء والشعراء المهتمين بالقضية بأنهم يبيعون المُسكّنات للناس وألا حديث أرجح من حديث السلاح وأن شهوة العمل تطفئها شهوة الكلام، وواقعيًا كان هذا الرأي صاحب وجاهة، حتى تصدّرت تدوينة المراسلة الفلسطينية الراحلة غدرًا برصاص عصابات الاحتلال الصهيوني : “بدها طول نَفَس .. خلي المعنويات عالية” السوشيال ميديا .. لكنه في الحقيقة –ولأول مرة- يعتبر تصدر حقيقي وليس تصدّر صوري لكلمة ليست بالجديدة على الأذهان لكنها على ما يبدو قيلت في لحظة شديدة الصدق، أو كما يقال “خرجت بدم القلب”، فوصلت للقلوب وصبغت العقول واعتبرها الناس منبع نستمد منه الطاقة كلما شارفت على النفاذ.

“بدها طول نفس” .. قالت شيرين أبو عاقلة مليارات الكلمات على لسانها وأمام الشاشة تضامنًا مع القضية الفلسطينية، و6 كلمات فقط في تلك التدوينة البسيطة اعتبرت مدادًا لكل مقاوم لعصابات الكيان الصهيوني .. والمتفحص في الأمر يرى أن تلك الكلمات البسيطة لم تخصص القضية الفلسطينية محورًا لها .. هل لأن تلك الكلمات عامة للغاية ويمكن أن تأخذها طريقًا وناموسًا للحياة الشخصية منها قبل العامة؟، هل لأن تلك الكلمات تمس الإنسان المجرد قبل أن تمس أي قضايا خاصة؟ .. على ما يبدو أن قضية فلسطين بالأساس هي قضية الإنسان الباحث عن الحرية والعدل لذلك كانت تلك التدوينة كرصاصة في قلب التيه والتشويش الذي غرسنا فيها بعيدًا عن الهدف الرئيسي في القضية، ومُفتاح القضية ومربط الفرس فيها، حيث سقطنا آلاف المرات أمام الآلة الصهيونية التي تعتمد على طول النَفَس والمخططات التي يعملون عليها لنصف قرن وقرن، ولا يتناذلون أبدًا عن أهدافهم مهما طال الزمن إلا بمخطط رادع ومضاد لذلك المخطط الشيطاني الذي يهدف للتخلص من كل ماهو غير تابع لهم في أنحاء العالم عمومًا وفي الشرق الأوسط بالخصوص، حيث معروفًا عنهم العمل بنظام القضمة بعد القضمة .. ولا يركنون للسلام إلى عندما تضعف قدرتهم على الحروب، لذلك هم في حالة انتظار دائمًا لتملّك القدرة على افتراس كل ما لا يخدم مخططاتهم.

“خلي المعنويات عالية” يعتمد الإعلام الصهيوني على تدمير معنويات كل من خارج هذا الغطاء، فيقول الشهيد الحي، البطل المصري عبد الجواد سليم : كان جيش الاحتلال يعتمد تشغيل مكبرات صوتية خلف خط برليف يبث عبرها أصوات من الصراخ العالي والجلبة والضجيج وكأن هناك ملايين ينتظروننا خلف الخط حتى يبث في قلوبنا الرعب من العبور، ومع هذا قضينا أيام حرب الاستنزاف في عبور الخط والعودة بالأسرى” .. ولا تختلف خطط الإعلام العربي المتصهين والإعلام الصهيوني المباشر عما كان يفعله جيشهم المنهزم في  على يد أبطال الجيش المصري في 1973 .. لذلك كانت شيرين أبو عاقلة قد خطّت أهم قاعدتين في تلك الأيام العصيبة .. الأولى أن “بدها طول نَفَس”، والثانية أم “خلي المعنويات عالية”.

إقرأ أيضا

السرب .. كيف كان حال الشارع المصري عند لحظة القصاص للأقباط في ليبيا؟