بعد ظهور شخصية حسن طوبار في سره الباتع “هل يمكن تقديره بقبر يليق؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظهرت شخصية حسن طوبار في سره الباتع حيث أدى شخصيته الفنان بيومي فؤاد، وظهر وهو يساعد حامد ويقدم دعمًا لوجستيًا له.
بعيدًا عن مشاهد حسن طوبار في سره الباتع .. التاريخ الحقيقي للشخصية
يعتبر حسن طوبار هو نواة المليونيرات في مصر، وأصوله ترجع إلى محافظة الدقهلية، بينما ترجع أصول عائلته إلى منطقة طبرية في الشام قبل أن يستقروا في مصر ويجاوروا الشيخ أبو نصر شهاب الدين شريف الذي كان قاضيًا للمنزلة وحدثت بينهم مصاهرة، ومع الزمن حدثت الثروة لحسن طوبار وكانت من 5 آلاف مركب إلى جانب محالج للقطن ومتاجر فضلاً عن مساحات شائعة من أفندة الأراضي الزراعية.[1]
حسن طوبار والحملة الفرنسية
أطلق الفرنسيون على المنطقة بين المنصورة والمنزلة اسم بلاد البحر الصغير، واهتم نابليون بتلك البقعة اهتمامًا بالغًا إذ كان مركزًا لثورة الدلتا ضد الحملة الفرنسية، فضلاً عن أن إحكام السيطرة عليه يوفر تأمين مواصلات الحملة الفرنسية بين دمياط والمنصورة وبلبيس والصالحية.
اقرأ أيضًا
“على ذكر مشاهد خالد الصاوي في سره الباتع” قصص عقاب بونابرت لمشايخ البلد
عين نابليون لتلك المنطقة الجنرال دوجا ومعه قوة عسكرية بقيادة دستنج وداماس وكانت مهمة الأخير إخضاع منطقة المنزلة بأي ثمن، وهنا برز اسم حسن طوبار إذ كان المحرض الأكبر للثورة مع اثنين آخرين هما الأمير مصطفى في مدينة منية محلة دمنة وعلي العديسي الذي كان يقود المقاومة في منطقة القباب.[2]
اقرأ أيضًا
“كان انتقام نابليون ومينو فتاكًا” قصة أول قرية تقتل جنود الحملة الفرنسية في مصر
اشتهر حسن طوبار لدى الفرنسيين بأنه الداعم لكافة حركات المقاومة للفرنسيين منذ دخولهم الدلتا، وكان يقدم دعمًا ماليًا ولوجستيًا من خلال أسطوله، فقرر الفرنسيين مواجهته في المنصورة يوم 16 ديسمبر 1798م ليقضيا على الأمير مصطفى وعلي العديسي بهدف قصقصة ريش حسن طوبار ثم أسره لاحقًا.
اندلعت معركة الجمالية في بلاد دكرنس بقيادة داماس ومعه 300 عسكري ولم يتمكن من إخضاعها إذ استمرت المعركة 4 ساعات متواصلة قرر داماس بعدها الانسحاب من القرية وإضرام النيران فيها، ليتيقن الفرنسيين من أن حسن طوبار وراء تلك الهزيمة.
اقرأ أيضًا
“من وحي سره الباتع” تفاصيل قتلى الحملة الفرنسية من الضباط في مصر
ازدادات قوة حسن طوبار بعد هزيمة الفرنسيين في الجمالية فأراد الفرنسيين استمالته فأرسل نابليون إليه الجنرال فيال ومعه هدايا لكن حسن طوبار رفض مقابلته، ورغم أن الفرنسيين توهموا من طوبار أنه سيدفع الضرائب لهم، لكنه في الناحية الأخرى كان يجهز للحرب من خلال إشعال الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنزلة والمنصورة. وبينما كان يثير الأهالي في بلاد البحر الصغير كان في الوقت نفسه يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة دمياط لتخليصها من يد الفرنسيين.
قرر الفرنسيين أخيرًا أن يدخلوا في مواجهة مباشرة مع حسن طوبار في المنزلة من خلال قوة بحرية وبرية، وكانت تعليمات نابليون بونابرت صريحة وهو سحق المنزلة وقتل أكبر عدد من أهاليها وأخذ حسن طوبار أسيرًا للقاهرة، واندلعت معارك المنزلة في الفترة من 20 سبتمبر حتى 6 أكتوبر 1798م، تكبد الفرنسيين فيها خسائر فادحة، لكن لفروق التسليح كان الانتصار لهم.
فشل الفرنسيين في القبض على حسن طوبار أو قتله فقد غادر مصر إلى غزة لينظم خطوط المقاومة من هناك وكوَّن جيشاً من المقاومين وأسطولاً مكوناً من خمسين قطعة لكي يبحروا به إلى دمياط لمباغتة العدو.
مأساة حسن طوبار حيًا وميتًا
مأساة حسن طوبار الحقيقية كانت بعد موته، وإن كانت نواتها قد تشكلت في آخر عمره، فقد عاش حسن طوبار في دمياط فترة بعد عودته من غزة، لكنه لم يُكْتَب له أن يرى جلاء المحتل الذي حاربه عن بلاده حيث مات سنة 1800م، قبل رحيل الحملة الفرنسية بعام واحد.
لكن المأساة تمثلت في وضع قصره وقبره فرغم أن الرئيس جمال عبدالناصر أصدر في 20 ديسمبر 1960م قرارًا بتحويل بيته إلى متحف لكن هذا لم يحدث، إذ صار مع الزمن مجرد مبنى متهدف وابتلعه الإهمال، ثم تم الاكتفاء بتكوين مكتبة تشبه قصر ثقافة باسمه.
لكن مأساة القبر تفاقمت سنة 2018م إذ بدأ مبنى قبره سنة 2018م في الانهيار، قبل أن يقوم أهالي بلدته في مارس 2023م بتغليف القبر بأعواد الخوص والبوص وتزيينه بالورود الطبيعية، وربما ظهور شخصية حسن طوبار في سره الباتع تؤثر فيتم صدور قرار بتكريمه في قبره خاصةً وأن ألد أعداءه يكرمون في فرنسا من خلال قبور كبيرة أو وضع أسماءهم في قوس النصر الباريسي.
[1] ياسر بكر، أثرياء مصر زمان..والآن (1): حسن طوبار..قائد الثوار، مدونة قبل الطوفان، 9 فبراير 2009م
[2] عبدالرحمن الرافعي، تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر، ج1، ط/4، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1374هـ / 1955م، ص328.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال