تاريخ أنور باشا غير المروي “تركي أنهى الدولة العثمانية للأبد”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يجسد تاريخ أنور باشا الجدل حتى الآن فاسمه ملتصق بنهاية أطول الإمبراطوريات الإسلامية بطريقة وصفها العرب بالملعونة والغرب بالغبية ولا زالت تركيا ما بعد الدولة العثمانية تحتفي بها لاعتباره المؤسس الحقيقي للجمهورية.
تاريخ أنور باشا في النشأة
أنور باشا من مواليد العام 1881 في اسطنبول لأبٍ لا يُعْرف أصل عمله، فالبعض يقول أنه كان حارسا في جسر مدينة بيتولا العثمانية وهي تتبع مقدونيا الآن، وآخرون يروا أنه ابن قاضي في محاكم البلقان.
اقرأ أيضًا
تاريخ مؤتمر برلين .. لعنة مزمنة من 142 سنة على الدولة العثمانية وتركيا
التحق أنور باشا بالكلية الحربية ليتخرج منها ضابطًا في فيلق سلانيك ثم يتولى رئاسته على مدينة المنستير التونسية وبدأ تعرفه على أعضاء جمعية الاتحاد والترقي لينضم لهم ويكون أحد أبرز منظمي ما سماه ثورة 1908 التي خلعت عبدالحميد الثاني ثم تولى وزارة الحربية.
صلة تاريخ أنور باشا بنهاية الدولة العثمانية
في أصل فإن أنور باشا فهو أول من وضع العنصرية التركية إذ يشير في خطابٍ له «الأتراك ليس وطنهم تركيا ولا حتى تركستان، إنما هي إقليم هائل خالد، هو كل العالم»، وبتلك النظرة قرر أنور باشا التحالف مع الألمان وتُوِّج هذا التحالف بالدخول في الحرب العالمية الأولى.
اقرأ أيضًا
آخر قتلى الحرب العالمية الأولى .. قصص موت الثواني الأخيرة
حتى الآن فلا يوجد سبب منطقي لدخول الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فالبعض يقول أن السبب الرئيسي هو رغبة الاتحاد والترقي في إلغاء الامتيازات، وبعضهم قال أن قادة الجند الجدد أرادوا إثبات ذاتهم بعد تقويض السلطنة معنويًا.
كانت المصلحة المتبادلة أن يتدخل العثمانيين في الحرب مع ألمانيا بشرط دخول روسيا عبر إغلاق المضايق المائية في روسيا وبالمقابل تقوم ألمانيا القيصرية بمد العثمانيين بالمال والسلاح، لكن تلك الاتفاقية أنهيت الدولتين العثمانية وألمانيا القيصرية.
اقرأ أيضًا
عبدالحميد الثاني والأرمن .. قصة الدم بعيدًا عن الهبد والهوى
سبب الحركة في كافة الاتجاهات أن الضباط شعروا بعزلة الإمبراطورية الدبلوماسية الشديدة على الصعيد الدوليّ، ومع محاولتهم التواصل مع فرنسا، وبريطانيا، ورفض الأخيرتين لذلك، بَدَت ألمانيا خيارًا جيدًا يُعامل العثمانيين شركاء مساوين لهم لا مُستَعمَرين، مع ضمانات في الاتفاق على حماية وحدة الأراضي العثمانيّة وسيادة العثمانيين عليها، ما لم يكن بالطبع.
بعد 3 أشهر من بدء الحرب العالمية الأولى أعلنت الدولة العثمانية دخولها الحرب بقوام عسكري قدره مليونين ونصف مليون مقاتل ونصفهم من العرب وأعلنت الدولة العثمانية الجهاد، ودخلت في معارك شتى وعلى جبهات متعددة منها الدردنيل، والسويس، وبلاد الشام، وعسير السعوديّة، واليمن، وليبيا، وإيران، فحشدت روسيا 700 ألف مقاتل ضد العثمانيين في القوقاز والأناضول وإيران.
كانت المعركة الأكثر غباءًا في تاريخ أنور باشا هي هجومه على روسيا من القوقاز، إذ لم يكن في حساباته تغير الطقس الذي شل حركة الجيش فقُتِل20 ألفَ جنديٍ من أصل 75 ألف، نصفهم من البرد.
اقرأ أيضًا
مصر في المسلسلات التركية .. أم الماسونية العالمية ودولة الخيانة
كلف قرار أنور باشا بدخول الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى انهيار السلطنة ومقتل 243 ألفًا وإصابة 400 ألف، وموت 466 ألفًا بالوباء وأسر 200 ألف جندي.
أنور باشا المكروه من العرب .. لماذا ؟
لم يكره العرب أحدًا مثل كرههم لشخصية أنور باشا إذ أن تراث المجندين من فلسطين والشام يحكي عن لعنهم له بسبب قانون التكاليف الحربية الذي ألزم العرب بتقديم كل الدعم لجيوش الدولة العثمانية والألمان بشتى الطرق الشرعية وغير الشرعية، وكان نتيجة هذا مقتل 250 ألف عربي وإصابة 50 ألف وإعدام 500 شخص رفضوا التجنيد العثماني لصالح الألمان.
بقيت أيضًا مسألة فلسطين مسألة مميزة في تاريخ أنور باشا، فالألمان أرادوا دخول اليهود في الحرب بالمال بشكل مالي فأخذت وزارة الحربية التركية التي يترأسها أنور باشا كمية من الرشاوي اليهودية للهجرة دخل فلسطين، فهاجر إليها في سنوات الحرب فقط 20 ألف صهيوني.
نهاية أنور باشا
كشف حساب أنور باشا تعدى كل شيء، فلم يحقق انتصارًا عسكريًا، وسقطت الدولة العثمانية للأبد بعد الحرب، وباتت تركيا نفسها مهددة بالاحتلال، فقرر الهرب في أكتوبر من العام 1918، حتى قُتِل في 4 أغسطس عام 1922 على يد أحد الأرمن.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال