تاريخ بربروس الحقيقي بعيدًا عن أسلمة التاريخ وأردوغنته

عاد من جديد البحث عن تاريخ بربروس بعد كلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تهنئته بمناسبة العام الجديد التي وجهها لأفراد الأمن بمحافظة هكاري التركية، حيث قال نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط، ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها أمير البحارة العثمانيين خير الدين بربروس».

اقرأ أيضًا 
الماسونية والدولة العثمانية .. من التغاضي حتى الاتحاد والترقي

انبرى كثيرون للكلام عن خير الدين بربروس من الناحية التاريخية بأشكال دينية حيث اعتبروه المجاهد البحري الأكبر في سبيل نصرة الإسلام، بينما آخرون رأوا أن بربروس كان همجيًا متوسعًا مثل أردوغان؛ وبعيدًا عن هذا وذاك فإن تاريخ بربروس القرصان السابق وقائد أسطول الدولة العثمانية لاحقًا مختلفًا.

تاريخ بربروس في الذاكرة

لم يكن استدعاء سيرة بربروس على لسان أردوغان هي الأولى من حيث ذكر أشياء في التاريخ العثماني للإسقاط على الواقع فقد سبق وأن هاجم العرب واستعرض سيرة فخر الدين أمير المدينة المنورة.

من حيث التسمية فإن اسم بربروس استخدمته دول المحور أثناء هجومها على الاتحاد السوفيتي في عملية سمتها هجوم باربروسا، وبخصوص الشأن التركي فلم يحدث الاهتمام باسم الرجل إلا في العام 2015 م عبر مسلسل قطاع الطرق لن يحكموا العالم، حيث كان اسم البطل هو خضر ريس الاسم الحقيقي لشخصية بربروس.

تاريخ بربروس والاختلاف في أصل الديانة

خضر بن يعقوب هو الاسم الحقيقي لشخصية البحار الشهير، وجاء تلقيبه به خير الدين من العرب المسلمين، وسماه الأجانب بربروس وهي كلمة تعني صاحب اللحية الحمراء.

تاريخيًا فإن جذور تاريخ بربروس اختلف كثيرون فيها رغم ذكره الشخصي عبر مذكراته لها، فهو يقول أن أمه من مدينة ميدلي اليونانية وتزوجها أبوه الذي كان فارسًا في جيش محمد الثاني العثماني المعروف بالفاتح.

لكن أغلب المؤرخين ينفوا هذا الكلام، حيث يروا أن أم بربروس مسيحية وكانت أرملة راهبٍ مسيحي وعلى هذا الرأي نوراي بوزبورا خلال كتابه «تطور القومية الألبانية تحت الحكم العثماني»، ودانييل جوفمان في كتابه «الإمبراطورية العثمانية وأوروبا الحديثة المبكرة»، وفرانك رونالد تشارلز بكتابه «الدولة العثمانية آخر إمبراطوريات المسلمين العظيمة»، وأندرياس ريجر بكتابه «الأنشطة البحرية للفرسان المسلمين».

أما المؤرخين المسلمين المحبين للدولة العثمانية فيؤكدوا أن بربروس وشقيقه أسلما وهما في سن الشباب حين دخلا في خدمة خدمة السلطان محمد المتوكل الحفصي الذي حكم تونس من سنة 1494 حتى 1526 م، وعلى هذا الرأي محمد فريد بك بكتابه «الدولة العلية» ومحمود شاكر في الجزء الثامن من موسوعته عن التاريخ الإسلامي، وأحمد توفيق المدني في كتابه «حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا».

بربروس والجهاد بمساعدة فرنسية يهودية

في الأساس فإن مفهوم الجهاد الإسلامي البحري خلال العصور الوسطى معناه الإغارة على السواحل الأوروبية غير المسلمة سواءًا كانت يهودية أو مسيحية، أو مهاجمة السواحل التابعة للبلاد الإسلامية التي تتعرض لهجمات أوروبية.

خاض بربروس منذ أن كان قرصانًا مع شقيقه إلى توليه قيادة البحرية العثمانية مالا يقل عن 30 معركة بحرية متأرجحة الهدف فبعضها كان جهادًا بمعناه التقليدي وبعضها الآخر كان سياسيًا توسعيًا أدى لضياع بلاد مسلمة من الدولة العثمانية.

كان خضر بن يعقوب قرصانًا تحت حكم آل بربروس بقيادة أخيه عروج ولما قُتِل أخيه على يد الإسبان اتجه خضر إلى سليمان القانوني الذي كان يهدف إلى غزو أوروبا مع إخضاع الشرق في آنٍ واحد.

هاجم بربروس الأساطيل الأوروبية لكن بتحالفات أوروبية أيضًا، فهو كان من المؤيدين للتحالف مع فرنسا من باب عدو عدوي صديقي، وهو نفسه بربروس الحليف الوفي للقرصان اليهودي الأندلسي سنان ريس في حربهما ضد الإسبان.

إقرأ أيضا

حسن مصطفى صانع الكوميديا المخلص

تاريخ بربروس مع الشرق

أفردت مذكرات بربروس فصولاً لوضع الشرق بعد دخول العثمانيين له، والمتأمل لتلك الفصول يجد أن التحالف بين الدولة العثمانية وبربروس أدى إلى انعزال سكان البلد الأصليين في الجزائرين.

ساهمت هيمنة العثمانيين على الجزائر في إيجاد أقليات قومية لفساد ولاة العثمانيين ومسئوليهم كذلك فإن الامتيازات التي منحتها الدولة العثمانية إلى عائلة بربروس جعلت الجزائر تحت حكم غير جزائري على مدار 89 سنة إذ حكمها 7 عثمانيين و 7 أوروبيين دخلوا الإسلام حديثًا و 4 من أبناء العبيد الذين يسميهم الأمازيغ بالكراغلة.

العناصر التي أدخلها حكم العثمانيين بقيادة بربروس في حكم الجزائرعملت على تهميش الجزائريين على حساب الأتراك دون الاستعانة بهم عسكريًا لحماية بلدانهم، ومع منح اليهود امتيازات كبرى في بلاد الجزائر على حساب الجزائريين أنفسهم وقعت سلسلة هجمات ضد العثمانيين.

اقرأ أيضًا 
الحضارة العثمانية الفقيرة إنسانيًا .. بلا أي إنجاز 

أسفرت سياسات العثمانيين مع جزائر بربروس إلى وقوع ثورات ضد الأتراك قادتها قبائل النمامشة الأمازيغ في جبال الأوراس رفضًا للضرائب وطالبت بإقالة ولاة العثمانيين حتى ساهم الصدام في وقوع الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي.