همتك نعدل الكفة
232   مشاهدة  

تريند الـ”سابيوسكشوال”  .. خطورة ابتذال “الذكاء” !

سابيوسكشوال
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



وحضر التريند تريند الـ سابيوسكشوال .. التريند الذي لا نعرف بالظبط من أين يلقيه إلينا صانعيه .. وكأنه قطعة اللحم التي يرميها اللهو الخفي في قفص الحيوانات فيهرعون إليها هرعًا دون النظر لمن ألقى قطعة اللحم، وما هدفه، وإلى ماذا يرنو .. وهكذا ندور جميعًا في فُلك التريند، مسير يا ابن آم لا مخير ..  حتى وإن كنت ممن لا يخطون خطوة مع (الهوجة) لكنك – وبقدرة قادر-  تجد نفسك متفاعلًا ومشتبكًا مع القيل والقال بحق هذا التريند، وتدلو بدلوك فيتفاعل المعارض قبل المؤيد وتجد نفسك مغروسًا في وحل الرد على هذا والأخذ من ذاك، حتى يصل الأمر لأنك تسأل نفسك بعد ساعة واحدة من الوحل : من أنا يا ترى؟ .. لقد كنت من ساعة واحدة أسخر من هؤلاء الذين يتفاعلون مع أي تريند، وكل تريند، دون إدراك لغرضه أو لمرضه.

 

وتريند هذه المرة عن الانجذاب العاطفي للمرأة  أو الـ سابيوسكشوال ..  وحول مفهوم الـ Sapiosexual ، وهو الانجذاب العاطفي للأذكياء، حول هذا المفهوم كان التريند .. الذي بمجرد ما أطلق “حَكَم” التريند صافرته إيذانًا ببدء المباراة حتى راح البلوجرز والهتيفة وصانعي –لمؤخذة- المحتوى، ومترممي التريند الذين (يطلعون) لايف للحديث عن الكلمة المفاتحية كي تلعب خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي لعبتها وتدخل اللايفات في فمك بلعًا من كثرتها، ويتحدث القاصي والداني، دون النظر لأصل التريند .. ودون النظر للعبة التريند الفضافضة التي تخلق مجتمع من الدجالين .

 

لعبة التريند كلعبة باب الأبراج في الصحف .. حيث يقول لك كاتب باب الأبراج : إلى برج القوس : “أخبار سارة في الطريق ولكن إحذر” .. أنت الآن أمام أمر من اثنين .. سواء كنت من المحظوظين من مواليد برج القوس فقد صدقت النبوءة بأن “أخبار سارة في انتظارك”، وإن كنت من المغبونين – لا قدر الله- فلماذا لم “تحذر” كما كانت التوصية .. وهكذا تدغدغ الكلمات الفضفاضة دماغك فتدخل في (حيص بيص) بل يزيد الأمر أنك ستفترس من يفرغ لك تلك الحكاية من مضمونها افتراسًا، و(يفرقع) لك تلك البالونة المنفوخة عن آخرها دون جدوى .. ويوقف لك أصوات الضجيج التي هي صفرية النصيب من الطحين.

سابيوسكشوال
سابيوسكشوال

وبفرض صحة ما يلعب عليه أصحاب التريند .. أن المرأة الآن لا تنجذب إلا للأذكياء وتكون ضمن الـ سابيوسكشوال .. فمن بالضبط لديه القدرة على تحديد نسبة ذكاء شخص من عدمه؟ .. وإن كان التريند مضمونة انجذاب المرأة فقط للأذكياء، فمن تلك المرأة التي تنجذب لشخص (غبي)؟ ..  وهل تلك المرأة تحديدًا عن غيرها هي المقياس؟ .. وهل معنى هذا أن الرجل متوسط الذكاء ليس له نصيب من الحب؟، وهل معنى هذا أن الرجل محدود الذكاء الاجتماعي ليس لديه ذكاءً في التجارة أو الصناعة أو الأمور العملية والعكس؟ .. وهل معنى هذا أن الرجل الذي يبدو عليه الذكاء في الأحاديث العاطفية ولديه درايه وموسوعية بالعديد من نواحي الحياة كالكُتّاب والشعراء والفنانين والصحفيين لا تسكنه مواطن محدودية في الذكاء في أمور أخرى؟ أم أنهم اخترعوا إنسان كامل – ولا كمال إلا لله- يمتلك ذكاء خارق وامرأة تملك ذكاء (أخرق) – لمؤخذة-  منه للحكم عليه؟! .. لن تجد إجابة عن هذه الأسئلة إلا لو قررت أن تفترس كاتب المقال، وتنخرط في الاشتباك مع التريند الذي يريد صاحبه أن تكرر كلمة “ذكاء” حتى تُبتذل وتضيع بداخلك لأن الكلمات والحروف كائنات حيّة يمكنها أن تموت إن ابتُذلت ..  أو تقلب صفحة هذا التريند انتظارًا لتريند آخر قادم .. قادم لا محالة !

إقرأ أيضا
تناول النساء للمشيمة

 

الكاتب

  • سابيوسكشوال محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان