2٬940 مشاهدة
جمال إسماعيل الذي حاربه صفوت الشريف من أجل كلمة حق قالها ولم يخش شيئا (حوار مع ابنته)
الفنان الراحل جمال إسماعيل من أولئك المحترمين والفنان المحترم باق ورحيله مجرد فراق وقتي ولكن حضور ذهني دائم بأعماله وقيمته الحقيقية حتي إذا كانت المساحة أصغر بكثير من كفائته وقدراته فهذا تكريم الفن اللائق ، أدوارهم تأخذ بريق خاص من صدقهم وطبيعتهم لان هذه مكافأة إنسانية لاعلاقة بالمقاييس التقليدية ولا بزمن العمل فيظل يعرض ويشاهد وكأنها أول مرة لايمل من هذه الأعمال ، هذه هي الأشياء التي لاتقدر بأموال.
الناس تعتقد أن التواجد والشهرة وما يجنيه الممثل من الفن أهم من تلك القيمة الصادقة التي حققها جمال إسماعيل بأخلاقه وفنه وإحترامه لذاته وتعبيره عن الشخصية المصرية الأصلية بقيمها ومبادئها .
كنا نشعر جميعا علي الشاشة بأبوته الجميلة وقلبه الرقيق وهو الذي ما أكدته لي إبنته زينب جمال إسماعيل داخل بيته في هذا الحوار.
التاريخ دائما يسقط الزيف ويمسح الغث ويتناسي المزيفين والمزينين بألوان لاتلائمهم ، هذه الألوان التي قد تحبط من حولهم من الصادقين.
ولكن نور الفن لايمكن إطفاؤه قد يسدل ستارا صناعيا وقتيا لتخبئته كما حاول القائمون علي الفن آن ذاك علي رأسهم صفوت الشريف إسدال الستار علي هذا الفنان العظيم مدة خمس سنوات من عمره الفني وهو بعيدا عن إستوديوهات الفن الذي كان يتنفس به طوال حياته – على حسب قولها – .
كان الأب جمال إسماعيل يعشق بناته فتقول زينب إبنته : نحن بنتين عزة وزينب كان لايوجد في حنيته إنسان رحمه الله ويحسن إليه ويجازيه عنا كل خير ، لايوجد شئ عنده إسمه عقاب فكان نموذجا لأنه كان ذوق وحنين جدا معنا فرغما عني لاأستطيع أن أشعر بمجرد إني زعلته ، فوالدتي مثلا كانت عصبية مثل أي أم تغضب وتثور بينما هو كان يقول لها بالهدوء بالهدوء ويضمنا إلي حضنه ويقول لنا ” هي خايفة عليكم وبتحبكم مافيش حد بيحبكم زيها لازم نسمع كلامها ” وينتهي الموضوع .
كان أوقات هي تقويه علينا قائلة ” إنشف عليهم أكتر من كده ” فيأتي يمثل يزعق…..
فأقول له ” فييك أوي علي فكرة ” أي مصطنع ماتفعله والدور مش لايق عليك إنت ماذاكرتش كويس… فيضحك .
كل الناس في الوسط الفني كانوا يحبونه فتقول زينب : علاقته بالناس كانت جميلة لأنه إنسان صاحب واجب لايوجد عزاء لايحضره أو فرح يعزم فيه إلا وذهب يظهر في الواجبات إنما السهرات الفارغة لم يكن يحبها بل كان يحب بيته جدا لأنه بيتوتي لأقصي درجة ، فكل الوسط الفني قديم وجديد علاقته بيه رائعة .
كان الأصدقاء الأقرب لقلبه الفنان رشوان توفيق كان صديقه الصدوق ويسافرون للحج والعمرة سويا ونعلم أن هذه الأشياء تقرب الأشخاص من بعض أكثر ، وكذلك حمدي أحمد ، أما الفنانة زهرة العلا كانت قريبة جدا له حتي إنهم توفوا في نفس اليوم .
فكانت زهرة العلا يوميا يتحدثون هاتفيا لأوقات طويلة ، هو يسأل عليها وهي كذلك ” زي مايكونوا حاسيين ” لإن هو توفي ليلا وهي توفت في نفس اليوم صباحا ، سبحان الله …. والنعي الخاص بهما كان مكتوب في نفس الصفحة مع بعض.
كلمة حق أفقدت جمال إسماعيل عمله إلي أن رحل .
كان الفنان جمال إسماعيل يمتلئ بالوطنية والصدق والشهامة فتروي زينب :
تلك الواقعة التي أفقدته عمله إلي أن رحل حيث كانت تقام مهرجانات الطفولة الخاصة بماما سوزان وصفوت الشريف التي كانت تقدمها سنويا الفنانة صفاء أبو السعود ، وفي إحدي المرات جائته دعوه لهذه الحفلة فحضر.
ثم تم عمل لقاء تلفزيوني داخل مقر إقامة الحفلة بعد إنتهائها مع إحدي المذيعات وسألته :
.. مارأيك في الحفلة .. ؟
فقال لها : أري أن هذه الفلوس التي تدفع في الحفلات الأطفال أولي بها أن يفتتح لهم بها مدارس وتصرف علي تعليمهم… أي أن الطفولة أولي بهذه الحفلة ، وبعد أن يتوفر الأكل والشرب والتعليم والمبيت إذا أحبت كل مدرسة أن تقيم لنفسها حفلة لتفعل.
أكدت زينب جمال أنه ” قعد خمسة سنوات في بيته ” لايوجد شغل ولا أي مصدر دخل آخر ، وكلما رشحه أحدهم للقيام بدور في أي عمل فني “كان يوضع علامة × علي إسمه” مرفوض من فوق.
وهو لايدري بأي شئ ” وبيلف حوالين نفسه ”
ويقول : أيه ده أنا مابيجليش شغل ليه …؟!
إلي أن في يوم ما إتصل به أحد المخرجين المقربين له
قائلا لجمال إسماعيل : جمال إنت مزعل حد ، ومضايقه أوي ؟
فرد جمال : مين …… أنا عمري ما بزعل حد ما إنت عارفني.. !!
فقال المخرج : لاء … إنت مزعل حد من فوق ، إنت كل ماتترشح دا بيتشطب على إسمك ، جاي أمر من صفوت الشريف إنك ماتشتغلش .
فرد جمال قائلا : طب ماتسألهولي …. أنا عملت إيه ؟!
وبالفعل تحدث هذا المخرج مع صفوت الشريف
فقال له صفوت الشريف : أه …. ده مزعل الست… لأنها سمعته وهو بيقول الحفلة دي فلوسها
تروح للأطفال….. مش عاجبه حفلات الطفولة .
ألم يحاول الفنان جمال إسماعيل أن يستجدي صفوت الشريف ؟
لا لا لا … ياخبر أبيض
بابا عنده عزة نفس وكرامة وفي كلمة الحق لايمكنه الرجوع عنها .
كيف كان الفنان جمال إسماعيل يبدو في لحظات ضعفه ؟
صبور جدا لاتشعري به وكتوم جدا لكن إتقي شر الحليم إذا غضب وهو لم يكن يغضب إلا في الأصول ، مثلا في اللوكيشن يكون حاضر قبل التصوير بثلاث ساعات ومراجه دوره ومصلي ومسبح وكل شيئ وهادئ ثم تتأخر ممثلة صغيرة وتظل تتأخر لايسكت في ها الوقت .
وكان لايسكت في لوكيشن التصوير علي أي شئ هو ليس معتادا عليه من زمان ، تجديه إنفجر ويهدد أنه سوف يمشي ولن يراه أحد مرة أخري قائلا ” هامشي ولا هاتشوفوا وشي تاني ” لكنه لايفعل لأنه كان يراعي المنتج وكانوا جميعنهم يسترضونه ” معلش ياعم جمال حقك علينا ” ولم يكن يغضب إلا في الحق.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
