همتك نعدل الكفة
154   مشاهدة  

حرب غزة ..صراعات جيوسياسية واستراتيجية تتجاوز معاناة الفلسطينين

غزة
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



منذ خمسينيات القرن الماضي ومنطقة الشرق الأوسط ملتهبة تحيطها النيران من كل جانب، ويكمن سر هذا الالتهاب الحارق في الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها في منطقة الشرق ( إسرائيل ) حتى إن مصطلح الشرق الأوسط لم يكن وليد صدفة بل هي خريطة منهجية رسمتها أمريكا بدقة متناهية لتسيطر على سلة الغذاء والنفط.

ما الذي يعنيه مصطلح الشرق الأوسط ؟

ولندرك المتغيرات السياسية الحاصلة في المنطقة من حيث الحروب والنزاعات الطائفية والانهيارات الاقتصادية لا بد أن نتوقف على ما يعنيه مصطلح الشرق الأوسط، ومن المسؤول عن تلك التقسيمة.

أولًا مصطلح الشرق الأوسط هو مصطلح جيوسياسي ( جغرافي سياسي) يشير إلى مناطق : مصر والعراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، ودول الخليج ودول المغرب العربي إلى جانب تركيا وقبرص،  وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذا المصطلح بشكل رسمي عام 1957م في مبدأ “آيزنهاور” المتعلق بهجوم العدوان الثلاثي على مصر.

ومن بين أبرز ما جاء في مبدأ” آيزنهاور” هو تفويض الرئيس الأمريكي سلطة استخدام القوة العسكرية في الحالات التي يراها ضرورية لضمان السلامة الإقليمية، وحماية الاستقلال لسياسي في دول منطقة الشرق الأوسط ، وحتى تسيطر أمريكا على منطقة الشرق الأوسط عملت على فرض ضغوط اقتصادية أعلنتها في المبدأ ” آيزنهاور” إذ أن البيت الأبيض سيقدم المساعدات الاقتصادية والمساعدات العسكرية للدول التي تدعم هذا القرار من دول المنطقة، وهذا يعني أن الولايات الأمريكية اعتبرت منطقة الشرق بشكل رسمي مجالًا لنفوذها.

ووفق هذا المبدأ طلب الرئيس اللبناني ” كميل شمعون” في العام 1958م من الرئيس الأمريكي التدخل في بلاده في عملية عُرفت باسم “الخفاش الأزرق” وقد شارك في هذه العملية 14000 جندي من الجيش الأمريكي لقمع المعرضة اللبنانية والنزاعات والصراعات الطائفية.

ثم تعاقبت التدخلات العسكرية بهذه الحجج الواهية فمثلا كان الهدف المعلن في حرب العراق ودخول القوات الأمريكية لأراضي دجلة والفرات هو القضاء على الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة في العراق، ثم رأيناها مؤخرًا في ليببا إذ كان الهدف المعلن هو تهدأة الوضع السياسي جراء مقتل ” معمر القذافي” وتسليم السلطة بشكل ديمقراطي، كما تدخلت القوات الأمريكية في العام 2014 و ما تلاها في كل من سوريا و العراق ولبنان إلى جنب نيجيريا بهدف الحرب على “داعش”  لعل أبرزها عملية ” العزم الصلب ” في 2016.

هذا بالإضافة إلى وجود سلسلة من عمليات التطبيع بين البلدان العربية مع حليفتها ” إسرائيل “، لتغير هوية المنطقة، كما نراها تتدخل بوضوح في تقسيم العديد من الدول العربية من خلال خلق الفوضى والقتال الداخلي جراء الفتن الطائفية والمذهبية.

موقف أمريكا من القضية الفلسطينية 

أما عن القضية الأبرز في المنطقة التي تهم كل مواطن عربي هي “قضية فلسطين” فإن موقفها واضح وضوح الشمس منذ إعلان دولة إسرائيل فكانت أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في مايو 1948، كما أنها أول دولة أسست معها علاقات دبلوماسية عندما قدم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده في 28 مارس 1949.

كذلك مساعدة الولايات الأمريكية إسرائيل في حربها ضد مصر في عام 1973م، فقد فتحت جسر جوي يحمل الأسلحة والمعدات أيام حربها مع مصر مما أعطاها أفضلية في تلك الفترة الزمنية، وهذا تنافى مع مبدأ آيزونهار المزعم للسلام الإقليمي كما يقولون .

إقرأ أيضا
أسفار موسى

ولعل أِشهر ما قدمته الولايات المتحدة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية هي صفقة القرن الذي قام به” ترامب” إذ فُرض على فلسطين في هذه الصفقة المشبوهة أن تتنازل على العاصمة القدس وعودة اللاجئين والحدود والمستوطنات والسيادة لإسرائيل.

ومع الصدام المحتدم ، ومع عمليات القتل الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فقط سيرت الوليات المتحدة الأمريكية حاملات الطائرات إلى المنطقة بهدم رفع معنويات جيش الاحتلال، وهو ما يعكس دعم البيت الأبيض لهذه القوات الغاشمة المسؤولة عن القتل والإجرام وتدمير المنازل والبيوت والمجازر بحق المدنيين، إذا أين السلام التي أرادته أمريكا في المنطقة أم أنها شعارات فارغة للاستيلاء على خيرات البلدان وإخضاعها بالقوة لسيادتها.

إن اللعبة أكبر من حرب غزة التي تتصدر مسرح الأحداث حاليًا، فلا عملية ” طوفان الأقصى” التي قامت بها حماس للقضاء على إسرائيل هي النهاية، ولا عملية “السيوف الحديدة” التي ترد بها إسرائيل على حماس هي نهاية قطاع غزة ولا تصفية القضية الفلسطينية، الوضع في الشرق الأوسط ملتهب ومشتعل، فقبل حرب غزة كانت هناك تحالفات عدة من أجل تنمية مستدامة في الشرق الأوسط ومقترحات لإنشاء طرق تربط الشرق بالغرب ليست أمريكا جزءً فيها، أي أن قادة هذه الدول يحاولون زحزحة أمريكا عن المشهد.
كما أن ظهور الدب القطبي في الصورة مرة أخرى وانضمام بعض قادة الدول العربية، ومن بينها مصر والسعودية والجزائر إلى معسكر” الكرملين” كان من شأنه تقويض سلطان الأمريكان في المنطقة، وفي حرب غزة المحتدمة وبعد أن صرح الرئيس الأمريكي دعم إسرائيل قرر الرئيس الروسي” بوتين ” دعم القضية الفلسطينية،بالتالي هناك قوى وإستراتيجيات أكبر من فكرة الحرب القائمة حاليًا.
وتفطن مصر إلى هذه المتغيرات الكبرى، باعتبارها أهم بلدان المنطقة، وقد نوه الرئيس المصري ” عبد الفتاح السيسي” عن هذا خلال كلمته في حفل تخرج الكلية الحربية، ولعل أشهر ما قاله جراء هذه الأحداث أن بلاده في المنطقة مشتعلة فكل الحدود المصرية بلا استثناء على خط النار، فأي تقصير في أي جهة من شأنه تدمير بلاده بالتالي سقوط الشرق الأوسط، مع دعمه للقضية الفلسطينية وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية.

عمليتي “طوفان الأقصى” و”السيوف الحديد” ما هي إلا مزيد من الصدام في صراع بلا نهاية توظفه قوى إقليمية ودولية في صراعات جيوسياسية واستراتيجية تتجاوز غزة ومعاناة الفلسطينيين.

الكاتب

  • الشرق الأوسط مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان