همتك نعدل الكفة
107   مشاهدة  

حوار من داخل دمشق: نظرة قريبة في ضوء صعود “الجولاني” والصراع الإقليمي (1-2)

من داخل دمشق
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال

  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقًا) زمام الحكم في سورية، بات المشهد هناك أكثر ضبابية وتعقيدًا، ما يحتاج إلى نظرة من داخل دمشق نفسها، فالأوضاع لا تزال تتأرجح بين القوى الخارجية الفاعلة في المشهد، مثل تركيا: التي تسعى لتحقيق مكاسب ديموجرافية وجيوسياسية واضحة.

هذا إلى جانب التعقيدات الداخلية، من قضايا الأقليات مثل الكُرد والعلويين وغيرهما، إلى صراعات لفصائل المسلحة التي تتنازع السيطرة فيما بينها، والحكومة الحالية بقيادة “الشرع”، التي كانت منذ أسابيع على قوائم الإرهاب في عديد من الدول الكبرى؛ ولا تزال في نفس المكان عند بعضها.

وللوقوف على أبعاد هذا المشهد المُعقد وفهم ما يدور داخل سورية، يحاور “الميزان” مواطنة سورية تعيش في دمشق (تحفظت على ذكر أي معلومات قد تساعد في الوصول إليها)، لنحاول من خلال هذا الحوار تسليط الضوء على الواقع السوري الراهن والأحداث المتلاحقة التي تعصف بالبلاد.

من داخل دمشق
سورية بعد الحرب

س: ما هي المخاطر التي تهدد سورية حاليًا بعد سيطرة “الشرع” على مقاليد الحكم؟

ج: المخاطر التي تهدد سورية حاليا تأتي من داخل دمشق؛ بالتحديد من سلوك الإدارة الحالية والغموض الذي يلف جميع سلوكياتها في الداخل، فجميع الأفعال على الأرض تنم عن انعدام الخبرة في إدارة الدولة؛ وهذا نتيجة طبيعية قيام “حكومة الأمر الواقع” بتعيين أشخاص في المناصب العليا والمفصلية للدولة ينتمون جميعًا إلى لون واحد وطائفة واحدة ومرجعية سلفية جهادية، ويفتقدون إلى الحد الأدنى من المؤهلات والكفاءة.

كتعيين وزير للعدل لا يحمل شهادة في الحقوق، ورئيس محكمة النقض -وهي أعلى سلطة قضائية- أيضًا لا يحمل شهادة في الحقوق؛ والأثنان يحملان شهادة في الشريعة، وقِس على ذلك في كافة الوظائف الهامة الأخرى كالمحافظين ومدراء التربية و.. و…

فضلا عن أن جزء كبير منهم على قائمة الإرهاب.. مثل رئيس المخابرات، أو مطلوبين لدى دول مجاورة في جرائم جنائية أو تتعلق بالإرهاب، إذا الإدارة الحالية ليس من أولوياتها أن تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهي بذلك توضح -من زاوية أخرى- إنها لا تثق بالشعب السوري؛ إذ قررت جلب “حكومة الإنقاذ في أدلب” وتسليمها زمام الأمور في كل سورية.

أما محاولة “الشرع” تبرير ذلك بالحديث عن ضرورة التجانس بينه وبين أعضاء حكومته، فهذا في رأيي خطر جسيم، وإن هذه المقدمات والأفعال تُعرّض استقرار الدولة للخطر.

YouTube player

 س: هل هناك أمل في تحسين الوضع؟

ج: الأمل الوحيد هو أن تملأ الدول الناطقة بالعربية الفراغ الذي خلفه نفوذ إيران فى سورية وأن لا تتركنا لقمة سائغة لقوى إقليمية أخرى تنفرد بالساحة السورية؛ وأقصد هنا تركيا، وهو ما يخشاه الشعب السوري.

فمن المعلوم أن تركيا تحتل -منذ عدة سنوات- لأراضي سورية وهي التي كانت ترسل عناصر “داعش” و”القاعدة” و”جبهة النصرة” عبر حدودها لقتل السوريين والكُرد على وجه الخصوص. وهي أيضًا التي لطالما ساهمت في تعطيش المدن الشمالية عبر تحكمها بمياه نهر الفرات، وقامت بسرقة المصانع في “حلب” مع بداية الحرب.

نحن كسوريين لا نريد استبدال النفوذ الإيراني بالنفوذ التركي.. فكلاهما وجهين لعملة واحدة، ما نريده هو العودة للحاضنة العربية التي أبعدنا عنها نظام بشار الأسد، فإذا نجحت الدول الناطقة بالعربية في احتواء الوضع في سورية فأعتقد أنه عندئذ لا مجال لقيام دولة متشددة أو مُصدِرة للإرهاب، وأن هذه الدول مع المجتمع الدولي تستطيع أن تفرض على “الشرع” وجماعته نقل السلطة بشكل سلمي وفقًا للقرار الدولي رقم ٢٢٥٤.

بالإضافة إلى الالتزام بمُخرجات مؤتمري “العقبة” و”الرياض”، ما يضمن الوصول لتشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها كافة ألوان الطيف دون استبعد لأي من مكونات الشعب السوري، وكذلك تضمن مشاركة المرأة فيها.

اقرأ أيضا: دمشق.. بين تأثير معاوية وانتصار الجولاني

وما سبق فقط هو ما يضمن لمن داخل دمشق عدم أسلمة سورية، فما نريده هو دولة مدنية حديثة ذات دستور علماني؛ تُحترم فيه الشريعة الإسلامية مثلها مثل باقي الشرائع الدينية. دولة طبيعية منسجمة مع دول الجوار تلتزم بالقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة وحقوق الانسان.

س: هل السلام بين سورية وإسرائيل ممكن في ظل وجود “الشرع” والتوغل الإسرائيلي الحالي؟

ج: مع سقوط بشار سقط الخوف؛ فأصبح بامكاننا أن نتكلم دون أن نخاف حتى من جدران منازلنا، وأصبح بالإمكان أن نعبر عن رأينا في سياسة النظام السابق وتمحورها حول معاداة إسرائيل.

في ظل النظام السابق لم يكن بمقدورنا أن نعترض على جرنا لصراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، لم يكن بمقدورنا التعبير عن غضبنا من سلوك إيران و”حزب اللّٰه” واستخدامهم لأراضينا في الهجوم على دول مجاورة ومن بينها إسرائيل.

بينما خلال سنوات الحرب الداخلية تبين لي أن كثيرين من الشعب السوري، من داخل دمشق وخارجها، لا يريدون حروبًا مع أحد، وإننا لا نكره إسرائيل كما كان النظام السوري يحاول أن يجبرنا، فغالبية من تحدثت معهم بشكل مباشر أو عبر السوشيال ميديا لا يريدون عداء سرمدي مع إسرائيل؛ فإذا كانت إسرائيل تحتل أرضي سورية فإن تركيا تحتل مساحات أكبر بكثير من الجولان. ونحن نريد استعادة أرضنا بالسلام لا بالحروب.

من داخل دمشق
خريطة توضح تقسيم النفوذ داخل سورية (موقع ويكيبيديا)
التمكين والوجه الحقيقي

وواصلت مصدرنا حديثها: كما إننا لن نكون “ملكيين أكثر من الملك” فيما يخص الفلسطينين وقضيتهم، وها هو “الشرع” وإدارته فعلوا ما يفعله كل الإسلاميين عند محاولتهم الوصول للحكم في بلادهم.. يغازلون إسرائيل حتى يُسمح لهم بالسيطرة على الحكم.

أي أعتقد ما يقوله “الشرع” ورجالاته هي محاولة لذر الرماد في العيون، فمنذ دخولهم “حلب” رفعوا علم فلسطين على قلعتها ونادوا من “الجامع الأموي” أنهم ذاهبون إلى “القدس”.. وهذه حقيقتهم أما الكلام المُرسل حول السلام مع إسرائيل فأنا لا أثق أبدا بذلك.

فالكل يعرف إنهم ينتظرون “التمكين” حتى يكشفوا عن وجههم الحقيقي؛ فالعداء مع إسرائيل وكل مختلف عنهم شيء متجذر في إيديولوجيتهم.

كل ما في الأمر أنهم الآن ضعفاء خاصة وإن المجتمع الدولي يضعهم حاليًا تحت مجهرة الفحص، ومن المؤكد أن لا أحد سيسمح بوصلهم للسلطة إذا جاهروا بالعداء لإسرائيل أو انتهجوا ذات النهج ضد الأقليات الدينية والثقافية كما فعلوا سابقًا؛ ما تسبب في ارتفاع موجة اللاجئين.

الشعب السوري هو الذي تعب من الحرب بالتالي لا يريد سوا السلام، أما هم فالحرب مجالهم ومهنة بعضهم (في إشارة للمرتزقة الأجانب)، بالخلاصة أرى إنهم إذا سيطروا لن يختلفوا عن “حزب اللّه” و”حماس” أبدا، إن كان من قمع للشعب أو بناء النظام السياسي على العداوات الدولية والإقليمية المبنية على أسس دينية وطائفية.

فمن يمكنه الوثوق في “دواعش” الماضي و”نُصرة” الأمس القريب و”هيئة تحرير الشام” المُدرجة حاليًا على قوائم الإرهاب.

س: ما هي العلاقة بين بعض الأطراف السورية وإسرائيل؟

يصنف الدستور السوري إسرائيل أنها عدو ومحتل، ورغم أن تركيا أيضًا تحتلة أراضي سورية شاسعة إلا أنها لا تحظى بذات التصنيف والتوصيف. ويرجع ذلك إلى عقيدة “حزب البعث العربي” الذي كان حاكما للبلاد على مدار عقود.

لكن في ظروف الحرب، التي تخطت العقد من الزمن، ومع الاستقطاب الحاد وجد كل فريق جهة دولية يحتمي بها ويتحالف معها لحماية نفسه ومناطقه من الإبادة. فالآن وبعد سقوط النظام وتغير اللاعبين الإقليميين بأفول النفوذ الإيراني والروسي.. ومع الخوف المُسيطر على الأقليات السورية من ممارسات “جبهة تحرير الشام”، خصوصا مع الماضي القريب للجبهة.. وحاضر هذه الإدارة الجديدة التي تغض حاليا الطرف عن الانتقام من “العلويين” على وجه خاص؛ إذ حدثت عدة جرئم مُريعة بحقهم وتم التغاضي عبر توصيفها “حوادث فردية”.

لذا فإن هذه الأقليات قد تجد نفسها متضطرة لطلب حماية دولية أو نجدة من دول العالم بما في ذلك إسرائيل، وقد أعرب بالفعل بعض قيادات الأقليات عن انفتحاهم لأي مساعدة من أي جهة دولية “بما فيها إسرائيل” إذا وقعوا بين أنياب المتشددين وأصبحوا في خطر.

من داخل دمشق
موقع روسيا اليوم

الكاتب

  • من داخل دمشق رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال

  • من داخل دمشق مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
2
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان