“حيلة غريبة” كيف تم تنفيذ مشهد مظاهرة الكوبري بفيلم في بيتنا رجل
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أخذ فيلم في بيتنا رجل شهرة كبقية أفلام جيله، لكن مشهدًا واحدًا لا زال يؤثر في وعي الناس وهو مشهد مظاهرة الكوبري وفتحه، ولم يكن تنفيذه سهلاً وقت التصوير.
حيلة تصوير مشهد مظاهرة الكوبري في فيلم في بيتنا رجل
بلغت التكاليف الإنتاجية لفيلم في بيتنا رجل 33 ألف جنيه وصورت مشاهده الداخلية في استديو ناصيبيان بينما كانت مشاهده الخارجية في شوارع القاهرة وعلى كوبري عباس في الجيزة.
اقرأ أيضًا
عن كواليس العمل في فيلم الباب المفتوح “من اختيار القصة إلى حريق القاهرة”
وكانت مشكلة المخرج هنري بركات في مشهد كوبري عباس بالذات وتمثلت المشكلة في أنه لم يجد مجاميع بالقدر الكافي ليطلقهم في الشوارع وعلى الكوبري ليكونوا مشهد مظاهرة الطلبة، فاقترح عليه عمر الشريف أن يجعل 100 كومباس فقط يجرون فوق الكوبري وبالتأكيد سيثيرون فضول الناس فيجرون وراءهم.
وبالفعل عندما بدأ التصوير كان على الكوبري فجأة آلاف الشبان يجرون وراء عمر الشريف وكأنها مظاهرة طلابية حقيقية مما جعل الشرطة تتدخل وتوقف التصوير حتى حصل المخرج على تصريح بإقامة مظاهرة سينمائية مفتعلة.[1]
مشهد المظاهرة وخطأ في وعي الناس لاحقًا
من الأشياء التي زرعت خطأ في وعي الناس اعتبارهم أن المشهد حدث تاريخيًا، ورغم الخلافات بين الرواية والفيلم لكن الاثنين أقرا بحدوث حادث الكوبري مع اختلاف في التفصيل، ففي الرواية كان المسئول الذي قتله إبراهيم حمدي هو عبدالرحيم باشا شكري ولم يحدد إحسان عبدالقدوس ماهية الرجل وصفته سوى بوصف واحد هو رجل الإنجليز في مصر[2]، بينما الفيلم أعطاه صفة رئيس الوزراء؛ فيما كانت فكرة فتح الكوبري هي فكرة الدباغ رجل البوليس السياسي.
الحادثة التي تناولها الفيلم هو حادثة المظاهرة التي وقعت في 9 فبراير 1946م زمن حكومة محمود باشا النقراشي، وتاريخيًا فإن الحادث لم يحدث كما أشار له الفيلم، فمن حيث القتلى والجرحى فإن المؤرخ عبدالرحمن الرافعي وصل إلى الحصر طبقاً لسجلات المستشفيات، ووجد عدد الجرحى 84 دون شهداء، وأن كوبري عباس كان كوبري عباس قبل المظاهرة كان مفتوحاً أصلاً لمرور المراكب الشراعية ومنع الطلاب من عبوره إلى الجيزة، لكن الطلبة نزلوا للمراكب الشراعية وأغلقوه عنوةً.[3]
أما القيادي الإخواني أحمد عادل كمال والذي كان هو وجماعته في حالة عداء مع النقراشي قال في كتابه «النقط فوق الحروف .. الإخوان المسلمون والنظام الخاص» أنه لم يُقْتَل أحد في هذه المظاهرة، والطلبة هم من ألقوا بنفسهم من فوق الكوبري للضفة الطينية من جهة الجيزة.[4]
بينما محمد حسين هيكل وصف ما جاء في قصة كوبري عباس بأنه أسطورة خلقتها القوى المعارضة لحكومة محمود فهمي النقراشي، هي التي استغلت الحدث فنسبت إليه ماليس فيه، ويؤكد محمد حسين هيكل أن الحادث شهد قمعاً لكن هناك أكاذيب متعددة فيه.[5]
[1] محمود صلاح الدين، ذكريات فيلم تشاهده .. تصريح من البوليس لإقامة مظاهرة سينمائية مفتعلة، جريدة الجمهورية، ع9641، يوم 21 مايو 1980م، ص8.
[2] إحسان عبدالقدوس، في بيتنا رجل، ط/1، دار أخبار اليوم، القاهرة، (د.ت) ص22.
[3] عبدالرحمن الرافعي، في أعقاب الثورة المصرية، ج3، ط/1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1951م، ص ص185–186.
[4] أحمد عادل كمال، النقط فوق الحروف .. الإخوان المسلمون والنظام الخاص، ط/2، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989م، ص175.
[5] محمد حسين هيكل، مذكرات في السياسة المصرية، ج2، ط/1، دار المعارف، القاهرة، 1990م، ص266.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال