سلسلة الفرق الغنائية (3) عمار الشريعي وفرقة الأصدقاء
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تنبع أهمية فرقة الأصدقاء أنها الوحيدة من بين الفرق الغنائية التي لم تأتي من خلفية غربية قحة، بل سارت وفق أفكار مؤسسها عمار الشريعي المنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية في الموسيقى، وعلى الرغم من أنها تكوينها في وقت متأخر نسبيًا إلا أنها حققت جماهيرية كبيرة فاقت معظم الفرق الغنائية التي تكونت قبلها.
كانت تلك الفترة تزخر بالعديد من التجارب الغنائية الجماعية والتي تسير وفق مفهوم غربي في التناول الموسيقي، ومن هنا قرر عمار أن يواجه تلك التجارب بتكوين فرقة غنائية تكون بمثابة حائط تقف أمام هذا التيار الذي كان يرى أنه انسلخ من هويته الشرقية، ويحسب لعمار أنه جنب رأيه الشخصي في تلك الفرق فلم يهاجمها سواء في تصريحات صحفية أو في لقاءات متلفزة، وقرر أن يكون رده عليها بالفن، وأنه قادر على أن يقدم أغنية تحافظ على شرقيتها وفي نفس الوقت تواكب التطور الموسيقي الحاصل في سوق الغناء.
بحث عمار عن أصوات كثيرة لكنه لم يجد ما يتلاءم مع طبيعة مشروعه؛ فأدرك أنه يبحث في المكان الخطأ فقرر أن يذهب بنفسه إلي معهد الموسيقى العربية حتى ينتقي أصوات تغني بشكل سليم، تقابل في البداية مع علاء عبد الخالق الذي كان أول فرد ينضم إلي الفرقة ثم أوكل إليه مهمة اختيار بقية الأصوات فرشح له بنتان تدرسان معه في المعهد لتتكون الفرقة منه ومن حنان ومنى عبد الغني.
تبنت الفرقة أفكارًا محافظة منبعها خلفية عمار الشريعي الكلاسيكية بعض الشئ، فلم نلمح تمردًا كبيرًا في المواضيع والمفردات في الأشعار التي انتقاها، ويبدو أنه لم يكن في باله استهداف فئة عمرية بعينها بل كان غناء موجهًا للأسرة المصرية بمواضيع لا تتصادم معه بل تماهت مع طابعها الاجتماعي المحافظ.
أصدرت الفرقة ثلاثة ألبومات “هنغني” و”مطلوب موظف” و”قول ياباسط” وتعاون عمار مع شاعران فقط هما “سيد حجاب” صاحب النصيب الأكبر من أغاني الفرقة والثاني هو الشاعر “عمر بطيشة” والغريب أن بطيشة كان يتعاون فى نفس الفترة مع فرقة المصريين بقيادة هاني شنودة، لكن كان هناك اختلافًا كبيرًا في أشعاره مع الفرقتان، فنجده في الأصدقاء متحفظًا بعض الشئ يحافظ على فلسفة الفرقة بأفكارها المحافظة عكس المصريين التي كان معها يمتلك حرية أكبر في صياغة أفكار تتماس مع تمرد الفرقة.
أقرأ ايضًا .. سلسلة الفرق الغنائية هاني شنودة وفرقة المصريين
من أشهر أغاني الفرقة أغنية “الحدود” والتي كانت تعكس تجربة الغربة خارج الأوطان في تقليد كان تتبعه أغلب التجارب الغنائية في تلك الفترة، لكنها صيغت بشكل مختلف ولم تشأ أن تتصادم مع الرقابة فابتعدت بشكل كبير عن لوم الوطن أو البحث في أسباب الغربة و احتفت بالوطن والمكان على حساب الإنسان نفسه.
من أهم أغنيات الفرقة أغنية “الموضات” والتي عكست طبيعة الفرقة المحافظة التي سخرت من الموضات الجديدة التي اعتبرتها دخيلة على المجتمع المصري ووقفت ضد ما كل هو جديد بداية من الأكل والملبس وقصات الشعر وحتي طريقة الغناء، وغلب عليها طابع الحنين إلي الماضي بكل أشكاله.
في أغنية هيجوزوني قد نلمح شئ من التمرد على الأسرة وتحكماته بإقرارها جواز البنت دون إقرار حقها في الأختيار، وعلى الرغم من الفكرة المتمردة إلا أنها صيغت بشكل جنب الصدام مع أفكار الأسرة.
لم يدم بقاء الفرقة كثيرًا على الرغم من العروض الكثيرة التي تلقتها للغناء خارج مصر، لكن عمار اصطدم برفض حنان السفر بالإضافة إلي انشغال منى عبد الغني بمشروع زواجها، فلم يضم أعضاء جديدة وتم حل الفرقة التي انطلق اعضائها للغناء بشكل منفرد بعد ذلك وانطلق عمار إلي مشروعه الموسيقي الأهم في التأليف الموسيقي.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال