412 مشاهدة
“شرحبيل بن هُمام” انفلونسر من عصر آخر يلفت الانتباه لقضايا المياه والبيئة
بلغة عربية فصيحة وملابس أهل الجزيرة في عصر ما قبل البعثة والميلاد نذر شرحبيل بن هُمام المهندس النابغة حياته للتوعية، في إطار من الكوميديا الجادَّة خرج أول إنلفونسر عربي يحمل على عاتقه توجيه اهتمام الشباب لقضايا البيئة والمناخ؛ يبحث عن الحقيقة ويسردها على رؤوس الأشهاد لتسمعوا وتعوا أن الخطر القادم ليس حربًا بالطائرات والجنود بل بالوعي والترشيد.
أدرك العالم أن أزمات المياه والمناخ هي المعركة القادمة أمام البشرية، وبالفعل بدأت حملات للتوعية برعاية الأمم المتحدة ومبادرات دولية عديدة، ولا يخفى على الجميع فعاليات نشطاء البيئة في دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها، حتى أن أنشطتهم مؤخرًا سلكت مسلكًا أكثر تطرفًا بتخريب اللوحات العالمية في المتاحف لجذب انتباه الجمهور.
ما أشبه اليوم بالبارحة.. يا عرب تغيُّر المناخ سيقتلكم!
مثل تلك القضايا على قدر كبير من الأهمية لكنها لم تجد متسعًا في بال المواطن العربي الذي يشغله قوت يومه وصراعاته الحياتية، في حين ينشغل الشباب بمتابعة محتويات لا طائل منها سوى الإسفاف؛ هنا ظهر شرحبيل أحد مشاريع منصة مور من إنتاج شركة شيزوميديا بالتعاون مع منصة درج، fشخصية عربية جاءت من مأرب القديمة للتوعية بقضايا المياه والبيئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
من خلال صفحتَي فيسبوك وانستجرام يعرض محتواه عبر منشورات واسكتشات مصورة، يستهدف الشباب الناطق بالعربية للتوعية بمشكلة عالمية ستنال المنطقة العربية منها النصيب الأكبر؛ اختار القائمون على المشروع هذا الشكل للتوعية لتأثر المجتمع بظاهرة الإنفلونسرز حيث عملوا على استثمارها لربطهم بقضايا هامَّة مثل الأمن المائي.
يقدم شخصية شرحبيل الفنان الشاب أسامة عيسى مقدِّم برامج أردني ومؤسس شركة شيزوميديا، بأسلوب انسيابي وكوميديا طبيعية نجح في نقل الشخصية بعيدًا عن الأداء المسرحي المعتاد وهو ما نال استحسان المتابعين.
في حواره مع الميزان أوضح م. أيمن الغنميين مسؤول التفكير الإبداعي لدى شيزوميديا لماذا تم ابتكار الشخصية بتلك الخصائص غير المعتادة على ساحات السوشيال ميديا؛ “الذهن العربي بطبيعته مهتم بالتاريخ المحكي يلفت انتباهه ويستسيغه، لذا أردنا أن يصبح شرحبيل حكَّاء عربي غير محسوب على ملَّة لأنه قادم من عصر ما قبل الميلاد وغير محسوب على دولة فهو فقط (عربي). لنقدِّمه إلى الجمهور اخترنا ربطه بحدث هو الأهم في التاريخ العربي القديم (سيل العرم) الذي دمر جنوب شبه الجزيرة بعد انهيار سدّ مأرب، حيث عمل بطلنا كمهندس مسئول عن صيانة السدّ حاول تحذير أهل سبأ من عاقبة إهماله ومخاطر انهياره دون أن يجد آذانًا مصغية”.
فريق العمل المبدع الذي يقف خلف المشروع التوعوي اهتم بأدقّ التفاصيل، بدايةً من اختيار اسم من أكثر الأسماء المنتشرة لدى العرب قديمًا حتى العناية بالملابس المناسبة للحقبة التاريخية وسلامة اللغة المستخدمة؛ لتسجِّل أول ثلاثة مقاطع على الصفحة المنطلقة بداية العام الحالي آلاف المشاهدات والتعليقات.
تعرض الحلقات الأولى تأسيسًا لشخصية شرحبيل وحياته في كنف أهل سبأ، ثم تخبرنا كيف انتقل إلى زماننا الحالي بعد أن أرسلته كاهنة عجوز- تمثِّل دور المرأة في التوجيه والتوعية- إلى المستقبل؛ ليصرخ على آذان الشباب منذرًا من كارثة حلَّت على قومه قديمًا قبل أن تأتي على أخضرنا ويابسنا.
مستعينًا بأكاديميين يخاطب الشعوب لرفع الوعي
بأسلوب بسيط يحكي شرحبيل بن هُمام في بداية سلسلته عن أكبر كارثة بيئية في تاريخ العرب موضحًا كيف آلت الأمور إلى الخراب والموت بسبب الاستهتار وانعدام الوعي، بعيدًا عن دسامة المحتوى العلمي وثقل دمه يعرض حقائق أزمة المياه في “مصر، العراق، الأردن، لبنان وفلسطين المحتلة” كمرحلة أولية.
تكافح تلك البلاد في قضايا المياه ضد قوى خارجية ومؤثرات داخلية مثل التلوّث والإسراف، وتتنوع المشاكل التي تواجهها بين سياسية وإدارية وتوعوية يحاول شرحبيل عرضها ومناقشتها ثم طرح الحلول؛ مستخدمًا التقارير الرسمية من الهيئات المعنية بإدارة المياه في الدول العربية، وبالرجوع إلى متخصّصين مثل د. نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة ود. إيمان عبد العظيم استشاري البيئة وتغيُّر المناخ، وغيرهم من الخبراء الداعمين للمشروع والمرشدين لمحتواه العلمي.
شرحبيل بشكل عام مهتم بمشاكل المناخ والبيئة لكنه قرر البدء بأزمات المياه لأنها على رأس أولويات الشعوب العربية غير الواعية بحجمها، وفقًا للغنميين لا يعي المواطن البسيط بالمشقَّة التي تواجهها الحكومات في تلك إدارة الملفات وإن كان التقصير موجودًا، ناهيك عن أزمة عدم التصديق التي تجعل الشعوب ترفض الحقائق وتفضِّل نظريات المؤامرة.
صرَّح الغنميين للميزان أن الخطوات القادمة لشرحبيل ستشهد توسعًا في عرض المشكلة لتخرج من الإطار البيئي إلى الإداري والسياسي، بعيدًا عن أي أجندة أو صراع سياسي قد يأتي بالسلب على شفافية عرض القضية؛ الأمر الذي سيجعل المتابع يستوعب المشكلة ويبدأ أولى مراحل علاجها “القبول” بوجودها؛ ومن هنا ينعكس الوعي على أرض الواقع ويصل إلى قائمة أولويات المواطن العربي مما يفرضه على الخطط التي يقدمها المسئولون لإرضاء الرأي العام.
قريبًا يصدر فيلمًا قصيرًا من 13 دقيقة يلِّخص رحلته من مأرب إلى عمَّان حيث تبدأ رحلته بعد انتقاله إلى عصرنا الحالي، وفي المرحلة القادمة ستكون للشخصية تحرُّكات على الأرض وبين الناس، حيث سيخرج في جولة عربية واسعة تمر بالقاهرة وبيروت والعديد من العواصم العربية.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
