رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
490   مشاهدة  

عاش مجتمع الذكور

مجتمع


مساء الخير يا أمي

هل قلت لك أنني أحيي مجتمع الذكور؟

هل سبق وأدنتُ أنك تميلين لأخوتي الذكور وتفضلينهم عنا نحن الفتيات؟

لتاء التأنيث سطوة وخجل، نحن جميلات السهر، أيقونات النهار، تزدان البيوت بنسائها، ويتباهي الرجال بنسائهم، نحن النسوة جميلات قيد الزينة.

هل قال أحدهم لأخر أي كلمة متلاحقة بقولة أمك ومر الأمر بسلام؟ تُصبح النساء في بلادنا وصمة ودليل إدانة، إذ ما جاءت من الآخرين.

نحن النسوة موصومات بالعار منذ ميلادنا، تواري كل التاريخ الذي شهد للأنثي، وتحجبت الأآلهة الإناث، أغمضت ماعت عيونها، ولمت ايزيس أجنحتها، وصرنا مجتمع إذا وصف أحدهم الآخر بلفظ تخص النساء فهو يسبه ويدنو به من القاع.

النساء تاج لأهلن فقط، فإن تراجع الأهل عن التفاخر انقطعت السيرة وتوارات النسوة في بيوتهن؟

والحقيقة يا أمي أننا نحن النسوة السبب في كل شيء

دأبت النساء علي تناقل الحكايات كوسيلة لقتل الوقت، الثرثرة سمة أساسية انغرست فى أواسطنا وأثمرت العديد من المشاكل، سأقول لك لماذا لأننا يا أمي بشر مهووسات بالتفاصيل حين ننقل حدث، أو نروي حكاية نرويها بطريقتنا مع اختلافات وفروق فردية فى الوصف، ستنتقل الحكاية بزيادات ونقصان، ونتدخل فى الصياغة نحول الأسئلة لجمل تقريرية والمحصلة يا أمي عشرات المشكلات والضغائن نغرسها بعد كل جلسة نميمة، إنه الفراغ الذي نمي وطور هذه السمة فينا، فبتنا ثرثرات كسياق عامًا وجدنا فيه.

هل رأيتي يا أمي رجال يثرثرون في الشئون الشخصية؟  هل وجدتي يا أمي رجل ينقل حديث بينه وبين رفقته إلي آخرين؟ الرجال يملون التفاصيل، منشغلين بالنتائج، لا قبل لهم بالثرثرة، وحين يفعلها أحدهم يصفون فعله بانه مثل النساء!

لا نمتلك الدقة بينما نمتلك الخيال لتحريف الروايات، ولأننا متعددي المهارات يمكننا أن نفعل أكثر من مهمة في نفس الوقت صارت الثرثرة مهمة أساسية، وصارت الوقيعة أيضًا بين النساء.

لم نتعلم الصمت، ولا احترام حقوق الآخرين، ولا حرمة المساحات الشخصية، صرنا نلوك السير، وكثيرات يشغلنا أوقاتهن بتدبير المكائد.

هل وصف أحدهم رجلًا بأنه مثل الحية؟

إن الفضائل يُمكن أن تصير نقائص، صارت فضيلة انجاز المهام بشكل متوازي نقيصة.

هل تعرفين يا أمي ما هي مشكلتنا نحن النساء؟ أننا ولدنا كسمة نقصان، فى مجتمع يري فينا عبئًا لمجرد أننا نساء، يرانا عورة، يرانا بلا قيمة، النقصان علامتنا فصارت كل امرأة تجتهد لتجد لنفسها مساحة خاصة، ولدت الغيرة، والحسد، باتت كل امرأة طامعة ف مكسب ما حققته امرأة أخرى، فهذه تحسد صديقتها لرجل اختارها زوجة، فتشحذ طاقتها وتكيد لهما، وهذه تستكثر علي أخرى جمالها، وثالثة لعملها، ورابعة لمالها  وكثيرات هنا.

نحن يا أمي تربينا علي النقصان، ومن استطاعت أن تكسب شيئًا تخفي به نقيصتها فعلت، تقضي النساء ساعات فى تبادل الحكايات، كل شيء مباح للحكي، وكلما كان النقصان كبير كانت النفس ضعيفة، والشر ركيزة فى الروح، فباتت النساء تكيد لبعضهن، وتُحكم المؤامرات حتي بات الكيد سمة للنساء.

ألا يفعل الرجال ذلك بالطبع يفعلونه، لكن الرجال حين يكيدون تكون مكائدهم مقابل الحياة، فالرجل حين يكيد لرجل يأتي بروحه ثمنًا، بينما النساء فإن حكاياتهن تصم الشرف والنسب وكل شيء، مكائد النساء وشم الدهر بالاقصاء.

نحن يا أمي نغار من بعضنا البعض لأتفه الأسباب، وننقلب فى مشاعرنا منحرفين لأقصي درجة، نلتقي لأول مرة نتجاذب أطراف الحديث فنصير مقربات لأقصي درجة، لا نعرف أن العلاقات السريعة هشة، كنباتات الماء يحركها الموج ويدفعها قيد تصرفه.

إقرأ أيضا
الدمية روبرت

وبينما ننخرط فى علاقات سريعة لا نخجل أن نهدم علاقات العمر إن دبت الغيرة، أو تدخلت أُخريات مستغلات أحاديث ملأنا بها الوقت فى مراحلة سابقة، فلا عزيز لدينا ولا معايير فى القرب والبعد.

نحن النساء ضحايا مجتمعاتنا نُعيد انتاج نقائصنا، نربي الذكور كونهم مميزون بالنوع، ونُربي النساء ضعيفات حق الحياة، تسأل الأم ابنتها ماذا رأيتي عند فلانة.. فتغرس بها الوشاية، تنهر الأم ابنتها فتحبسها في سجن الضعف مقابل أجنحة الحرية المثبتة في ظهر الرجل.

البنت عار، أدعية الستر المرددة علي ألسنة الأمهات، فهل سمعتي يا أمي رجل يتحدث عن ستر أبنائه الذكور؟

نحن غرس الوشاية، بنات الفراغ، مصنوعات من انعدام الثقة، مجبولات علي الشقاء، نعم بتنا كنساء علامات علي أودية الخيانة ذلك أننا تربينا كروافد للهزيمة، من منكم جاء بأنثي ومنحها ثقة؟

ستخرج يا أمي نساء يقولن أنهن منذورات للدفاع عنا، لرفع الخجل، لبذر الثقة، أقول لك يا أمي كثيرات منهن يروين الأرض فيغرقنها، لو أن امرأة تعلمت الحرية والمسئولية لتربي ذكورها وبناتها كونهما أعمدة الحياة لقلت همومنا،  إنها الروح، التربية، التنشئة، إنها نحن يا أمي.

نحن إذن الثرثرات، المغردات بالحقد، والمنشغلات بالنميمة، نحن صليب المجتمع يلقون علينا آثامهم، حتي أن بعض منا حين تنجب فتاة تحزن.

نحن الأمهات نُعيد انتاج نقائصنا، ويظل الذكور هم السادة مهما كانت مهاراتهم محدودة، نحن من تدين فينا المرأة أخرى، تنتقد ملبسها، وزوجها، تكيد لها فيي عملها، نحن من تربينا أننا منزوعات القيمة، نحن النسوة يا أمي نري المجتمع ذكورًا فقط، فليحيا مجتمع الذكور، أما نحن يا أمي شركاء الحياة، فلا قيمة لنا ذلك أننا أنكرن أن الحياة رجلًا وامرأة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
2
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان