كتاب المجدد علي جمعة مسروق “أزمة أخرى في إصدارات معرض الكتاب”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تبدو مسألة أنَّ كتاب المجدد علي جمعة مسروق صادمةً بعض الشيء، فالمؤلف مصطفى الأزهري من اللصيقين بشريحة الأزهريين تلمذةً وإعلامًا، إذ كان يعمل في Azhar TV، ولازم الوسط الأزهري بطريقة من المفترض أن تجعله أفضلَ مَن يكتب عنه، لكن هذا لم ينطبق على كتاب «المجدد».
طرَفُ الخيط في مسألة: كتاب المجدد علي جمعة مسروق..
كان محمد المالكي «الباحث بمشيخة الأزهر» هو أوَّلَ من اكتشف عيوبَ كتاب «المجدِّد»، ويكتب في ذلك دراسةً مُستفيضةً أسماها: «نظراتٍ نقديةً في كتاب المجدِّد»، عدَّد فيها تعدِّي الكاتب مصطفى الأزهري على حقوقٍ أدبية لكتَّابٍ آخرين، وسَطْوَه على نصوصٍ كاملةٍ لهم ووضعَها في كتابه «المجدد».
في مستهلِّ دراستِه قال محمد المالكي: «نقدُ كتابٍ لا يستلزمُ نقدَ المكتوبِ عنه.. لكنَّ كتاب «المجدد» لمصطفى الأزهري احتوى على السَّرِقات العلميَّة، والتدليس والكذب، والجهل بما في المسروق والمنقول، والنُّقولات المطولة، والحشو والتَّكرار، والجهل بالدروس الأولية في النحو، وضعف التراكيب وركاكة الأساليب، وإغفال المنهجيَّة العلمية».
اقرأ أيضًا
نعم أنا مع شيخ الأزهر ضد التنويريين الجدد
وعن لحظة اطِّلاعه على الكتاب قال محمد المالكي: «لمَّا وقعَت في يدي إحدى نسخِه تصفَّحتُه فعجبتُ مما رأيت، وحينما أتممتُ قراءته كاملا ازداد عجبي وضربتُ أخماسا بأسداسٍ، وقلتُ: إذا كان العلمُ بهذا البهتان والتأليفُ بهذه الصورة الهزليةِ فعلى العلمِ والدنيا السَّلام، وقد أصابني حزنٌ شديدٌ أنْ كَتب مثلُه عن شيخ أزهريٍّ كبيرٍكتابًا بهذه الطريقةِ يسيء به إليه خصوصًا، وإلى الأزهريِّين والسَّاحةِ العلميَّةِ عمومًا».
السَّرقةُ الأولى (كوبي بيست) من عضو رابطة علماء المسلمين
حدَّد محمد المالكي أوَّل ما يؤكِّد أنَّ كتاب المجدد علي جمعة مسروقٌ، وهو مطلب «مفهوم التجديدِ عند دُعاة التنويرِ» ص 47- 48؛ حيث قال: «مصطفى الأزهري سرقَه برُمَّتِه من مقالٍ بعُنوانِ (التجديد؛ مفهومه، وضوابطه، ومجالاته) نُشر في مدوَّنة الهدى، للشيخ مراد بن أحمد القدسي، بتاريخ 21 نوفمبر سنة 2010م».
واستنكر المالكي ما كتبه مؤلِّف «المجدد» واصفًا إياه بالمزيَّف الدَّعيِّ السالكِ مسلكَ الانحطاط، ومِن ذلك قولُه: «وتأملوا صفاقةَ وجهِه وهو ينسب لنفسه السرقةَ ويقول منتفخًا: “لذلك سنتناول في هذا المطلب ماذا يعني التجديد عند دعاة التنوير في هذا العصر، وفيما يلي بيان ذلك …” ثم ينسخُ جهدَ كاتبِ المقال، وليس في وجهه أدنى شعورٍ بالحياء!».
وتابع محمد المالكي في دراسته: «من العجب العُجاب أنَّ الكاتب مراد بن أحمد (المسروق منه) استشهد بكلمةٍ للمستشرق ـ جيب ـ وثَّقها في آخر مقاله، فسرق الأزهريُّ المزيَّف منه توثيقَ هذه الكلمةِ أيضا وأثبته في هامش (1) ص48 من المطلب، فضم إلى سرقة مقالِه سرقةَ توثيقِ هذه الكلمةِ، ثم بعد فقراتٍ من السرقة يقول متبجِّحًا: “ولكي تتم الفائدة سوف أذكر أهم البواعث …” ويُلصقُ كلامَ صاحبِنا المسروقِ منه، ثم بعد سطورٍ من السرقة يختمُ المطلب بكلِّ وقاحةٍ وبلادةٍ قائلا: “وأختم الحديث في هذا المطلب بالكلام عن وسائل …” ويأخذ السرقةَ بحروفها ويضعُها على أنها له، متشبِّعا بما لم يُعطَ كلابسِ ثوبَي زورٍ».
السرقة الثانية .. كلاهما في السرقة سواسيةٌ، والمظلوم هو إبراهيم الهدهد!
حدَّد محمد المالكي في دراسته «نظرات نقدية في كتاب المجدد»، سرقةً أخرى في كتاب «المجدد علي جمعة»، في مطلب عقده الأزهري المزيف للحديث عن ضوابط المجدِّد والمجدَّد، وعدَّ ضوابط ستةً للمجدَّد (بفتح الدال المشددة).
حيث سرق الضابطَ الثالثَ والرابعَ من تدوينةٍ بعنوان: (تجديدٌ أم دينٌ جديدٌ؟!) منشورة في (oubida’s) بتاريخ 10 أغسطس 2014 م.
وتابع المالكي: «سطا على مقالٍ بعنوان: ضوابط التجديد في الفكر الإسلامي لأحد السلفيين وهو الدكتور شوقي إبراهيم علي، المنشور على موقعه بتاريخ 17 سبتمبر 2015 م، فسَرق منه الضابطين الخامس والسادس بقَضِّهما وقَضِيضِهما».
وفجَّر المالكي مفاجأةً حيث قال: «مِن مَسروقِه الثاني ما هو مسروق مِن سارقٍ! فما في الضابط السادس في مقال السلفي الدكتور شوقي إبراهيم مسروقٌ من مقالٍ لرئيس جامعة الأزهر السابق معالي الدكتور إبراهيم الهدهد حفظه الله، بعنوان: تجديد الخطاب الديني: حتميته، وضوابطه) منشور على صفحة فيس باسمه، بتاريخ 9 نوفمبر 2014».
اقرأ أيضًا
المعلم ميخائيل البتانوني .. قبطي تعلم في الأزهر ليلحن للكنيسة
واستدلَّ محمد المالكي على هذا بقوله: «فضح هذا الجُرمَ وكشف تلك الجنايةَ أنَّ الجزء الذي سرقه السلفيُّ شوقي في مقاله من الهدهد فيه خطأ لغويٌّ، أخذه الأزهريُّ المزيَّف دون أيِّ تغييرٍ، بالرغم مِن أنه صحيح في مقال العلامة الهدهد، كما أن الذي سَرق منه الأزهريُّ المزيفُ (وهو السلفي الدكتور شوقي إبراهيم) مقالُه يطفح باللامذهبية والإشادةِ بها والدعوةِ إليها، فلا أدري كيف سوَّلت له نفسُه أن يقترب من مقالٍ ملوَّثٍ بلُوثةٍ يتألم الأزهريُّ الأصيلُ ويتقزَّز مِن رؤيتها، وكيف طاوعته نفسُه على أن يجمع بين الخِسَّتين: السرقة من سارقٍ ينتمي إلى أناس يصفُهم هو على صفحته ليلَ نهارَ بأنهم خوارج وأنهم أعداؤه اللُّدُّ، وأنهم يكيدون له المكائدَ في كلِّ طرْفة عينٍ».
مبحثٌ في كتاب «المجدِّد علي جمعة» مسروقٌ من رسالة دكتوارة ..
ذكر محمد المالكي أنَّ كتاب «المجدِّد علي جمعة» احتوى على مبحثٍ يناقش جهودَ الدكتور علي جمعة، وهو مسروق من رسالة دكتوراة، وفي هذا قال المالكي: «عَنْونَ السارقُ لمبحثٍ يُبيِّنُ فيه جهودَ الدكتور علي جمعة، وبعد أنْ وَضع العنوانَ- ولعلَّه مسروقٌ أيضا- سَرق صفحةً كاملةً من ملخَّصِ رسالةِ ماجستير للدكتورة تغريد بنت موفَّق الريس، بجامعة الإمامِ محمد بن سعود، نُشر على موقع الألوكة بتاريخ أغسطس 2015م؛ ليجعلَها مدخلًا للكلام عن جهود الدكتور علي جمعة».
وأوضح أن الدكتورة المسروقَ منها الكلامُ تتحدَّث عن الشيخ عليٍّ الطنطاوي؛ فما كان مِن هذا اللِّصِّ المحترِفِ ــ بحسب وصف المالكي ــ إلَّا أنْ حَذف اسمَ الشيخِ عليٍّ الطنطاوي وأَلصَق مكانَه اسمَ الدكتور علي جمعة، وسَرق الأوصافَ التي وَصفَت بها صاحبةُ الرِّسالةِ الشيخَ عليًّا الطنطاويَّ وأضْفاها على الشيخ علي جمعة.
محمد المالكي لـ «الميزان»: موقفي من الكتاب ليس هجوميًا وإنما هو نقديٌّ..
أكَّد محمد المالكي أنه لم يهاجم الكتابَ من باب الهجومِ، وإنما هو نقدٌّ منهجيٌّ له؛ حيث قال: «لم أهاجم الكتابَ وإنما أنقُدُه نقدًا علميًّا؛ إيمانا منِّي بأنَّ حركة النَّقدِ العلميِّ إذا توقَّفَت فَقدَت الساحة العلميَّةُ الدقَّةَ، والمنهجيَّةَ عند التأليف والكتابةِ، وروحَ المنافسةِ بين الكُتَّاب لإبراز جهودٍ قيِّمةٍ تفيد القرَّاءَ، وتسوَّر على العلم مَن ليس مِن أهله وإنْ لقَّب نفسَه بالأزهريِّ زورًا؛ فأنا أنقُد الكتابَ لِمَا وجدتُّ فيه ما يدعو إلى ذلك، من شنائعَ وفظائعَ تنتهك حُرمةَ العلمِ وأهلِه».
وأضاف محمد المالكي في تصريحٍ لـ «الميزان»: أنّ نقد الإخوانِ أو هجومَهم على الكتاب إنما هو نقضٌ نابعٌ من دوافعَ سياسيةٍ، وخلفياتٍ سابقةٍ تجاه الدكتور علي جمعة المكتوبِ عنه كتابُ «المجدِّد»؛ ولذلك وجدناهم هاجموا الكتابَ قبل خروجه في السُّوق أصلًا.
واختتم تصريحَه بقوله: «أما الأزهريُّ الأصيل فحمَلَه على النَّقد ما رآه في الكتاب ما ذَكَر بعد قراءته كاملا كلمةً كلمةً، ودون تعرُّضٍ لشخص الكاتب ولا المكتوب عنه، وإن جاز له أن يصفَ الكاتبَ بما يليق به مِن أوصافٍ تناسبُ المهزلةَ التي كَتبها».
رد مصطفى الأزهري
تواصلْنا مع مصطفى الأزهري «مؤلف كتاب المجدد علي جمعة»؛ للردِّ على أطروحات الباحث محمد المالكي في دراسته «نظرات نقدية في كتاب المجدد».
فاكتفى مصطفى الأزهري بتأكيده على أنَّ الكتاب يُحقِّق مبيعاتٍ، وسيقوم بالردِّ قريبًا على كلام محمد المالكي الباحث بمشيخة الأزهر.
وإزاء ردِّ مصطفى الأزهري يؤكد موقع «الميزان» أنَّ حقَّ الردِّ مكفولٌ، وفي انتظاره.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال