علاج التوحد بالكلور والشيخة نادية.. “للدجل صور مختلفة”
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
منذ انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات الدعائية زهيدة الثمن على القنوات غير المرخصة، اتخذ النصب شكلاً مختلفًا، فأصبحت الألقاب والدرجات العلمية توزع مجانًا.
اقرأ أيضًا
خطيئة الشلولو
يوميًا نصادف آلاف الإعلانات و الصفحات على فيس بوك وغيره من المواقع لأشخاص تسبق أسماءهم لقب الطبيب أو العالم، يعلنون عن أدوية ووصفات غير مصرح بها من وزارة الصحة أو أي جمعية طبية في العالم؛ وللأسف هناك آلاف الأشخاص حول العالم يقعون كل يوم فريسة لعمليات النصب من هذا النوع، ولكن الأمر يصبح أكثر بشاعة بالتأكيد عندما تكون هذه الأدوية والوصفات سامة، نعم سامة فماذا ستفعل إذا نصحك أحد بإعطاء طفلك جرعات من ثاني أوكسيد الكلور عن طريق الحقن الشرجي لعلاجه من مرض التوحد؟!.
ادعت سيدة أمريكية تدعى كيري ريفيرا ــ لقبت بساحرة الكلور ــ، أنها اكتشفت علاج الأطفال المصابون بالتوحد عن طريق حقنهم بمركب ثاني أوكسيد الكلور المستخدم كمبيض للملابس ومنظف منزلي، واشتهر علاج ريفيرا التي كانت تعمل وكيلة عقارات بسرعة كبيرة في الولايات المتحدة، حيث استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لنفسها عن طريق نشر نصائح ومقاطع فيديو تتحدث عن فوائد حقن الأطفال مرضى التوحد بثاني أكسيد الكلور.
المدهش في الأمر أن هذه المرأة استمرت في عمليات النصب و الدجل وترويج الخرافات حتى تم إلغاء جميع حساباتها من جميع مواقع التواصل الاجتماعي ولاحقتها البلاغات من ذوي المرضى حتى هربت إلى المكسيك العام الماضي، أي أنها استمرت حوالي 6 أعوام تعالج الأطفال بالكلور، وإذا كنت متعجب عزيزي القارئ أن هذا حدث في المجتمع الأمريكي، فاعتقد أن عليك معرفة المزيد عن هذا المجتمع المليء بالخرافات والجهل، ولكنه مازال يحافظ على تصدير صورته المثقفة.
حتى كتابة هذه الأسطر مازالت القنوات المخالفة تعلن عن دواء لشفاء التهاب المفاصل والحروق في نفس الوقت وغيره من المنتجات في جميع أنحاء العالم، ورغم تقاعس الجهات المنوطة بوقف هذه الأنواع من الإعلانات، إلا أن الأغرب في الأمر هو انصياع الأشخاص وراء هذا النوع من الإعلانات، والأهم تجريب هذه المنتجات في وصفاتهم.
من الملفت للنظر أن واحدة من أمهات الأطفال المصابين بالتوحد اتبعت وصفة الكلور، وقامت بحقن طفلتها شرجيًا للعلاج من التوحد، وحكت أنها ضاعفت الجرعة التي وصفتها ساحرة الكلور لعلاج ابنتها ثلاثة مرات، وبحسب كلامها أنها أعطت الطفلة 16 جرعة من الكلور في اليوم الواحد، ولكن لا يعلم أحد مصير الصغيرة الآن؟!.
ولا عجب أن يحقن الأشخاص أطفالهم مرضى التوحد بمركب سام تصديقًا للخرافات و الدجل ، فأتذكر جيدًا صديق أبي الذي يعمل طبيبًا، حيث تحدث إلى أبي ذات يوم في عام 2002 تقريبًا عن نيته للسفر إلى الإسكندرية والذهاب إلى الشيخة نادية لعلاجه من تأكل فقرات العمود الفقري.
لا أنسى كيف تقهقه أبي وهو يتحدث مع صديقه وينادي (يا دكتور عيب) وفشلت كل محاولات أبي حينها مع صديقه الذي حدثه بعد أسبوع تقريبًا ليحكي عن عظمة الشيخة المباركة وكيف تحسنت حالته الصحية بعد أن عالجته عن طريق ضربه بعصى على مكان التآكل! ولم يكن صديق أبي هو الطبيب الوحيد الذي ذهب إلى الشيخة نادية فهناك الآلاف من الحاصلين على درجات الدكتوراة من مصر والدول العربية كانوا من زبائن هذه الدجالة.
للأسف تصديق الخرافات و الدجل لا يتعلق بالجنسية أو المستوى التعليمي أو الخلفية الدينية، وكأن التميز أن تجد علاجك بعيدًا عن الطب، وأن تفسر الظواهر المحيطة بك بعيدًا عن العلم.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال