رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
749   مشاهدة  

عندما كنت طالبًا في مدرسة المشاغبين..يرويها زكوة 10

مسرحية


تسلمت من مدير فرقة الفنانيين المتحدين نسخة من مسرحية مدرسة المشاغبين التي يستعد الأستاذ مدبولي لإخراها من تأليف علي سالم ، كان دور أحمد الطالب الفقير في فصل المشاغبين بالمدرسة يبدو عجيباً ، حيث أرى إسمه في كل ورقة من ورقات الرواية ، دونما أهمية تميز تلك الشخصية إلا جلوسه الدائم على الديسك الأخير بديكور الفصل المدرسي إلى جوار شخصيتي لطفي و منصور التي يؤديهما زميلاي محمد صبحي و يونس شلبي ، بينما تتمحور الأحداث حول كل من سعيد صالح و عادل إمام من جهة و سهير البابلي و أستاذ عبدالمنعم مدبولي في مواجهتهما ، لكن ما جعلني متحمساً للبروفات أثناء التحضير أن مساحة دوري تتمدد في الفصل الثالث و تسمح لي الدراما أن أعبر عن قدراتي .

 

بدأنا نعرض ، لم أكن أتخيل ذلك النجاح ، كتبت الصحف و تحدث الناس في المقاهي و سهرات البيوت عن المسرحية ، تحمس عادل و سعيد و تنافسا في الإرتجال ، إنطلقت الضحكات بلا توقف ، تضاعفت مدة الفصلين الأول و الثاني ، حاول الأستاذ مدبولي السيطرة على الإيقاع المترهل لكن في كل ليلة عرض كان الضحك الذي يأتي من الصالة يُحفز سعيد و عادل على عدم الإلتزام إلا بإبتكار المزيد من الإيفيهات ، فإختار الأستاذ مدبولي أن يختزل من دراما الفصل الثالث حتى لا يخرج الجمهور من المسرح بالتزامن مع خروج الموظفين و التلاميذ من بيوتهم إلى الشوارع للوصول إلى مقرات المصالح الحكومية و المصانع و المدارس .

مسرحية مدرسة المشاغبين
مسرحية مدرسة المشاغبين

تضررت من ذلك التعديل ، كان من المفترض خلال الفصل الثالث أن تتطور شخصيتي داخل الرواية ثم تحاول شخصية التلميذ أحمد الفقير تلك مساعدة باقي شخصيات زملائه من التلاميذ حتى يتوقف الفشل و يتحول إلى نجاح ، و هذا هو ما قد تم حذفه .

 

كنت أذهب إلى المسرح مبكراً أدخل إلى غرفتي ، أرتدي ملابس الشخصية و أتخيل هموم أحمد التلميذ الفقير و صراعه مع الفقر و أشعر بموهبته في إقراض الشعر الذي يكتبه و يبيعه للعشاق بالأسكندرية ثم عندما يفتح الستار و يمر الوقت و أستقر في الصف الأخير ، كنت  أفتح الديسك الذي أجلس خلفه فأجد كُتبي و كراساتي التي أتركها بداخله و أستثمر الوقت في مذاكرة الدروس و المحاضرات حتى لا أرسب في المعهد .

 

في ليلة ما وقفت أنظر إلى نفسي في المرآة و أنا أرتدي ملابس الشخصية ، تعجبت من ذلك التشابه في الإسم و في الظروف ، يتيم و أحمد ، كيف لم ألحظ ؟ .. سمعت دقات على بابي .

 

– مين ؟ ( صرخت )

كانت تلك طريقتي لتحذير يونس شلبي و سعيد صالح و حسن مصطفى من المزاح معي رعبة مني في التركيز لأداء الشخصية .

– إفتح يا أستاذ أحمد أنا رمسيس نجيب المنتج

إندهشت لكنني لم أنطق فإستأنف الطرق على الباب .

– إفتح أنا معجب بموهبتك جداً و جاي أمضيك على عقد بطولة فيلم جديد بانتجه ، بطولة سعاد حسني و إخراج كمال الشيخ ..

 

إقرأ أيضًا…عندما وقفت بين عبد المنعم مدبولي وسعيد صالح..يرويها زكوة 8

 

سحبت نفساً عميقاً ثم أخرجته فعاد إلى الهدوء ، مدت يدي و فتحت الباب ، وجدت سعيد صالح يقف أمامي مُتقمساً شخصية المنتج و خلفه يقف يونس شلبي و حسن مصطفى و هادي الجيار الذي حل مكان محمد صبحي ليؤدي دوره في المسرحية ، بان الغضب على ملامحي فهرولوا و هم يضحكون متفرقين في أكثر من إتجاه ، وقفت في مسافة تسمح بصوتي أن يصل إليهم جميعاً و تركت الحرية للساني في أن يسبهم كيفما شاء ، كانوا يتعجبون من ملامح الجدية التي تكسو ملامحي فور دخولي من باب المبنى قبل فتح الستار ، لكنها دون شك لم تكن جدية مصطنعة ، فأنا بالفعل لا أجيد الشيئيين معاً المزاح و العمل ، ربما يعيبني ذلك لذا أحرص على الإنعزال لإستحضار الشخصية .

خلال العرض سمعت نبرة ضحك أعرفها تأتي من رجل يجلس في الصف الأول ، رفعت عيني التي تنظر إلى عُمق الديسك و جهتها ناحية الصف الأول فرأيت عبدالحليم حافظ و قد أصيب بنوبة من الضحك بينما عادل إمام ينظر إلى سهير البابلي مندهشاً و هو يسألها :
– إنتي جبتي لغاليغُه دي منين ؟

منذ كنت أقف على خشبة مسرح مدرسة الصنايع لأمثل و أنا أفكر في عبدالحليم ، نحن من مدينة واحدة ، كلانا عانى من اليتم و الفقر ، كنت أتساءل هل يسمح القدر بأن تتكرر نفس القصة مرتين و أحقق النجومية في التمثيل مثلما نالها هو في الغناء أم سيكتفي القدر بإعادة محاكاة التشابه فقط في المنشأ و اليتم و الفقر ؟.

 

إقرأ أيضا
مدونة

إنتهى العرض ، سرت إلى غرفتي و أنا أرى حليم يدخل الكواليس ليزور المشاغبين في غرفهم ، بدلت ملابسي ، تأنقت ، جلست في إنتظاره .

 

فجأة خفت الضجيج ثم ساد الصمت ، فتحت الباب بحذر ، أخرجت رأسي فلم أسمع صوتاً أو ألمح شخصاً أو حتى خيالاً يتحرك ، خرجت إلى المكان الذي غادره الجميع و عرفت من الحارس أنهم خرجوا في صحبة حليم .

 

 

 

 

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان