رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬243   مشاهدة  

عن علاقة رامي بأم كلثوم.. حكايات “كوكب الشرق”(28)

أحمد رامي


أهلا بكم أعزائي القراء في حلقة جديدة وربما تكون مثيرة لدى البعض، من قصة كوكب الشرق ودرة القرن العشرين الآنسة أم كلثوم إبراهيم، وفيها نتحدث عن موضوع ربما يراه بعض المهتمين بـ علاقة أحمد رامي بأم كلثوم شائكا.

الجانب الآخر من علاقة رامي بأم كلثوم، قصة خلاف كاد أن ينهي العلاقة

يكثر الكلام حول علاقة كوكب الشرق أم كلثوم برفيق مسيرتها الفنية شاعر الشباب أحمد رامي والذي ألف لها معظم أعمالها، بداية من الطقاطيق الصغيرة التي سجلت في العشرينات والثلاثينات إلى الأعمال الطويلة التي قدمتها في مراحل حياتها المتتالية، والحقيقة أن مسألة الحب من طرف واحد التي يتحدث عنها أغلب الكتاب والمؤرخين باتت موضوعا محروقا قيل فيه ما قيل، بين أغان كتبت ونسجت حولها الموضوعات التي تشير إلى لهيب الحب الذي أحرق قلب رامي، وعناوين الشوق والصدود والحرمان صيغت الكثير من الجمل التي نسج حولها هي الأخرى مواضيع أكثر وأكثر انبثقت عن قصص وهمية لا وجود لها، أنا لا أكذب مضمون العلاقة التي تحدث عنها من عاصروا الإثنين ولكن بات الأمر مبالغا فيه، أحب رامي أم كلثوم فعلا وكتب لها، وكانت عروس أشعاره، إلا أن ربط ذلك بصور لهما أو صورا لرامي في حفلاتها، أو انتقاصا من شأن زوجته قد أصبح سخيفا ولا يحتمل.
لذلك نتحدث اليوم عن قصة خلاف قع في مطلع الثلاثينات بين رامي وأم كلثوم كاد أن ينهي مسيرة رامي مع كوكب الشرق لولا رحمة القدر بنا، فأنا في الحقيقة لا أتصور المشوار الكلثومي الرفيع بدون حضرة رامي، ذلك الشاعر الفذ الذي أخرج من أم كلثوم ما لم يستطع غيره أن يخرجه.

 

إقرأ أيضًا….

حكاية أغنية عدوية والست “العفشة” إللي كتبلها الأبنودي الأغنية

 

أما عن وقائع هذا الخلاف، فتتمثل في أن معهد الموسيقى الشرقي قد أقام حفلا كبيرا لتكريم أم كلثوم سنة 1932م، وبمناسبة هذا التكريم ألقي شاعر الشباب قصيدة يحتفل فيها برفيقة دربه ومشواره أم كلثوم، وقتها اتهمت جريدة روز اليوسف في عددها الـ 266 والصادر في الثالث عشر من شهر يونيو 1932م، أحمد رامي بأن القصيدة التي ألقاها في هذا الحفل هي نفسها القصيدة التي كتبها تمجيدا في الموسيقار محمد عبد الوهاب، ونشرت روز اليوسف قصيدتي رامي في مكان واحد لتؤكد تكرار رامي، ولم تكتف بذلك بل كتبت الموضوع تحت عنوان: الشاعر أحمد رامي يهين أم كلثوم، وأضافت للمقال صورة كاريكاتورية لأحمد رامي وهو يعطي كوكب الشرق القصيدة ملفوفة وهو يقول: إلى ثومة، إلى إلهة الوحي، أقدم هذه القصيدة، فيما يقف محمد أفندي عبد الوهاب حائلا بينها وبينه رادّا على رامي: حاسب يا سي رامي، أنت بتديها قصيدتي أنا، ووصل العدد لأم كلثوم وقرأت ما جاء فيه فاشتعلت غضبا وحين قابلت رامي بعدها قالت له: أنا متأسفة إني عرفتك.

وعن هذا الموقف تقول نعمات فؤاد في كتابها عن أم كلثوم

أصاب السهم قلب الشاعر المحب فأدماه، وقفل الرجل عائدا إلى بيته، وآل على نفسه ألا يسعى إليها أبدا بعد هذا اليوم وألا يجدد لها عهدا، بل وصل الأمر إلى أن حرم على نفسه سماع الراديو حين يذيع لها لحنا، وبكى رامي وأبكانا بما كتب:

من أنت حتى تستبيحي عزتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي
وأبيت حران الجوانح صاديا، أصلى بنار الوجد بين ضلوعي
أعمى عن الحسن الذي هامت به، نفسي وطال إلى سناه نزوعي
وأصم عن نغم عشقت سماعه، أيام كان القلب غير سميع.
وتلك ثورة عاتبة، كان كافيا أن تعلن عن نفسها بكلمتين: من أنت؟؟ لقد طارت على أجنحة شعره، وسمت إلى سماء الأدب ببدائع الكلم، وروائع المعنى، ومنظم القصيد، مما أغرى الملحن بالارتفاع بالإبداع ليتسابق اللحن مع اللفظ التياه، ويتوائم النغم مع توشيح الشعر وفن الشاعر.

رامي ينطوي في عزلته، وأم كلثوم حائرة

ظل شاعر الشباب أحمد رامي ثمانية أشهر منعزلا لا يلتقي بأحد ولا يعرب عما بداخله، فقط يتألم ويتمزق قلبه في صمت، وكان كلما سعى إليه المصلحون أبى إلا الرفض حتى يبرأ قلبه، وفي أحد الأيام جاءه نبأ سفر أم كلثوم إلى العراق بالطائرة وتهيبها الطيران، راجين منه أن يأتي ليودعها في المطار، ولكن رامي لم يلن، وصلت أم كلثوم إلى المطار والتف حولها الكثيرون، الصادقون والمزيفون، ولم يكن ذلك ما يشغل بالها، كانت في شغل عنهم جميعا بواحد فقط، برامي الذي حان موعد الطائرة ولم يأت أبدا، وقتها علمت أم كلثوم أن الأمر جلل، وأنا ما قالته له لم يكن عاديا، وعادت أم كلثوم من سفرها ولم تجد رامي بين مستقبليها وطالت الجفوة إلى أن مرضت أم كلثوم في مارس 1933م وقرر الطبيب أنه بات ضروريا أن يستأصل لها الزائدة الدودية، وكانت في ذلك الوقت عمليه خطيرة، وحينئذ سعى المصلحون من جديد ونقلوا له خبر مرضها وأنها ستكون بين الحياة والموت على حد تعبيرهم، ولم يحتمل رامي ذلك فلان قلبه واستجاب وذهب إليها في المستشفى فعادت المياة لمجاريها من جديد.

 

رامي يتزوج وأم كلثوم تغني للعروس

زار رامي إحدى قريباته وكانت لها فتاة رسبت في الامتحان، ودار الحديث حول تلك الفتاة الراسبة وأعربت الأم عن رغبتها في أن توقفها عند هذا الحد من الدراسة، تقول الدكتورة رتيبة الحفني: وهنا سنح لرامي خاطر ارتسم على وجهه واستطاعت أخته بغريزة المرأة أن تنفذ إلى خاطره، فقالت: ما رأيك، فقال: ولكن من أين آتي بالمال؟ قالت: أوليس معك ما يشتري خاتم؟ وكان هذا كل ما يملكه رامي، وبالفعل وافق الأهل على هذا الوضع وتزوجها رامي وغنت أم كلثوم للعروس: اللي حبك يا هناه، ودهش الجميع من زواج رامي وراحوا يتسائلون: أحقا يتزوج رامي؟ أحقا يتزوج المحب؟ وكان جواب رامي: نعم، سأتزوج، سأتزوج لأن نفسي تتوق إلى إنسان يحبني بلا غاية، يحبني لنفسي خالصا، تتوق نفسي لسماع أعذب كلمات هذه الدنيا، كلمة بابا، وكان حظ رامي سعيدا، فقد كانت زوجته امرأة حكيمة حليمة، ظلت بجانبه طول مشواره فلم تنزل على رغبات المستفزين والموقعين، كانت متفهمة لطبيعة العلاقة بينه وبين أم كلثوم، رأبت الصدع وحملت الحمل ولانت واستكانت له، فأحبها وأحبته، وعاشا معا إلى نهاية العمر.

أم كلثوم عروس أشعار رامي في حياتها وبعد موتها

من اللقاءات الأخيرة بين رامي وأم كلثوم، ذلك اللقاء الذي ودعها فيه في المطار في آخر رحلاتها العلاجية خارج البلاد، وبعد أن ودعها رامي وقبل أن يعود لبيته، جلس في إحدى صالات المطار وكتب:
وإني أنسى لا أنسى يوم المطار، وقد دنت الساعة القاضية
جلسنا مع الناس في نجوة، وغبنا عن الأعين الفانية
أسابقها في شمس الحديث، عن الشوق والذروة الأنسية
أين يكون اللقاء القريب، أفي مصر أم في دارها الغالية
ومر الزمان بنا لم نجد، له في حساب الهوى ثانية
إلى أن دنا وقتها للرحيل، على متن طائرة ماضية.

وعادت أم كلثوم من رحلتها العلاجية مريضة فلازمت الفراش، وزارها رامي وعندما هم بالانصراف أصرت أن توصله بنفسها، فكان هذا اللقاء بينهما هو لقاء الوداع، ورثاها رامي بعد موتها بقصيدته الخالدة:
ما جال في خاطري أني سأرثيها، بعد الذي صغت من أشجى أغانيها
قد كنت أسمعها تشدو فتطربني، واليوم أسمعني أبكي وأبكيها
صحبتها من ضحى عمري وعشت لها، أوف شهد المعاني ثم أهديها
سلافة من جنى فكري وعاطفتي، تديرها حول أرواح تناجيها
لحنا يدب إلى الأسماع يبهرها، بما حوى من جمال في تغنيها.

وإلى هنا أعزائي القراء نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة على أن نكمل الحديث في حلقات قادمة إن شاء الله.
دمتم في سعادة وسرور.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
1
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان