عن فيلم حسين صدقي الذي رفضه الملك وأبناء الثورة بسبب الفتنة الطائفية
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
حيرة كبيرة قد تسيطر على أي شخص يحاول تحليل شخصية الفنان حسين صدقي التي تشعر وكأنه يعمل في مجال بعيد كل البعد عن طبيعته، حسين صدقي الذي قدم أفلام أقل ما توصف به أنها “أفلام دعوية إسلامية” حتى أن سيد قطب نفسه أطلق عليه لقب (خطيب السينما) في مقال كتبه عنه بمجلة الأخوان المسلمين، رغم أن أغلب أفلام حسين صدقي كانت تنشر بالفعل أفكار لا تشبه المجتمع المصري في ذلك الوقت، إلا أن فيلم (ليلة القدر) كان الأكثر تطرفًا على الإطلاق، حيث أن المسيحيين والمسلمين والحكام اجتمعوا على منعه.
فيلم ليلة القدر كتبه وأخرجه وأنتجه الممثل حسين صدقي، حيث أن الفيلم يقدم صورة غير صحيحة عن الدين المسيحي ويتعمد تشويهه (كما صرح المجلس الثقافي الكاثوليكي في بيانه الرافض لعرض الفيلم) وتدور أحداث الفيلم حول الشيخ حسن الذي يحاول إصلاح المجتمع عن طريق خطبه التي تحرم الخمر ونصح النساء بإرتداء ملابس الحشمة، وايضًا الدفاع عن التعدد، ويقع الشيخ حسن الذي يقوم بدوره حسين صدقي في حب لويزا الفتاة المسيحية ابنته الخواجة، ويساعدها على الهروب من المنزل ويقنعه بأفكاره الدينية، وبالفعل تشهر لويزا التي تقوم بدورها ليلى فوزي إسلامها وتنجب له طفل، وعلى مدار الفيلم لا يتوقف البطل عن الوعظ.
وتم إنتاج الفيلم باسمه الأول (ليلة القدر) عام 1952 قبل ثورة يوليو بأشهر قليلة، الفيلم من بطولة حسين صدقي وهدى سلطان وليلى فوزي وعبد الوارث عسر.
أزمة فيلم حسين صدقي
عرض الفيلم للمرة الأولى في مارس عام 1952 تحت اسم (ليلة القدر)، وبعد عرضه بأسبوع واحد رفع من قاعات السينما بعد اعتراض كبير من المثقفين المسلمين والمسيحيين، وأيضًا المؤسسات الدينية في ذلك الوقت على المحتوى الذي يقدمه حسين صدقي من خلال فلمه، وأنه يؤجج الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين وهو أمر لم يكن يعرفه المصريين من الأساس في ذلك الوقت، وبالفعل أصدر الملك فاروق قرار بمنع عرض الفيلم في السينمات.
وبعد ثورة يوليو 1952، ذهب حسين صدقي بفيلمه للرئيس المصري محمد نجيب طالب منه عرضه في السينمات، إلا أن الاعتراضات طاردت الفيلم مرة أخرى واتهم بتشويه الديانة المسيحية ونشر أفكار متعصبة في المجتمع المصري، ولكن الحقيقة أن إيمان الراحل حسين صدقي الذي كان عضو بجمعية الشبان المسلمين وأخذ على عاتقه مسؤولية نشر أفكارهم من خلال الفن بفيلمه كان قوي جدًا.
ولم يمل من المحاولات وبعد أن تنحى الرئيس محمد نجيب عن حكم مصر، قام حسين صدقي بعمل تعديلات في الفيلم من أبرزها أن لويزا حبيبة الشيخ حسن ظلت مسيحية ولم تشهر إسلامها كما حدث في النسخة الأصلية، وأيضاً غير اسم الفيلم ليكون (الشيخ حسن) بدلاً من (ليلة القدر) وذهب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومعه أنور السادات كوسيط يطلب منه عرض الفيلم بعد التعديل.
ولكن نفس المشهد تكرر للمرة الثالثة على التوالي، فبعد أن وافق عبد الناصر على عرض الفيلم في أكتوبر من عام 1954، اعترضت النخبة المثقفة والمؤسسات الدينية وأيضًا المركز الكاثوليكي المصري للسينما لنفس الأسباب الخاصة بالمرتين السابقتين، ليأتي قرار عبد الناصر بمنع الفيلم للمرة الثالثة.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال