“غرائب احتفالات عيد الفطر زمان في مصر” الرحلات النيلية جريمة وخروج النساء ممنوع
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
«قومُوا إلى لذّاتكُمْ يا نيامْ * واترِعُوا الكأسَ بصفوِ المُدَامْ
هذا هِلالَ العيد قدْ جاءَنا * بمِنجلٍ يَحصُد شهر الصّيـامْ».
بيتان من الشعر نظمهما الشاعر الفارسي مؤيد الدين الطغرائي[1]، وألقاها القاضي أبو الحسن بن النبيه أمام شعراء مصر مع نقدٍ لآخر شطر من البيت الثاني[2]، ويعطيان جانبًا من أشكال احتفالات عيد الفطر زمان في مصر؛ والتي اعتراها في فترةٍ ما غرائب.
الحيوانات ضمن مواكب احتفالات عيد الفطر زمان
كان للخلفاء الفاطميين عادة عند خروجهم لصلاة العيد في مواكب من القصر إلى الجامع، وفي الطريق كانت تقام المصاطب التي يوضع عليها المؤذنين ويجلس على كل مصطبة جماعة من رموز الدولة الفاطمية، وإن كان الجنود هو القوام الأساسي للموكب إلا أن للحيوانات حضور أيضًا.
يذكر المُسَبِّحِي في تاريخه أنه بسنة 990م / 380هـ زمن العزيز بالله الفاطمي أن الفيلة والزرافات إلى جانب أصناف متعددة من الجنائب كانت تسير في الموكب ومزينة بالذهب[3]، أما المقريزي فيضيف ملمحًا آخر لشكل الاحتفالات مع الحيوانات فيقول في حوادث سنة 1141م / 536هـ أن هناك طائفة اسمها صبيان الخف من أهل برقة في ليبيا وتخصصوا في الألعاب البهلوانية باحتفالات عيد الفطر.[4]
منع النساء من الاحتفالات
مع العصر المملوكي كانت احتفالات المصريين بعيد الفطر وكذا عيد الأضحى مرتبطة بعادات وتقاليد بعضها كان له قبول وبعضها الآخر لم يكن له قبول، ومن العادات التي أثارت حفيظة رجال الدين في مصر زمن المماليك خروج النساء لشواطئ نهر النيل والبِرَك واستئجار المراكب للغناء وضرب الدفوف واختلاط النساء بالرجال في أوضاع رفضها علماء الدين واستدعت تدخلاً من الحاكم.[5]
من تلك الوقائع التاريخية ما جرى سنة 1390م / 792هـ حيث تقرر منع النساء من الخروج للمقابر، كذلك منع التنزه في النيل بالرحلات النهرية، وقد حكا المقريزي ذلك في تاريخه قائلاً «نودي في القاهرة بمنع النساء من الخروج يوم العيد إلى التُرَب، وأن لا يركب أحد في مركب للتفرج على النيل، وهدد من فعل ذلك بإحراق المركب، فلم يتجاسر أحد يخرج في العيد إلى القرافة ولا إلى ترب القاهرة».[6]
اقرأ أيضًا
بالأسماء والعناوين .. رحلة البحث عن تاريخ ارتباط تعاطي المخدرات بالأعياد في مصر “تحقيق”
ولعل من أعجب ما تعرضت له النساء في مصر زمان بالأعياد، أن خروجهن في العيد كان جريمة عقابها الإعدام، وحدث ذلك عندما داهم الطاعون أرض مصر في إبريل سنة 1437م / رمضان 840هـ فقام السلطان المملوكي العزيز جمال الدين يوسف بن برسباي بتوجيه سؤال للفقهاء عن الذنوب التي يتركبها الناس حتى يعاقبهم الله بالطاعون، فقال بعضهم إن الزنا فشا في الناس والنساء يتزين ويمشين في الطرق ليلاً ونهارًا في الأسواق، فاقترح بعضهم بمنع النساء من المشي في الأسواق، بينما رأى بعض آخر بمنع المتبرجات بينما العجائز لهن استثناء، لكن السلطان أمر بمنع خروج كل النساء من بيوتهن وأن لا تمر امرأة في شارع ولا سوق، ومن تخالف فسيكون جزاءها القتل، وبالطبع لم تخرج النساء من بيوتهن مما أدى لتعطل بيع كثير من البضائع وأمتعة النساء في العيد جراء ذلك القرار.[7]
[1] ديوان الطُغْرائي، ط/1، مطبعة الجوائب، قسطنطينية، 1300هـ / 1882م، ص119.
[2] ابن ظافر، بدائع البدائه، ضبط وتصحيح: مصطفى عبدالقادر عطا، ط/1، دار الكتب العلمية، لبنان ـ بيروت، 2007م / 1428هـ، ص ص127–128.
[3] المُسَبِّحي، أخبار مصر في سنتين، تحقيق: وليم چ. ميلورد، ط/1، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة – مصر، 1980م، ص185.
[4] المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ج2، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1418هـ / 1998م، ص376.
[5] أحمد عبدالرازق عبدالعزيز محمد، احتفالات المصريين بعيدي الفطر والأضحى في مصر عصر سلاطين المماليك، مجلة الدراسات التاريخية والاجتماعية – كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة نواكشوط، المغرب، ع30، 2018م، ص42.
[6] المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، ج5، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، 1418هـ / 1997م، ص311.
[7] المرجع السابق، ج7، ص ص350–352.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال