همتك نعدل الكفة
407   مشاهدة  

فقه تشريد الأطفال

فقه تشريد الأطفال
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



ملخص ما نُشر

أول حلقة تعريف العلمانية.. بعيد عن الهبد والتدليس.

التانية تأكيد على أزمة الدين مع الحداثة.

التالتة شرح أزاي التدين بيوقف الحال.

الرابعة توضيح علاقة التدين بالتخلف العلمي.

الخامسة استعرضنا أزمات الجواز الديني.

الحلقة دي هنتعرف على نوع تاني من المشاكل والأزمات المجتمعية، وهي التبني كمشكلة رئيسية بيتفرع منها مشاكل تانية زي أطفال الشوارع أو زيادة معدلات الجريمة والإدمان في سن الطفولة، وأزمات تانية موجودة نتيجة رضوخ المُشرِع القانوني للخطاب الديني.

فقه تشريد الأطفال
شنودة

الطفل شنودة

بدءت الأزمة تنتشر عن طريق خبر صحفي، مفاده أن، بسبب خلافات عائلية أو الطمع في الميراث، فيه واحدة بلغت أن قرايبها “المسيحيين” خاطفين عيل، النيابة أمرت بإجراء تحليل DNA، فكانت النتيجة إن الطفل فعلًا مش أبن الزوجين المتقدم فيهم البلاغ.

فأمرت النيابة بسحب الطفل منهم وإيداعه في أحد دور الرعاية، وتغيير ديانته إلى مسلم وبالطبع تغيير اسمه، وفي نفس الوقت أمرت بالإفراج عن الزوجين “لحسن نيتهم”.

بُنيت الأزمة على خمس

الموقف يبان من الوهلة الأولى إنه بسيط، لكنه في الواقع شديد التعقيد وناتج عن تضافر عدة أشكاليات، تختلف عن بعضها ولكن تشترك في مصدرها.. الخطاب الديني، هاستعرض منها هنا 5 إشكاليات (الهوية الموحدة، غياب القانون، البعد الديموجرافي، احتقار الحياة، زينب بنت جحش).

1- الهوية الموحدة:

إجراء تغيير دين الطفل إلى الإسلام واسمه إلى العروبة، بالإضافة لعدم مشروعية التبني، سببين قانونيين بناء عليهم أمرت النيابة بسحب الطفل من الأسرة “حسنة النية” وتسليمه لدار رعاية، مع تغيير اسمه وديانته.

ده لإن المُشّرِع متأثر بخطاب ديني مُتبني حديث منسوب للنبي بيقول أن كل مولود يولد على الفطرة، ودامج بين الحديث وبين تفسيره للآية 30 سورة الروم، وطالع بنتيجة أن كل مولود هو مسلم بالضرورة.

النيابة هنا بتنفذ القانون، وحالة شنودة مش فردية خالص، هي بس بالمصادفة تركيبتها جت بالشكل ده وكمان وصلت للإعلام، وبما أننا في عصر السوشيال ميديا فالموضوع بقى قضية رآي عام.

لكن الإجراء اللي خدته النيابة بيتكرر طول الوقت لإن ببساطة – وللأسف الشديد – هو ده القانون.

فقه تشريد الأطفال
صورة ضوئية من قرار أحد النيابات بالقاهرة

2- تنظيم التبني.. القانون الغائب:

إحنا ماعندناش أساسًا قانون لتنظيم عملية التبني، أه عندنا أزمة وجود ألاف مؤلفة من الأطفال المشردين ومجهولي النسب، معروفين حقوقيًا باسم المنسيون، وإعلاميا باسم أطفال الشوارع أو أطفال بلا مآوى.

أزمة نتج عنها شريحة مجتمعية وصلت النهارده للجيل التالت منها، نتج عنها جرايم كتيرة بيرتكبوها الأطفال دول (أغلبها سرقة وتسول) أو تُرتكب في حقهم زي تجارة الأعضاء أو استهدافهم بالاغتصاب والقتل زي التوربيني؟.

نتج عنها أعمال درامية تعرضت لهم بشكل مباشر أو غير مباشر.. من أيام مغامرات بلية مع الكَتعة في فيلم العفاريت (1990) إخراج/ حسام الدين مصطفى، مرورًا بفيلم حين ميسرة (2007) إخراج/ خالد يوسف، وصولًا إلى فيلم الغابة (2008) إخراج/ أحمد عاطف.

ده غير الأعمال الأدبية زي رواية تغريدة البجعة للروائي الراحل مكاوي سعيد، بس رغم كل ده مانتجش عنها قانون لتنظيم التبني.

أخرنا “الكفالة”، يعني الأسرة تتكفل بمصاريف الطفل.. بس وهو عايش في دار الرعاية، أو لو الدار هتتنازل وتسمح للطفل يتربى في بيت ووسط أسرة تحت مسمى الاحتضان أو الأسر البديلة، اللي بتضمنهم وتشرف عليهم مديريات التضامن الاجتماعي، بيكون أول شرط هو تطابق ديانة الأسرة الحاضنة مع ديانة الطفل.

بالتالي مافيش أسرة مسيحية ينفع تتبنى أو تحتضن طفل مجهول النسب، لإنه هيتقيد في الأوراق مسلم.

YouTube player

3- العدد في الليمون:

الخلفية الذهنية المنتجة للخطاب الديني “الإسلامي” فيها صراع ديموجرافي (علاقة عدد السكان بالأرض)، نقدر نلاحظه بسهولة في الاحتفاء المبالغ فيه بإسلام أي كائن حي والمناداة بقتل تارك الإسلام، رغم مخالفة حد الردة للنص القرآني نفسه.

مش مهم العدد ده مفيد ونافع في حاجة ولا مجرد رقم وخلاص، فالحديث المنسوب للنبي بيقول: (تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلودَ، فإني مُكَاثِرٌ بكم الأنبياءَ يومَ القيامةِ)، وحديث تاني بنفس المعنى بيقول: (تَناكحوا تَناسلوا أُباهي بكم الأممَ يومَ القيامةِ).

هنا أنا مش بناقش صحة الأحاديث من عدمها، إنما بأشاور على شكل الخطاب الديني ودوافعه، خطاب وصل تأثيره إنه وقف حجر عثر قصاد مشروع الدولة تنظيم الأسرة. خطاب يؤكد وجوده ومدى هيمنتهه محاولة المؤسسة الإسلامية “الرسمية” الرد عليه (لأسباب تخص المسألة السكانية فقط لا غير)، وطبعًا أغلبنا عارف مستوى ردود الناس على صفحة دار الإفتاء لما بتفتي.

4- دار ممر:

الخطاب الديني بيصدر لنا تفصيلة خطيرة جدًا، وهي تحويل إعلاء “الدين” لشأن الحياة الآخرة إلى حط من شأن الحياة المُعاشة.. وتحقيرها باعتبارها فانية، الشكل ده من الخطاب بيقلل جودة الحياة عمومًا (ما هي مش مهمة بقى.. فيبقى أداء العبادات أهم من المعاملات وأهم من تحسين شروط الحياة “الدُنيا”).

فقه تشريد الأطفال
فقه تشريد الأطفال

خطورة الجانب ده من الخطاب الديني (الإسلامي) له تأثير كارثي، فحسب هذه الرؤية: ضمان مآل الشخص بعد الموت أهم من ضمان أن يعيش حياة كريمة.

حوار تخيلي

صوت العقل: ما تسيبوا الواد مع أسرة تربيه وتعلمه ويعيش حياة كريمة.

الخطاب الديني: قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.

صوت العقل: يعني الواد مستقبله يضيع؟!

الخطاب الديني: ما هي إلا دار ممر إلى حيث المستقر.

إقرأ أيضا
شد الرحال

صوت العقل: طب يا جماعة الخير الطفل ده لما يتربى في دار رعاية أو في الشارع وارد جدًا يبقى مجرم، ويرتكب كم من الجرايم والمعاصي برضه تقوده في الآخرة إلى نار جهنم.

الخطاب الديني:

5- زيد وبنت جحش:

قصة زيد وزينب بنت جحش هي قصة مفصلية في موقف الخطاب الديني الإسلامي من التبني، واللي بيعتمد رجال الدين المسلمين كبيان تعليمي للتحريم.

YouTube player

وفعلًا نتج عن تفسيرات الحكاية دي خطاب ديني شديد الرفض للتبني بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف.

YouTube player

رغم إن نفس الخطاب الديني بيضرب بنفس الحيثيات (النسب، المواريث، المحارم) عرض الحائط في مواقف تانية ويقول أن الولد للفراش.

YouTube player

ده غير أن الروايات الإسلامية والخطاب الديني أكدوا إن زيد كان معلوم النسب، فقشطة لما تقولي مانسبهوش لمحمد.. لأني أقدر أنسبه لعيلته الأصلية، لكن لو كان مجهول النسب هنسبه لمين؟؟

YouTube player

على كل حال

موضوعي هنا مش مناقشة قضية زيد وزينب بنت جحش، ولا حق الكهنوت الإسلامي في تحريم التبني، ولا حتى أن الكهنوت المسيحي مش بيحرمه، خصوصًا إن المسيح نفسه كان بلا أب وتبناه يوسف النجار.

إنما يهمني الإشارة لخطورة تبني الدولة لخطاب ديني (أي كان نوعه)، لأن له أعراض جانبيه زي ما شوفنا وهيصعب تعديلها لإنها متحصنة بـ”الدين”، فلما تحاول تغيرها هتبقى بتواجه سلطة “رجال الدين” اللي وارد جدًا يدافعوا عن سلطتهم مستغلين “الخطاب الديني” اللي بيصدروه في تحريك مشاعر المواطنين، واللي هيشوفوا في معارضتهم للتغيير ممارسة للـ”تدين”.

بالتالي على مؤسسات الدولة، بشقيها التشريعي والتنفيذي، تجاوز الاحتكام للفتاوى والآراء الدينية، وتكون مرجعيتها هي قيم المواطنة القايمة على إعلاء مبدء المساواة وتكافوء الفرص بين كافة المواطنين بلا أي تمييز على أي أساس، باختصار تكون علمانية.

والدولة المصرية ليها سوابق هامة في تعطيل الأحكام الدينية المتعارضة مع حقوق المواطنة، زي إلغاء العبودية وملك اليمين على أيد الخديوي إسماعيل، وإلغاء الجزية على أيد الوالي سعيد باشا، ووصول الستات لمنصة القضا في عصرنا الحالي. وفي كل الحالات دي كان الخطاب الديني (بقيادة الأزهر) معارض ورافض بوضوح.

بكده تكون حلقتنا انتهت، واستعراض “بعض” النماذج من المشاكل المجتمعية كمان انتهى، والحلقة الجاية هتبقى (زي ما وعدت في الحلقة التانية) عن أزاي تغول الخطاب الديني على المجال العام بيضر بالدين نفسه ويجعل منه أضحوكة.

الكاتب

  • فقه تشريد الأطفال رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
2
أعجبني
3
أغضبني
3
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان