قصة صراع أصحاب المخابز مع صناع فيلم الفرن “حُوِّلت القضية للمحكمة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في فترةٍ واحدة وهي مارس وإبريل 1984م كانت المحاكم المصرية تنظر قضايا 3 أفلام، اثنين منهما للزعيم عادل إمام وبسببهما كانت القضية الثالثة بشأن فيلم الفرن لعادل أدهم ويونس شلبي.
كانت قضيتي عادل إمام متعلقتان بفيلم المتسول حيث الإساءة لبلدة خربتا بكلمة خربتها وحكمت المحكمة بالبراءة، بينما عوقب عادل إمام و4 فنانين بالحبس في فيلم الأفوكاتو قبل أن يصدر حكمًا ببرائتهم، ثم تبرئة عادل إمام من قضية سب مرتضى منصور.[1]
فيلم الفرن وأزمته مع أصحاب المخابز
عُرِض فيلم الفرن لأول مرة في 23 يناير 1984م وبعد شهر و20 يوم وتحديدًا في مارس من نفس العام، أقام 154 صاحب مخبز فرن في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وبورسعيد ودمياط والمنيا وأسيوط، دعوى أمام محكمة جنوب القاهرة طالبوا فيها بإلزام كل من منتج الفيلم محمود المنقبادي والمخرج إبراهيم عفيفي والفنان عادل أدهم بدفع نصف مليون جنيه تعويضًا عما أصابهم من أضرار أدبية، وطالب أصحاب المخابز بوقف عرض الفيلم؛ وقاموا بتوكيل المحامي الزناتي أبو المعاطي لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التي يترأسها المستشار ياسر الكفراوي وعضوية عادل مندور وعبدالحميد رضا وأمانة سر الحسيني عطية.
المحرر قدري عزب نشر نص عريضة الدعوى في جريدة الجمهورية وكانت تقول[2]، أن الفيلم يتعرض لحياة المعلم في إطار من البهيمية والفساد والعنجهية الجاهلة وتعاطي المخدرات والخمور والخوض في الأعراض وشرف الناس وحياتهم، ويُظْهِر أصحاب المخابز في صورة تستفز مشاعر الجماهير وتستنفر غضبهم، بل إن الفيلم يحرض الجمهور على الثورة على أصحاب المخابز وكراهيتم والتنكيل بهم خاصةً وهم على هذا النحو الفاسد في مجتمع إسلامي.
واستعرضت عريضة الدعوى أسباب رفض أصحابها للفيلم فقالت «الفيلم صور صاحب المخبز بأنه إنسان خلت منه صفة الإنسانية وألبسة صورة بهيمية منفرة، كيف يواجه أصحاب المخابز أولادهم وذويهم والشعب بعد ان يرى فيلم الفيلم وقد تجلت هذه الصورة السيئة في قدرة الفنان القدير عادل أدهم الذي يعتبر سببًا رئيسيًا وكبيرًا لإقبال الجمهور العريض على مشاهدة الفيلم، وكان عليه أن يرفض أن يكون السيف الذي يطعن به المنتج والمخرج أصحاب المخابز طعنةً تثير احتقار الرأي العام لهم وكراهيتهم».
واختتمت العريضة «الفيلم لا يمثل جريمة اجتماعية فقط وإنما جريمة جنائية أحدثت بأصحاب المخابز ضررًا بليغًا ويحق لهم التعويض بمبلغ 500 ألف جنيه ووقف عرض الفيلم بصورة مستعجلة».
ردود الفعل على أزمة فيلم الفرن
الفنان عادل أدهم سخر من ذلك وقال نصف مليون جنيه أجيبهم منين ؟ يعني أنا هتحبس بيهم ؟!، واستنكر هذه الظاهرة التي تدفع بعض الطوائف للاحتجاج على مثل هذه الأفلام وقال أننا نقدم أنماطًا من البشر موجودة في المجتمع، وصفحات الجرائد اليومية فيها الرشوة والاختلاس والاستغلال والسرقة والقتل ولابد لكي يؤدي قطاع الفن دوره، أن تقدم هذه النماذج مرة من خلال محامي ومرة من خلال طبيب أو فران أو جزار.
بينما قال سعد الدين وهبة نقيب السينمائيين «غير معقول أن تحتج كل طائفة عندما يظهر الفيلم بعض شرائح المجتمع، فكل طائفة بها الحسن والقبيح وليس هناك طائفة معصومة من الخطأ والإشارة لشخصية منحرفة لا يعني أن كل الشخصيات كذلك».
أما الفنان حمدي غيث نقيب الممثلين قال «هذا عبث والانسياق وراء هذا الاتجاه سيجعل المسألة فكاهية والمسئول عن ذلك هم المحامين، فليس منطقيًا أن تقوم بعض الطوائف الأخرى بالاعتراض على كل فيلم لأنه يمس قطاعًا من حياتها»؛ حُوِّلَت القضية إلى المحكمة لكنها رفضت الدعوى ولم يتم منع الفيلم أو تعويض أصحابه.
اقرأ أيضًا
عن دور أحمد عدوية في فيلم أنياب “رُشِّح له عادل إمام ومحمد صبحي”
[1] محرر، براءة عادل إمام من تهمة القذف، جريدة الجمهورية، ع8 ديسمبر 1985م، ص10.
[2] قدري عزب، الفرن في المحكمة، جريدة الجمهورية، ع14 مارس 1984م، ص1.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال